الكتابة فنٌّ وذوق يلامس الذات، وتصحبه في سياقها للأفكار والمواضيع؛ فهي فنون الفكر والمعرفة، والريادة الشخصية للتعبير عن الذات، وانطلاقها في هذه الحياة الدنيا.
الكتابة فنٌّ وذوق يلامس الذات، وتصحبه في سياقها للأفكار والمواضيع؛ فهي فنون الفكر والمعرفة، والريادة الشخصية للتعبير عن الذات، وانطلاقها في هذه الحياة الدنيا.
فالكتابة أولًا وأخيرًا هي تشخيص للذات الإنسانية وما تحويه من أمتعة فكرية وثقافية، واقتصادية واجتماعية؛ فهي تعطي نظرة عميقة لذات الكاتب، وتستلهم عنفوان إبداعه وتميزه عند البدء بها.
يستطيع الكاتب أن يكون مميزًا في طرحه للمواضيع وصياغتها بشكل مبتكر وجذَّاب، إذا لامس شَغافَ قلبه موضوعُه، وأنار فكره أطروحاتُه، فهو يهضم مادته وقالبه ونتائجه؛ مما يعطي نفسه قلمًا سيَّالًا في الكتابة والتفنن في عرضه وتقديمه.
هناك الأفكار الكثيرة لكي تصبح كاتبًا مميزًا، ولكن الشيء الوحيد الذي يجب أن يلامس فكرك، ويضخ معرفتك، ويمارس هُوِيَّتَك، ويترجم آراءك الفذة هي هضم الموضوع وكيفية تقديمه للجمهور، فكلما كنت عارفًا بأدق تفاصيل الموضوع، فاهمًا لخفاياه، عارفًا بمآلات حدوده في الفرد والمجتمع، كنت بارعًا ومميزًا في كتابته وطرحه بأجمل صورة.
إن الإبداع والتميز في الكتابة موهبة استحقت الوجود في نفس الكاتب، وصفة مكتسبة في وجدان الكاتب من خلال كثرة قراءته وسَعة اطلاعه، فالكتابة تعطي انطلاق الذات في ترجمة المواضيع وصياغتها، حسب الظروف والواقع؛ لتصل إلى المستفيد بكل سهولة.
لن أعطيك وصفة سحرية لتكون كاتبًا مميزًا، وإنما أستشفُّ لك بعض شغفي في نَيلها والوصول إليها، وذلك بترجمة الواقع الافتراضي بأسلوبك البسيط، وتبني قواعده بفهمك الجميل، وتعيش ثناياه بمعرفتك الساحرة؛ ليتمثل أمامك الموضوع بشكل حصري من إنتاجك وفكرك، لم تستقِ من غيرك، ولم تهذِ كما يهذي غيرك.
اعلم يقينًا أن الكتابة عالم ساحر، تأخذ بتلابيب القارئ الواعي، كلما كانت أفكار الكاتب من صنع يده، فأنت عبارة عن مجهر دقيق لاكتشاف الأمور في الواقع، وبلورتها بأسلوبك الشخصي.
إن أول الأمور في طريق التميز في الكتابة معرفةُ الرصيد الذاتي، وما يعكسه في بناء الذات وانطلاقها في هذه الحياة الدنيا، فمعرفة الذات وتثقيفها هي سلالم الصعود للقمة والتميـــــــز؛ فهي ماكينة صناعة المواضيع والأطروحات للكاتب المتميز، فحاوِلْ أن تشقَّ طريقك نحو المجد والإنجاز والنجاح، بمعرفة ذاتك جيدًا.
وفي الختام أضع لك ما يدور عليه مقالي لصناعة الكاتب المتميز في ثلاث نقاط رئيسية، حاول أن تتمثل بها، وأن تتحلى بها؛ فهي نقاط نفيسة لا تجدها إلا في هذا المكان من العالم، فهي صياغة لذهن كاتب متميز ذي خبرة واسعة، تجاوزت 15 عامًا؛ فاحفظها وراعِها انتباهك:
أولًا: لكي تكون كاتبًا مميزًا يجب أن تعرف نفسك جيدًا وحدودها في المعرفة والثقافة والريادة الشخصية؛ للتعبير عن المواضيع انطلاقًا من مكنونات ذاتك، وعمق تفسيرها للأشياء.
ثانيًا: لكي تكون كاتبًا مميزًا يجب أن تصبغ المواضيع بأسلوبك وفهمك، وترجمتها حسب تصوراتك المعرفية والثقافية والاجتماعية؛ فأسلوبك فريد في حد ذاته، يستلهم منه القارئ عبير فكرك، ونور معرفتك.
ملاحظة: من نِعَمِ الله عز وجل أنه وهب لكل نفس مميزات لا توجد عند الآخرين، فهي تمثل تميز شخصيتك، وانفراد ذاتيتك في هذا الكون، فهي حقوق حصرية لذاتك، فلا تبخل بها علينا.
ثالثًا: لكي تصبح كاتبًا مميزًا يجب أن يكون لديك اطلاع واسع، وقراءة مثمرة في جوانب الحياة والكون، والإنسان والخالق، فالقراءة زاد للكاتب المتميز يستلهم منها الأفكار، وتسـتنهض همته وفكره في الوصول إلى أشياء كثيرة في ترجمة الحياة ومعرفتها.
واخيرًا: أسأل الله أن ينفع بهذا المقال وأن يهدي به القلوب وينور طريقها للحق، إنه سميع مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
Source link