وصايا للشباب – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة

إن من عظيم مراحل الإنسان في عمره مرحلة شبابه، هذه المرحلة الذهبية التي هي من أنفع وأطول وأحسن المراحل، وهي مرحلة مهمة إذ الشباب عنوان نماء، وسبيل بناء، ومشروع اعتماد، ومصدر قوة، ومنطلق خير، وميدان عطاء.

إن من عظيم مراحل الإنسان في عمره مرحلة شبابه، هذه المرحلة الذهبية التي هي من أنفع وأطول وأحسن المراحل، وهي مرحلة مهمة إذ الشباب عنوان نماء، وسبيل بناء، ومشروع اعتماد، ومصدر قوة، ومنطلق خير، وميدان عطاء.

 

عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع؛ عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه ما عمل به؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن شبابه فيم أبلاه» ؟[1].

 

وممن خصهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيمن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: «وشاب نشأ في عبادة الله»[2].

 

عندما يذكر الشباب – عباد الله – نتذكر جل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ممن التفوا حول نبيهم، وناصروه ونصروا دينه، وأحيوا سنته، وفتح الله عز وجل بهم الأمصار؛ مثل: طلحة والزبير، وسعيد وابن عوف، وسعد وعلي، وغيرهم كثير من المهاجرين، ومعاذ بن جبل، وسعد بن معاذ، وأنس بن مالك، وعباد بن بشر، وأسيد بن حضير، وغيرهم كثير من الأنصار، وعندما يذكر الشباب عباد الله، نتذكر الفتية الذين آووا إلى الكهف فارين بدينهم:  {نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى * وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا}  [الكهف: 13، 14].

 

وإذا ذكرنا الشباب عباد الله، تذكرنا مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنه، وأصحابه الذين رحلوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، تاركين ديارهم وأهليهم؛ يقول مالك رضي الله تعالى عنه: ((أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا، فظن أنا قد اشتقنا إلى أهلنا، فسألنا عمن تركناه من أهلنا، فأخبرناه، فقال: «ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا عندهم وعلموهم، ومروهم إذا حضرت الصلاة، فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم»[3].

 

وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعتني بالشباب، ويراعي ما يحتاجون إليه؛ ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء»[4].

 

فلا بد للشباب – عباد الله – أن يكون الصحب الكرام، والأئمة الأعلام، والصالحون من عباد الله، والمجاهدون في سبيل الله، ممن لهم أثر صالح في الأمة، قدوة لهم وأسوة حسنة لهم، تتسامى الهمم، وتصدق العزائم، ويقوى الدين، ويعظم اليقين، ويصيرون عناصر حسنة، وشبابا صالحين، ينهضون بدينهم ومجتمعهم، نريد شبابا قد تربى على القرآن وحبه، عاش في كنف الله مبتغيا رضا الله عز وجل والجنة، شبابا قد تربى على بر الوالدين، وتوقير الكبير، والرحمة بالصغير، شبابا حبب إليه الصدق في الأقوال، وبغض إليه الكذب، نبراسه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق، حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب، حتى يكتب عند الله كذابا»[5].

 

نريد الشاب الذي لا يصاحب إلا الصالحين الأتقياء؛ إذ الشر كل الشر في مصاحبة الأشرار الفاسقين؛ الذي يقول أحدهما لصاحبه يوم القيامة:  {يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين}  [الزخرف: 38].

 

الشاب الذي تربى على الولاء لهذا الدين، ولا يؤمن بقبلية مقيتة، ولا عنصرية مظلمة، ولا طبقية مستكبرة، ولا حزبية يبغضها الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، بل استقام على الصراط المستقيم، ووالى المؤمنين، وليس في لغته وثقافته تمايز بين أقرانه وإخوانه، إلا تقوى الله عز وجل؛ على حد قول الله سبحانه:  {إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير}  [الحجرات: 13].

 

 

إن من أعظم الوصايا للجميع – وللشباب خاصة – أن نتوب إلى الله تعالى:  {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار}  [التحريم: 8]؛ إذ لا سبيل إلى فلاحك إلا بتوبتك إلى الله، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له:  {وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون}  [النور: 31].

 

أيها الشاب، اقرأ سيرة السلف الصالحين، وسيرة سيد المرسلين وغزواته، وانظر إلى ما قام به الصحب الكرام من قتال باسل، واستجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

 

أيها الشاب، تذكر نعمة الله عليك وما أعطاك من نعم عظيمة من قوة وصحة وعقل؛ فاتخذ ذلك سلما لطاعة الله عز وجل.

 

أيها الشاب:

واهجر الخمرة إن كنت فتى   **   كيف يسعى في جنون من عقل 

 

إياك والمخدرات والمسكرات والمفترات، واترك عادة التدخين التي تذهب بالصحة، وتضيع المال، وتؤذي جلساءك.

 

أيها الشاب: احذر من الشهوات التي تسقط صاحبها، وتخلص من أسرها، واحذر من طرق الهوى والزيغ، هذه الشهوات التي تغضب الله تعالى خدرت الهمم ونومت العزائم، ويصير بها المرء أسيرا للشيطان.

 

احذر – أيها الشاب – من الأفكار المنحرفة، والشبهات المفسدة، والبدع الضالة.

 

أيها الشاب: حافظ على وقتك لا تهدره فيما لا ينفعك، واحرص على ليلك من السهر المفرط والجلسات التي لا فائدة فيها ولا منها.

 

أيها الشاب: حافظ على صلاتك التي أمرك الله عز وجل بالمحافظة عليها، ولا تتأخر عنها أبدا.

 

لا تغتر بشبابك أيها الشاب، فالموت ليس للكبار، بل لكل من حضر أجله، وانقضى عمره من كبير أو صغير، من مريض أو صحيح.

 

أكثروا ذكر هادم اللذات – الموت – نسأل الله عز وجل التوفيق والسداد لشبابنا وشاباتنا، اللهم اهد من ضل منهم، اللهم يسر لهم أمرهم، واشرح لهم صدورهم، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اهدنا ويسر الهدى لنا.

 


[1] رواه الترمذي (2417)، وقال: “هذا حديث حسن صحيح”.

[2] أخرجه البخاري (6806)، ومسلم (1031).

[3] البخاري (6008)، ومسلم (674).

[4] البخاري (5065)، ومسلم (1400).

[5] أخرجه البخاري (6094)، ومسلم (2607).

_____________________________________________
الكاتب: سعد محسن الشمري


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خصائص العبادات في الإسلام

“عِبَادَاتٌ خَالِصَةٌ – عِبَادَاتٌ تَوْقِيفِيَّةٌ – عِبَادَاتٌ مُبَاشِرَةٌ – عِبَادَاتٌ شَامِلَةٌ – عِبَادَاتٌ مُسْتَمِرَّة”. Source …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *