منذ حوالي ساعة
إن فتح القلوب، وكسب حب الشعوب؛ أولى من فتح الدول، وأشد من شن الحرب، وإن قلوب الناس لا تفتح إلا بالحب لهم، والرحمة والرفق بهم، والصبر عليهم، ورد الأمر إليهم، فقد بعثكم الله هداة ودعاة…”
أيها السوريون الأحرار والمجاهدون الثوار الأبرار:
لقد أدهشتم العالم بهذا الفتح، وبروح العفو والصفح، والتسامح والمحبة، فقد كانت نفحة من روح الله ورحمته، هبت على سوريا بعد عقود من القسوة والطغيان، وظلم الإنسان فيها لأخيه الإنسان، وشيوع العداوة والبغضاء بين فئات المجتمع، ولقد كان شعبكم في أشد الحاجة لمن يمسح دموع اليتامى، ويفرج كرب الأيامى، ويرفق بالضعفاء، ويرحم البؤساء، ويحفظ للناس كرامتهم، ويعيد إليهم حريتهم، ويفك أسرهم، ويرفق بهم، فأحييتم بذلك هدي نبيكم، نبي الرحمة ﷺ كما قال الله عنه: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
وكما قال ﷺ في أول خطبة في المدينة: «أحبوا من أحب الله، أحبوا الله من كل قلوبكم، وتحابوا بروح الله بينكم».
فهذه التجليات الإنسانية كلها من روح الله ونفحاته الرحمانية الإيمانية.
وقال ﷺ حين دخل المدينة: «أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» ).
فالإسلام دين السلام، وأرضه دار السلام {والله يدعو إلى دار السلام}.
أيها المجاهدون:
لقد بعثكم الله ونصركم رحمة وهداية، وإن فتح القلوب، وكسب حب الشعوب؛ أولى من فتح الدول، وأشد من شن الحرب، وإن قلوب الناس لا تفتح إلا بالحب لهم، والرحمة والرفق بهم، والصبر عليهم، ورد الأمر إليهم، فقد بعثكم الله هداة ودعاة، لا قضاة، ولا جباة، فلا يشغلكم تغيير ومنع ما ترونه من أوضاع جاهلية لا ترضونها، عما هو أولى وأجل وهو هداية أهلها إلى الخير، ودعوتهم إلى الحق، لا بروح الوصاية عليهم، بل بروح المحبة لهم، والرفق بهم، كما قال النبي ﷺ: «خير أمرائكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشر أمرائكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم».
وقال أيضا: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به، ومن شق عليهم فاشقق عليه»، وقد استجاب الله دعاءه ﷺ.
وقال ﷺ: «يا علي لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم».
أيها الثوار الأحرار:
لقد نصركم الله بأسباب شرعية وقدرية وأولها بعد التوكل على الله: اجتماع الكلمة، وتآلف القلوب؛ وهي العصمة من الفتن؛ فالزموها، {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}.
وعليكم بالوفاء بالعهد، فإنه من أعظم أسباب النصر {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا}.
وقد حذركم النبي ﷺ أن تنافسوا على الدنيا، فاجعلوها خلف ظهوركم، فإن بيعتكم مع الله ورسوله ﷺ قائمة حتى تردوا عليه الحوض، لم تبدلوا ولم تغيروا، والدنيا ظل زائل ومتاع قليل.
أتم الله عليكم وعلى شعبكم نعمة الأمن والأمان والإيمان وجعلكم هداة رحمة، ودعاة خير، وشداة حق وعدل.
آمين آمين
Source link