منذ حوالي ساعة
الكلمة أمانة ومسؤولية، ولها تأثير الإيجابي والسلبي على مستوى الأفراد والمجتمعات، فيمكن للكلمة الطيبة أن تكون مصدرَ قوةٍ وتحفيز، وإبداع وإلهام، وأن ترفع المعنويات ويمكن للكلمة غير المدروسة أن تكون سببَ ضعفٍ وخمول، وانتكاسة وشقاء.
الكلام وسيلة أساسية لنقل المعلومات والمعارف، وتبادل الخبرات والتجارِب، وهو عنصر مهمٌّ للتفاهم والتواصل الإنساني، وله دور كبير في بناء العلاقات، وتعزيز التواصل، وفهم الآخرين، وللكلام لحنٌ يفهمه أصحاب الذوق السليم، ورُبَّ كلمةٍ حرَّكتِ الهِمَم وأحيَت الأمم، وأوصلت إلى القمم، وبضدها تتبين الأشياءُ.
والكلمة أمانة ومسؤولية، ولها تأثير الإيجابي والسلبي على مستوى الأفراد والمجتمعات، فيمكن للكلمة الطيبة أن تكون مصدرَ قوةٍ وتحفيز، وإبداع وإلهام، وأن ترفع المعنويات وتشجع الآخرين، وتُذكي روح التنافس فيهم، ويمكن للكلمة غير المدروسة أن تكون سببَ ضعفٍ وخمول، وانتكاسة وشقاء، وتحطيم النفس، وهدم الصداقة، وتدمير الشخصية.
ولقد كرَّم الله تعالى الإنسان وأفرده بنعمة الكلام والبيان؛ فقال تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 3، 4]؛ أي: علَّمه النطق والكلام؛ كما يقول ابن كثير: “أو علَّمه التعبير والإيضاح عما في ضميره”، كما يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: “وجعل النبي صلى الله عليه وسلم الكلمةَ مسؤولية، وحثَّ على ضبطها، وحذَّر من (حصائد الألسن)”.
وفي عصرنا الراهن كثُر كلامُ الناس وخَوضُهم في أشياءَ كثيرةٍ؛ إذ أصبح من التفاخُرِ والتباهي عند البعض إبداء الرأي، وحشر النفس في كل شيء ولو من دون علمٍ، ومعرفة، وفَهمٍ، وبصيرة، ولكن حرصًا على الشهرة والأضواء الوهميَّة، وأن يُشار إليهم بالبنان، وتطرح وجهات نظرهم، على المنابر الإعلامية.
والمتابِعُ لوسائل التواصل الاجتماعي يدرك خطورة الكلام وانتشاره بشكل هائل، فترى أطفالًا وشبابًا يتحدثون في أمور كبيرة، ومسائلَ عظيمة، يعجز عن إدلاء الرأي فيها أهل الفِكْرِ والنظر، وأصحاب الدراية والاختصاص الذين أفنَوا أعمارهم في خدمة العلم والمعرفة.
ووصلت الجرأة والتسرع بالبعض أنه يتكلم في أمور الدين والقضايا المصيرية للأمة دون رادعٍ أو وازعٍ، ويفسرها بحسب تفكيره وهواه، فيُسهم في إفساد الذوق، وهدم الأخلاق، ونصرة الباطل، وتعزيز السلبيات؛ {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].
شمعة أخيرة:
تزداد مسؤولية حَمَلَةِ العلم وأصحاب الرسالة الدينية في الانتباه إلى كلماتهم، وانتقائها بعناية؛ حتى تزرع الأمل والطمأنينة، والقيم والأخلاق، والعفاف والمروءة في المجتمع، وحتى تبنيَ ولا تهدم، وتجمع ولا تفرِّق، وتُسعدَ ولا تحزن، وتكون بلسمًا على قلوب الآخرين، وطاقة إيجابية يشع منها معاني الخير والصلاح، والهدى والنور، والدعم والإلهام، والتربية والتهذيب، والتحفيز وبناء الأجيال؛ {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 17].
______________________________________________
الكاتب: د. سعد الله المحمدي
Source link