منذ حوالي ساعة
من أعظم الفتن التي نشاهدها يوميًّا النظر للأغنياء والمترفين على وسائل التواصل المختلفة، فانتبه لهذه الفتنة، وانظر إلى من هو أقل منك في الدنيا ولا تنظر إلى من هو أعلى منك؛ لئلا تحتقر نعم الله عليك.
قال عون بن عبدالله (رحمه الله): ” كنت أجالس الأغنياء، فلم أزل مغمومًا، كنت أرى ثوبًا أحسن من ثوبي، ودابَّة أفره من دابتي، فجالست الفقراء؛ فاسترحت”.
من أعظم الفتن التي نشاهدها يوميًّا النظر للأغنياء والمترفين على وسائل التواصل المختلفة، فانتبه لهذه الفتنة، وانظر إلى من هو أقل منك في الدنيا ولا تنظر إلى من هو أعلى منك؛ لئلا تحتقر نعم الله عليك.
وتذكر أن ربك هو مقسم الأرزاق، وهو العليم بما يصلحك، وقد جعل بعضنا لبعض فتنة، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} [الفرقان: 20]، الغني فتنة للفقير، والصحيح فتنة للمريض، والمبتلى فتنة للمعافى.
قال الطبري في تفسير الآية السابقة: “يقول هذا الأعمى: لو شاء الله لجعلني بصيرًا مثل فلان، ويقول هذا الفقير: لو شاء الله لجعلني غنيًّا مثل فلان، ويقول هذا السقيم: لو شاء الله لجعلني صحيحًا مثل فلان.
وحُكي “أن المزني رحمه الله خرج من باب جامع الفسطاط وقد أقبل ابن عبد الحكم في موكبه فبهره ما رأى من حسن حاله وحسن هيئته، فتلا قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ} [الفرقان: 20]، ثم قال: بلى، أصبر وأرضى وكان فقيرًا مقلًّا”.
فالذي هو في بيته لا يبتلى بمثل هذه الفتن، والذي يغلق هذه الصفحات والمواقع لا يُبتلى بمثل هذه الفتن، فأغلق عليك هاتفك ولا تفتح على نفسك باب فتنة بعيدة عنك، ولا تمدنَّ عينيك إلى ما متَّع الله به بعض الناس من زينة الحياة الدنيا؛ فإنما ذلك ليبتليهم ويفتنهم فيها.
افتح قلبك وتأمل هذه الآية، قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131].
ومن ذلك أن ينظر الرجل لامرأة أجمل من زوجته فلا يقنع بزوجته، أو تنظر الزوجة لغنى زوج صديقتها فتقول بلسان حالها قبل مقالها: “يا ليت لي مثل ما أوتيت صديقتي” فتتحَسَّر على حالها وحال زوجها، وتظل تلومه على ضيق رزقه قائلة مثلًا: “انظر إلى صديقتي فلانة، زوجها أهدى لها خاتمًا من الألماس، واصطحبها في رحلة إلى كذا وكذا، أما أنا فحظي سيئ”، فتكثر المشاكل وتزيد الفجوة بينهما، وقد ينتهي الأمر بالطلاق؛ لأن تطلُّعات الزوجة وأحلامها ارتفعت جدًّا عن قدرات زوجها المسكين، أو ترى الأم أطفالًا أفضل أو أذكى من أطفالها فتحزن على أبنائها الذين هم نعمة الله عليها والنعمة التي يتمنَّى بعض الناس الظفر منها ومستعد لدفع الغالي والنفيس ليرزقه الله بطفل واحد.
انتبه أن تحتقر نعم الله عليك وتتسخطها، وتعترض على اختياره لك وأنت لا تشعر.
ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، ولا تكن كمن رأوا قارونَ في زينته فتمنوا ما عنده، فقالوا: {يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [القصص: 79]، فلما خسف به وعلموا أن الله رحمهم ألا يكونوا مثله ولا يفتنوا فتنته، قالوا كما قال الله عنهم: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [القصص: 82].
عندها فقط عرفوا أن الله هو الذي يبسط الرزق أو يقدره على عباده تبعًا لمصلحتهم، وعرفوا كم أن الله مَنَّ عليهم أن لم يجعلهم مثل قارون.
_________________________________________________
الكاتب: سمر سمير
Source link