تعويد الأبناء على التوبة والاستغفار

الاستغفار والتوبة من أَجَلِّ العبادات التي يتقرَّب بها العبدُ إلى الله؛ لأنَّ بواسطتهما يرجع العبدُ عن زلَّته وخطئه الذي اقترفه، فالخطأ من طبيعة ابن آدم؛ كما قال ﷺ: «كلُّ ابنِ آدم خطَّاء، وخيرُ الخطَّائين التوابون»

الاستغفار والتوبة من أَجَلِّ العبادات التي يتقرَّب بها العبدُ إلى الله؛ لأنَّ بواسطتهما يرجع العبدُ عن زلَّته وخطئه الذي اقترفه، فالخطأ من طبيعة ابن آدم؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «كلُّ ابنِ آدم خطَّاء، وخيرُ الخطَّائين التوابون»؛ (أخرجه الترمذي).

 

والاستغفار هو طلبُ المغفرة من الله سبحانه، مع الإقرارِ بالذنب، وتركه، والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل، ويُشترط لقبول التوبة والاستغفار أن يكون صاحبُها مسلمًا، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، وأن يكون كسبُه حلالًا، متورِّعًا عن كسب الحرام مهما تعدَّدت أشكاله؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، وأن يمتنع عن تكرار الذنوب، لأن الإصرار عليها توبةُ الكذَّابين؛ قال تعالى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135].

 

تقول إحدى الفتيات: “أحاول الاستقامة والتقرُّب إلى الله، ولكنني كلما أذنبت ذنبًا ثم تبتُ إلى الله، عدتُ إليه، ثم أبكي وأستغفر، وأقول في نفسي: هل هذا جزاءُ النِّعم التي أنعمها الله عليَّ؟ ثم أرجع إلى نفس الذنب، ثم أتوب ثم أرجع وهكذا، أحاول قدر استطاعتي ألَّا أجهرَ بمعصيتي حتى لا يتأثَّر بي أحد، كيف أطلب القرب من الله وأنا أعود وأكرِّر الذنب مرةً تلو الأخرى؟ علمًا بأنني محافظة على الصلاة والأذكار، وأخاف أن أموت، فلا يقبل الله توبتي، ساعدوني أرجوكم”.

 

أيها الآباء وأيَّتها الأمهات، أبناؤنا وبناتُنا محتاجون إلى أن نساعدهم، وأن نُرشدهم إلى طريق الهداية والصواب، وأن نُعلِّمهم بعض الطرق التي تساعدهم على التوبة؛ ومنها:

• أن نكون قدوةً صالحة لهم، فهم يعيشون معنا، ويشاهدوننا: كيف نستغفر الله؟ وكيف نحافظ على الطاعة؟ وماذا نعمل عند فعل المعصية؟ وكيف نتصرف عند الفتن؟ ولذا يجب أن نكون أمثلةً حيَّةً وصالحةً لهم.

 

• تعليمهم آداب الاستغفار والتوبة بالحوار الهادئ وبالأسلوب اللطيف، مع ذكر الآيات والأحاديث الصحيحة وقصص السلف الصالح.

 

• تعويدهم على اجتناب الأماكن التي تكثُر فيها المعصية حتى لا يعتادوا عليها، وتعليمهم كيف يستخدمون الأجهزةَ الإلكترونية بطريقة صحيحة.

 

• تعليمهم أهمية الاستغفار والتوبة والرجوع إلى الله، وألَّا ييئسوا من رحمة الله مهما بلغت ذنوبهم.

 

• تعويدهم على قراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسير السلف الصالح، وأنهم بشرٌ يُخطئون، ثم يتوبون ويعودون إلى الله.

 

• الحرص على الصحبة الصالحة؛ فهي تُعينهم على الاستغفار والتوبة والإكثار من الطاعات، والحذر من أصحاب السوء، فإنهم يجعلون العبد يعتاد على المعصية وتكرارها.

 

• الثناء على الأولاد عند استغفارهم ورجوعهم إلى الحق، وأن الرجوع هو طريق الأقوياء والصالحين.

 

• الدعاء لهم بالتوفيق والهداية والصلاح، وتعويدهم على الاستغفار والذكر، وطلب المغفرة والدعاء بأن يُجنِّبهم المعاصي والفتن.

 

• تذكيرهم بفضل الاستغفار والتوبة، وأنه يمحو الذنوب كلَّها؛ قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].

 

أيها الآباء، علينا أن نعلِّم أولادنا أن للاستغفار آدابًا؛ ومنها: أن يكون القلبُ حاضرًا، ومتوجهًا إلى الله، وأن تكون التوبة صادقة، وأن يحرصوا على التوبة من جميع الذنوب والخطايا، الصغيرة منها والكبيرة، وأن يتعرَّفوا على الآثار السلبية لها، سواء كانت عليهم أو على الآخرين، وأن يشعروا بالندم على اقترافها وتكرارها.

 

علينا أن نُعلِّم أولادنا أن للتوبة علاماتٍ؛ ومنها: أن يكون العبد بعد التوبة خيرًا من قبلها، وأن يُكثِر من الطاعات، ويصاحب أهل الخير، ويحرص على ترك المعاصي وأهلها.

 

أسأل الله العظيم أن يُصلح أولادَنا، وأن يُنبتَهم نباتًا حسنًا، وأن يُطهر قلوبَهم من الشهوات والشبهات، وأن يحفظهم من كل شرٍّ وفتنة.

 

وصلى الله على سيدنا محمد.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

من أقوال السلف في أشراط الساعة – فهد بن عبد العزيز الشويرخ

فمن رحمة الله عز وجل بعباده أن للساعة علامات وأشراط قبل وقوعها من أجل يستعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *