ثمرات تفريج كربات الناس – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة

أفضل المؤمنين هم الذين يفرِّجون كربات الناس: قالر سول الله ﷺ «خير الناس أنفعهم للناس».

الحمد لله، الذي وسِع كل شيء رحمةً وعلمًا، وأسبغ على عباده نعمًا لا تُعد ولا تُحصى، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا؛ أما بعد:

فنستطيع أن نوجز الثمرات الطيبة المباركة لتفريج كربات الناس في الأمور التالية:

(1) تفريج كربات الناس طريق الحسنات:

الله تعالى حثَّنا على السعي في تفريج كربات الناس؛ لأن ذلك من وسائل التقرب لله تعالى والحصول على الحسنات.

 

قال الله تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المزمل: 20].

 

• قال الطبري رحمه الله: “ما تقدموا – أيها المؤمنون – لأنفسكم في دار الدنيا من صدقة، أو نفقة تنفقونها في سبيل الله، أو غير ذلك من نفقة في وجوه الخير، أو عمل بطاعة الله من صلاة أو صيام أو حج، أو غير ذلك من أعمال الخير في طلب ما عند الله، تجدوه عند الله يوم القيامة في معادكم، هو خيرًا لكم مما قدمتم في الدنيا، وأعظم منه ثوابًا”؛ [تفسير الطبري، ج23، ص398، 399].

 

(2) الله تعالى يحب الذين يفرِّجون الكربات:

روى ابن أبي الدنيا والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس»؛ (حديث حسن، صحيح الجامع للألباني، حديث: 176).

 

(3) أفضل المؤمنين هم الذين يفرِّجون كربات الناس:

روى الطبراني عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس أنفعهم للناس»؛ (حديث حسن، صحيح الجامع للألباني، حديث: 6662).

 

(4) تفريج الكربات من أبواب التعاون على الخير:

التعاون بين أفرد المجتمع على الخير ضرورة إنسانية واجتماعية، لا يستطيع الناس الاستغناء عنها؛ قال سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].

 

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: “يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات؛ وهو البِرُّ، وترك المنكرات؛ وهو التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل، والتعاون على المآثِم والمحارم”؛ (تفسير ابن كثير، ج5، ص18).

 

روى مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له قال: فجعل يصرِّف بصره يمينًا وشمالًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان معه فضلُ ظهرٍ، فليَعُدْ به على من لا ظهرَ – دابة– له، ومن كان له فضل من زادٍ، فليَعُدْ به على من لا زاد له»؛ (مسلم حديث: 1728).

 

قوله: (يصرف بصره يمينًا وشمالًا): متعرضًا لشيء يدفع به حاجته.

 

قوله: (من كان معه فضل ظهر): زيادة ما يرُكب على ظهره من الدواب.

 

قال الإمام النووي رحمه الله: “في هذا الحديث الحث على الصدقة والجود، والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب، والاعتناء بمصالح الأصحاب”؛ (مسلم بشرح النووي، ج6، ص275).

 

(5) تفريج الكربات سبيل انتشار المحبة بين المسلمين:

روى مسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»؛ (مسلم حديث: 2586).

 

(6) الله تعالى في عون الذين يفرجون الكُرُبات:

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نفَّس عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على مُعسِر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»؛ (مسلم حديث: 2699).

 

قوله: (والله في عون العبد): فيه تنبيه على فضيلة عون الأخ على أموره، وإشارة إلى أن المكافأة عليها بجنسها من العناية الإلهية، سواء كان بقلبه أو بدنه أو بهما لدفع المضار، أو جذب المنافع إذ الكل عون؛ [مرقاة المفاتيح، علي الهروي، ج7، ص3104].

 

(7) تفريج الكربات أمان للمسلم يوم القيامة:

روى ابن أبي الدنيا والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحبُّ الأعمال إلى الله سرور تُدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربةً، أو تقضي عنه دَينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد – يعني مسجد المدينة – شهرًا، ومن كفَّ غضبه، ستر الله عورته، ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يُمضيه أمضاه، ملأ الله عز وجل قلبه أمنًا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى أثبتها له، أثبت الله عز وجل قدمه على الصراط يوم تزِلَّ فيه الأقدام، وإن سوء الخلق لَيُفسد العمل كما يُفسد الخلُّ العسلَ»؛ (حديث حسن، صحيح الجامع للألباني، حديث: 176).

 

في هذا الحديث أشار نبينا صلى الله عليه وسلم إلى فضل الذين يقضون حوائج الناس ويعم نفعهم لغيرهم، بأنهم آمنون من عذاب الله تعالى يوم القيامة.

 

أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، ويجعله في ميزان حسناتي يوم القيامة؛ {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم الكِرام.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

______________________________________________
الكاتب: الشيخ صلاح نجيب الدق


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

من درر العلامة ابن القيم عن الصدقة – فهد بن عبد العزيز الشويرخ

فالصدقة من المواضيع التي تكلم عليها العلامة ابن القيم, رحمه الله في عدد من كتبه, …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *