أحقَّ وأولى ما ينبغي على المسلم أن يعتني به: هو الحرصُ على اقتفاءِ آثارِ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وتعلُّمِ سنته وهديه، والتأسي به في كل جانبٍ من جوانب حياتهِ، ما استطاع المسلم إلى ذلك سبيلاً..
معاشر المؤمنين الكرام: في زمنٍ اشتدت فيه غربةُ الدين، وتكاثرت فيه الفتن، وتزاحمت فيه المغريات والملهيات.. وانفتحت فيه الدنيا على الناس بملذاتها وشهواتها، فكان أن قلّ الاهتمامُ بتعلُّمِ سنةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وابتعدَ الناس كثيراً عن تطبيقها وتعليمها والدعوة إليها.. علماً أنَّ أحقَّ وأولى ما ينبغي على المسلم أن يعتني به: هو الحرصُ على اقتفاءِ آثارِ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وتعلُّمِ سنته وهديه، والتأسي به في كل جانبٍ من جوانب حياتهِ، ما استطاع المسلم إلى ذلك سبيلاً..
وما هي السنة؟.. السنة هي كل ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو وصف.. قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِين ﴾ [المائدة:92].. ومن هنا تأتي أهمية تلك الوصية النبويّة القوية، التي جاءت في الحديث الصحيح، حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال: “وَعَظَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم موعِظَةً بليغَةً، وَجِلتْ منها القلوبُ، وذَرَفتْ منها العُيونُ، فقُلنا: يا رسولَ اللهِ كأنَّها موعِظَةُ مُودِّعٍ فأوْصِنا. قال: “أُوصيكُم بتَقوى اللهِ، والسَّمعِ والطاعَةِ وإنْ تأمَّر عليكم عبدٌ حبشيٌّ، وأنَّه مَن يَعِشْ منكم فسَيَرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الراشِدينَ المْهدِيِّينَ، عَضُّوا عليها بالنواجِذِ، وإياكم ومُحدثاتِ الأُمورِ؛ فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ”.. «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ».. “عليكم بسنتي”.. أي الزموا سنتي لزوما عاماً.. الزموها في عقائدكم الزموها في عباداتكم، الزموها في أخلاقكم، الزموها في معاملاتكم، الزموها في كل شأنٍ من شؤون حياتك، ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب:21]..
(عليكم بسنتي) فمن هم أهل السنة؟، إنهم الذين وقفوا عند نصوص الكتاب والسنة، وساروا على نهجمها بكل دقة، واستغنوا بهما عن كل ما سواهما من الأقوال والآراء والأهواء، ودعوا الناس إليهما على علمٍ وبصيرة، وإخلاص لوجه الله، فهم بحبل الله جميعًا معتصمون، وبالعروة الوثقى مستمسكون، وبهدي رسوله صلى الله عليه وسلم مهتدون.. ﴿ قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين ﴾ [يوسف:108]..
«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ».. فهي دعوةٌ للتمسك القوي بالسنة، والاقتداء الدقيق بنبي الأمة، دعوة للثبات لا للانحراف، وللاتباع لا للابتداع.. عليكم بسنتي فهي منهجُ حياة، وطريقُ نجاة.. فالسنة كما قال الإمام مالك: مثلَ سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق.. وما أكثر الأحاديث والآثار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، التي تأمر وتحث على التمسك بالسنة وتبين فضلها، وفضل أهلها، لا سيما عند فساد الزمان وظهور البدع.. ففي الحديث الصحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لقد تركتُكم على مثلِ البيضاءِ، ليلِها كنهارِها، لا يزيغُ عنها إلا هالكٌ”.. وفي الحديث الصحيح، أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ الشيطانَ قد يَئِسَ أن يُعبَدَ بأرضِكم، ولكن رضِيَ أن يُطاعَ فيما سِوى ذلك مما تُحاقِرون من أعمالِكم، فاحْذَروا، إني قد تركتُ فيكم ما إن اعتصمتُم به فلن تَضِلُّوا أبدًا، كتابَ اللهِ، وسُنَّةَ نبيِّه”..
أيها الأحبة الكرام: محبةُ النبي صلى الله عليه وسلم ليست دعوى تُقال باللسان، ولا شعارات تُرفع في المناسبات، وإنما هي اتباع واقتداء، كما قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيم ﴾ [آل عمران:31].. وفي الحديث الصحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ مِن ورائِكم أيامَ الصَّبرِ، لِلمُتَمَسِّكِ فيهنَّ يومئذٍ بما أنتم عليه أجرُ خمسين منكم، قالوا، يا نبيَّ اللهِ أو منهم؟، قال: بل منْكم”.. والسنة أيها الكرام: طريق واحد مستقيم، وما عداها طرق متفرقة تضل وتبعد، قال تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون ﴾ [الأنعام:153].. وفي الصحيحين: “مَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي”.. وفي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” (مَنْ سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً حسَنةً فلهُ أجرُها، وأجرُ مَنْ عمِلَ بِها من بعدِهِ، من غيرِ أنْ يُنقَصَ من أُجورِهمْ شيءٌ، ومَنْ سَنَّ في الإسلامِ سُنَّةً سيِّئةً فعليهِ وِزرُها، ووِزرُ مَنْ عمِلَ بِها من بعدِهِ، من غيرِ أنْ يُنقَصَ من أوْزارِهمْ شيءٌ).. وفي الحديث الصحيح، قال عليه الصلاة والسلام: “افترقتِ اليهودُ على إحدَى وسبعينَ فرقةً، وافترقتِ النصارَى على اثنتَينِ وسبعينَ فرقةً، وستفترقُ هذه الأمةُ على ثلاثٍ وسبعينَ فرقةً كلُّها في النارِ إلا واحدةً، قيل: من هي يا رسولَ اللهِ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: مَن كان على مِثلِ ما أنا عليه وأصحابِي”.. هذا هو ميزان النجاة: “ما أنا عليه وأصحابِي”.. وفي الحديث الصحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحبَّ منكم أن يَنالَ بَحبوحةَ الجنَّةِ فليلزمُ الجماعةَ”.. والسنة هي الجماعة، والجماعة هي السنة، ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: “يدُ اللَّهِ مع الجماعَةِ ومن شذَّ شذَّ إلى النَّارِ”..
وقد تكاثرت أقوال السلف رضوان الله عليهم في الحث على التمسك بالسنة وتعلمها والدعوة إليها، والتحذير من البدعة والأهواء المضلة،
قال الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ” اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم”، وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «نحن نقتدي ولا نبتدي، وما اتبعتم الأثر فلن تضلوا، وإن تركتموه فقد ضللتم ضلالًا كبيرًا».. وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: «كُلُّ عِبادَةٍ لَمْ يَتَعَبَّدْها أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَلا تَعْبُدوها؛ فإنَّ الأوّل لم يَدَعْ للآخر مَقالاً، فاتقُوا الله وخذوا طريقَ مَن كانَ قبلكم.».. وقال عمر بن عبدالعزيز: “سنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننًا، الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستكثار لطاعة الله، وقوة على دين الله، من اهتدى بها فهو مهتدٍ، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين، والله تعالى يقول: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء:115].. وقال أبو العالية رحمه الله تعالى: “تعلموا الإسلام فإذا تعلمتموه، فلا ترغبوا عنه، عليكم بالصراط المستقيم؛ فإنه الإسلام، ولا تنحرفوا عن الصراط يمينًا ولا شمالًا، عليكم بسنة نبيكم، وإياكم وهذه الأهواء”.. وقال سهل بن عبدالله: “أصولنا ستة أشياء: التمسك بكتاب الله، والاقتداء بسنة رسول الله، وأكل الحلال، وكف الأذى، واجتناب الآثام، وأداء الحقوق”.. وقال أبو حفص النيسابوري: “أحسنُ ما يتوسلُ به العبدُ إلى مولاه، دوامُ الفقرِ إليه على جميع الأحوال، وملازمةُ السنةِ في جميع الأفعال، وطلبُ القوتِ من وجهه الحلال”..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِين ﴾ [النور:54]..
أقول ما تسمعون…
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى..
أما بعد فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18]..
معاشر المؤمنين الكرام: لقد كانت بعثة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم رحمةً بعد ظلماء، وجمعًا بعد شتات، وحياةً بعد ممات، وفرجًا بعد كربات، وصدق الله: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء:107].. ولقد أكمل الله للأمة دينها، ورضيه وأتم به نعمته، ﴿ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِيناً ﴾ [المائدة:3].. وفي الحديث الصحيح قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: “ما تركت شيئاً يقربكم الله إلا وقد أمرتكم به، وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله إلا وقد نهيتكم عنه”..
فالشرع الحكيم قد رسم للعبادات طرقاً خاصةً باوجهٍ خاصةٍ محددة، قيدها زماناً ومكاناً، هيئةً وعدداً، والزمَ الجميع بها أمراً ونهياً، وأخبر أنّ الخيرَ في التقيد بها، والشرَّ في تجاوزها وتعديها، وفي الصحيحين أيضاً: “مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليسَ منهِ، فَهو رَدٌّ”.. وفي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواهُ تبعاً لما جئت به”.. قال أهل العلم: من زعم أن ثمةَ طرقاً أخرى للعبادات وعَبَد الله بمستحسنات العقول، فقد قدح في كمال هذا الدين وخالف ما جاء به المصطفى الأمين، وكأنه يستدركُ على الشريعة نقائصَ لم يفطن إليها الشارع، قال الامام مالك رحمه الله: “من ابتدعَ في الإسلام بدعةً يراها حسنةً فقد زعمَ أنّ محمداً صلى الله عليه وسلم خانَ الرسالةَ لأنّ اللهَ تعالى يقول: ﴿ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [المائدة:3].. فما لم يكن يومئذٍ دينا، فلا يكونُ اليومَ دينا”..
والبدعةُ هي طريقةٌ تعبديةٌ لا دليلَ عليها.. إذ أنَّ الأصلَ في العبادات كلها التوقفُ حتى يأتي الدليل، ففي الحديث المتفق عليه قال صلى الله عليه وسلم: “من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ”.. والابتداعُ في الدين معاندةٌ للشرع ومشاقةٌ للرسول، واتباعٌ للهوى: ﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء:115].. وقال تعالى: ﴿ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ ﴾ [القصص:50].. وحين يقول الرسول العظيم محذراً وموصيا: “فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرًا، فعليكم بسنتي”.. فلئن كنا قد رأينا اختلافاً كثيراً.. فأين التمسك بالسنة والعض عليها بالنواجذ.. ﴿ أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَناً فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِى مَن يَشَاء ﴾ [فاطر:8].. فالأمّةُ عليها واجبٌ كبيرٌ نحو نبيها العظيم صلى الله عليه وسلم.. يتمثلُ في تعظيمه وتوقيره وحبه وطاعته واتباع هديه، فقد أرسله الله ليطاع فقال سبحانه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ ﴾ [النساء:64]، وجعل الهداية في طاعته فقال: ﴿ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾ [النور:54]، وجعل الفتنة والعذابَ في مخالفة أمره فقال: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور:63].. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إياكم والغلوَّ في الدينِ فإنما أهلَك مَن كان قبلَكم الغلوُّ في الدينِ”، وفي صحيح البخاري قال عليه الصلاة والسلام: “لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله”.. وقال أُبي بن كعب: “عليكم بالسبيل والسنة، فإن اقتصادًا في سبيلٍ وسنةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعة”.. وقال ابن عباس رضى الله عنهما: (ما يأتي على الناس من عامٍ إلا أحدثوا فيه بدعة، وأماتوا فيه سنة، حتى تحيا البدعُ وتموتُ السننُ).. وكما بدأنا بحديث العرباض رضي الله نختم به.. “أُوصيكُم بتَقوى اللهِ، والسَّمعِ والطاعَةِ وإنْ تأمَّر عليكم عبدٌ حبشيٌّ، وأنَّه مَن يَعِشْ منكم فسَيَرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الراشِدينَ المْهدِيِّينَ، عَضُّوا عليها بالنواجِذِ، وإياكم ومُحدثاتِ الأُمورِ؛ فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ”..
ألا فاتقوا الله عباد الله، وتمسَّكوا بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، واحذروا البدع والأهواء، واعلموا أن الخير كل الخير في الاتباع، والشر كل الشر في الابتداع.. قال الله تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام:153]..
__________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالله محمد الطوالة
المصدر: شبكة الألوكة
Source link