قيام الليل شريعة ربانِيَّة، وسنة نبوية، ومدرسة تربوية، وخصلة حميدة مرضية، ودموع وعبرات قلبية، وآهات وزفرات شجية، وخلو برب البريَّة، وسعادة روحية، وقوة جسمانِيَّة…
قيام الليل شريعة ربانِيَّة، وسنة نبوية، ومدرسة تربوية، وخصلة حميدة مرضية، ودموع وعبرات قلبية، وآهات وزفرات شجية، وخلو برب البريَّة، وسعادة روحية، وقوة جسمانِيَّة، تتعلق الروح فيها بالجنَّات العلية، وفيها من الثمرات والفوائد الجلية، ويبقى السؤال لماذا أقوم الليل؟
1- أقُومُ الليل بنِيَّة شكر النعم والتأسي بالرسول – صلى الله عليه وسلم -:
فالنبي – صلى الله عليه وسلم – قام الليل حتى تورَّمت قدماه، وذلك تحقيقًا لمعنى العبودية لله – عز وجل – وشكر النعم.
فقد ثبت في صحيح البخاري ومسلم عن المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – قال:
إن كان النبي – صلى الله عليه وسلم – ليقوم أو ليصلِّي حتى تَرِمَ قدماه أو ساقاه فيقال له: فيقول: أفلا أكون عبدًا شكورًا
وفي رواية أخرى عند البخاري ومسلم عن عائشة – رضي الله عنها-:
أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يقوم من الليل حتى تتفطرَ قدماه، فقلت: لم تصنع هذا وقد غُفِرَ لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدًا شكورًا.
وقد روى عن سفيان الثوري – رحمه الله – أنه شبع ليلة فقال:
إن الحمار إذا زيد في علفه زيد في عمله، فقام تلك الليلة حتى أصبح.
وثبت عند أبي داود وابن خزيمة عن عبدالله بن أبي قيس قال: قالت عائشة- رضي الله عنها-: لا تدع قيام الليل فإن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلَّى قاعدًا.
2- أقُومُ الليل بنِيَّة التأسي بالصالحين والتشبُّه بهم.
فقد أخرج الإمام أحمد والترمذى من حديث أبي أمامة الباهلي – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم…» (الحديث) (صحيح البخاري: 4079).
فقيام الليل مضمار المتسابقين، ورأس مال الفائزين، وطريق السالكين إلى رب العالمين
3- أقُومُ الليل بنِيَّة أن أكون من الصِدِّيقِين والشهداء:
فقد أخرج البزار وابن خزيمة وابن حبان عن عمرو بن مُرَّة الجُهني – رضي الله عنه – قال:
جاء رجل من قضاعة إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصلَّيت الصلوات الخمس، وصمت رمضان وقمته، وأتيت الزكاة؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «مَن مات على هذا كان من الصِّدِّيقين والشهداء» (صحيح الترغيب: 933)
4- أقُومُ الليل لكي أكون من أهل الإيمان:
{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافي جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 15 – 17].
5- أقُومُ الليل حتى أُكْتب من الذاكرين الله كثيرًا:
فقد أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة وأبى سعيد- رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «مَن استيقظ من الليل وأيقظ أهله فصليا ركعتين جميعًا؛ كُتِبَا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات» (صحيح الجامع: 6030).
6- أقُومُ الليل حتى أكون من المرحومين:
فقد أخرج أبو دواد والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:
«رحم الله رجلًا قام من الليل فصلَّى وأيقظ امرأته فصلَّّت فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلَّت، وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء» (صحيح الجامع: 3494).
7- أقُومُ الليل حتى أكتب من القانتين المخلصين، ولا أكتب من الغافلين:
فقد أخرج ابن خزيمة والحاكم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:
«مَن صلَّى في ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين، ومَن صلَّى في ليلة بمائتي آية كُتِبَ من القانتين المخلصين» (صحيح الترغيب: 636).
وأخرج أبو داود وابن خزيمة وابن حبان عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «مَن قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومَن قام بمائة آية كُتِبَ من القانتين، ومَن قام بألف أيه كُتِبَ من المقنطرين» (صحيح الجامع: 6439).
• من المقنطرين: أي ممَّن كُتِبَ لهم قنطار من الأجر.
8- أقُومُ الليل لأنه أفضل الصلوات بعد المكتوبات:
فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:
«أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة: صلاة الليل» – وفي رواية: «أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل».
9- أقُومُ الليل أبتغي القرب من الله تعالى:
وقد مرَّ بنا في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والترمذي:
«عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى ربكم…» (الحديث).
قال الحسن البصري – رحمه الله -:
ما أعلم شيئًا يتقرب به المتقربون إلى الله أفضل من قيام الليل في جوف الليل إلى الصلاة.
وفي الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري:
«وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه…»
10- أقُومُ الليل للفوز بمحبة الله تعالى:
فقد مر بنا في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري:
«وما يزال عبدي بتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه…»
وأخرج الطبراني بسند حسن عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:
«ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم، الذي إذا انكشفت فئة قاتل ورآها بنفسه لله – عز وجل -. فإما أن يقتل، وإما أن ينصره الله ويكفيه، فيقول: انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه، والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن فيقوم من الليل، فيقول: يذرُ شهوته ويذكرني، ولو شاء رقد، والذي إذا كان في سفر وكان معه ركبٌ فسهروا ثم هجعوا فقام من السَّحَر في ضراء وسراء» (صحيح الترغيب: 625).
11- أقُومُ الليل حتى أحوز الشرف الحقيقي:
فقد أخرج الحاكم في المستدرك والبيهقي عن سهل بن سعد – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:
«أتاني جبريل فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب مَن شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزَّه استغناؤه عن الناس» (صحيح الجامع: 73، الصحيحة: 831).
12- أقُومُ الليل للثبات على الأمر، والإعانة على الأعمال وصلاح الأحوال:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: 1-6].
قال الفراء: {أَشَدُّ وَطْئًا}؛ أي: أثبت للعمل وأدوم لمَن أراد الاستكثار من العبادة، والليل وقت الفراغ عن الاشتغال بالمعاش؛ فعبادته تدوم ولا تنقطع.
وقال عكرمة: {وَأَقْوَمُ قِيلًا}؛ أي: أتم نشاطًا وإخلاصًا وأكثر بركة
وقال ابن زيد: أجدر أن يتفقه في القرآن، وقيل: أعجل إجابة للدعاء.
13- أقُومُ الليل للنجاة من الفتن ما ظهر منها وما بطن:
فقد أخرج البخاري عن أم سلمة – رضي الله عنها-:
أن النبي – صلى الله عليه وسلم – استيقظ ليلة فقال: «سبحان الله، ماذا أنزل الليلة من الفتنة؟ ماذا أنزل الليلة من الخزائن؟ مَن يوقظ صواحب الحجرات» ؟
وفي الحديث تنبيه على أن الصلاة بالليل تقي من الفتن.
14- أقُومُ الليل حتى أصبح طيب النفس نشيط:
فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
«يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلَّى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان».
• وعند ابن ماجه بلفظ: «يصبح نشيطًا طيب النفس قد أصاب خيرًا، وإن لم يفعل أصبح كسلًا خبيث النفس لم يصب خيرًا»
ورواه خزيمة فزاد في آخره: «فحلُّوا عقد الشيطان ولو بركعتين».
• قافية الرأس: مؤخره
15- أقُومُ الليل حتى يعطيني ربي ما أسأل:
فقد أخرج الإمام أحمد وابن حبان عن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «الرجل من أمتي يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور وعليه عقد، فإذا وضَّأ يديه انحلت عقدة، و أذا وضَّأ وجهه انحلت عقدة، وإذا مسح رأسه انحلت عقدة، وإذا وضَّأ رجليه انحلت عقدة، فيقول الله – عز وجل – للذين وراء الحجاب: انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه يسألني، ما سألني عبدي هذا فهو له» (صحيح الترغيب: 627).
وأخرج الإمام مسلم عن جابر – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول:
«إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرًا من خير الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة».
16- أقُومُ الليل حتى ينير الله وجهي، يوم تبيضُّ وجوه وتسْودُّ وجوه:
قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ} [عبس:38 – 39].
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: وجوه مسفرة من قيام الليل.
وقيل للحسن البصري – رحمه الله -: ما بال المتهجِّدين بالليل من أحسن الناس وجوهًا؟
قال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره.
17- أقُومُ الليل لتُغْفَر لي الذنوب والمعاصي والزلات:
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:
«مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تّقَدَّم من ذنبه».
وقد مر بنا الحديث الذي أخرجه الترمذي وابن خزيمة عن أبي أمامة الباهلي – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:
«عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى ربكم، وتكفير للسيئات ومنهاة عن الإثم» (صحيح الترغيب: 620).
وأخرج الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – قال:
قلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجَنَّة ويباعدني من النار، قال. لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على مَن يَسْرَّه الله تعالى عليه، «تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلًا». ثم قال: «ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل»، ثم تلا: {تَتَجَافي جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 16 – 17]
يقول ابن الحاج: وفي القيام من الفوائد أنه يحطُّ الذنوب كما يحط الريح العاصف الورق الجاف من الشجرة، ويُنَوِّر القبر، ويحسن الوجه، ينشط البدن.
18- أقُومُ الليل ليكتب لي الحسنات:
فقد أخرج الطبرانـي عن فضالة بن عبيد وتميم الداري – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «مَن قرأ عشر آيات في ليلة كتب له قنطار [من الأجر]، والقنطار خير من الدنيا وما عليها، فإذا كان يوم القيامة يقول ربك – عز وجل – له: اِقْرَأْ وارق لكل آية درجة حتى ينتهي إلى آخر آية معه، يقول الله – عز وجل – للعبد: اقبِض، فيقول العبد بيده: يا رب أنت أعلم فيقول: بهذه الخلد وبهذا النعيم» (صحيح الترغيب: 634).
19- أقُومُ الليل حتى أنجو من النيران:
في قصة رؤيا ابن عمر – رضي الله عنهما- قال:
فرأيت كأن ملكين أخذاني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان – يعنى كقرني البئر- وإذا فيها أناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك أخر. فقال: لم ترع فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: «نعم الرجل عبد الله لو كان يُصلِّي من الليل»، فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا (متفق عليه).
20- أقُومُ الليل حتى أفوز بالجنان:
قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 15- 19].
وقال تعالى: {تَتَجَافي جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 16 – 17].
جاء في مستدرك الحاكم عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال:
مكتوب في التوراة لقد أعدَّ الله للذين تتجافي جنوبهم عن المضاجع ما لم ترَ عين ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر، ولا يعلمه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، قال: ونحن نقرؤها {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17].
وأخرج الترمذي من حديث عبد الله بن سلام – رضي الله عنه – قال:
أول ما قَدِمَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المدينة اِنْجَفَلَ الناسُ إليه، فكنت فيمن جاءه، فلما تأملت وجهه واسْتَثْبَتُّهُ عرفتُ أن وجهه ليس بوجه كذَّاب، قال: وكان أول ما سمعت من كلامه أن قال: «أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس؛ نيام تدخلوا الجَنَّة بسلام». (صحيح: الجامع: 7865) (صحيح الترغيب: 610).
• اسْتَثْبَتُّهُ: أي تحققته وتبينته.
• اِنْجَفَلَ الناس: أي ذهبوا إليه بأجمعهم مسرعين.
21- أقُومُ الليل حتى ترفع لي الدرجات في غرف الجَنَّة:
قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} إلى قوله…{أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا} [الفرقان:63- 76].
• يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ: أي الدرجة العليا في الجَنَّة.
وأخرج ابن حبان عن أبي مالك الأشعري – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:
«إن في الجَنَّة غرفًا يُرَى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها؛ أعدَّها الله لمَن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلَّى بالليل والناس نيام» (صحيح الجامع: 2123).
وأخيرًا: فثواب القيام لا تحيط به العقول، وتقصر عنه العبارات
ومن هنا نعلم معنى حديث النبي – صلى الله عليه وسلم -:
«لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار، ورجل آتاه الله مالًا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار» (رواه مسلم عن ابن مسعود – رضي الله عنه -).
والمقصود بالحسد هنا: هو الحسد المحمود، وهو ما يطلق عليه الغبطة، وهى تمني مثل ما للمُغْبَط، فإن كان المغبط على حالة محمودة كما في الحديث السابق فهو تَمَنِّي محمودٌ يثاب عليه ويؤجر.
__________________________________________________________
الكاتب: الشيخ ندا أبو أحمد
Source link