منذ حوالي ساعة
قيام رمضان من القربات العظيمة، وفيه مغفرة الذنوب؛ يقول عليه الصلاة والسلام: (( «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه»
أفضل الصلاة بعد المفروضة هي صلاة قيام الليل؛ كما في الحديث: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل»، فقيام الليل دأب الصالحين قبلنا، وعبادة المخلصين، وسلوة المحبين، وسعادة العابدين.
فهي صلاة تخلو بها في طاعة مولاك، وتناجي بها خالقك؛ يقول عليه الصلاة والسلام: «عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى ربكم، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم»،
وقد أمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام بقيام الليل؛ فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 1 – 4].
بل إنه شرفه ربه بقيام الليل، وربط مقامه المحمود بهذا القيام؛ فقال: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، فمن أراد الشرف والعزة، والنور والضياء، فليحرص على قيام الليل.
وكان صلى الله عليه وسلم لا يترك القيام بأي حال من الأحوال لمرض أو غيره؛ فقد ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت لعبدالله بن قيس: ((لا تَدَع قيام الليل؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه، وكان إذا مرض، أو كسل، صلى قاعدًا)).
ويتأكد قيام الليل في شهر رمضان؛ لِما جاء فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى بالناس جماعة ثلاث ليالٍ، ثم تركه؛ خشية أن يفرض على أمته فيشق عليهم، ولما كان في زمن الفاروق عمر رضي الله عنه جمع الناس على إمام واحد لصلاة الليل، فكان الناس يصلونها جماعة إلى يومنا هذا.
وقيام رمضان من القربات العظيمة، وفيه مغفرة الذنوب؛ يقول عليه الصلاة والسلام: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه».
فعندما يلتقي روعة الصيام مع لذة القيام، يزداد الإيمان، وينشرح الصدر، ويطمئن القلب، أليس راحته بذكر الله والمداومة على عبادته ومناجاته؟ {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. فرمضان مدرسة متكاملة فيها صنوف العبادات، ومختلف القربات، من أحسن استغلاله، خرج بثمرات كثيرة، وفوائد جمة جليلة، تظهر على الفرد وتنعكس على السلوك.
ثلاثون يومًا بين صيام وقيام وقراءة للقرآن اعتاد عليها المسلم في رمضان، وأصبحت جزءًا من هذا الشهر، وعلامة من علامات هذا الشهر الفضيل، فلا طعم للصيام دون قيام، وصلاة، وذكر الله، وقراءة القرآن.
فينبغي أن نحرص على قيام رمضان كاملًا مع الإمام، وأن نحث أبناءنا وبناتنا وأهلينا عليها، بأن نصطحبهم للصلاة في المساجد، أو أن نجعل لهم مصلًّى في البيت يصلون فيه ولو قليلًا من الركعات؛ حتى يعتادوا عليه ويألفوه فلا ينسوه، وليتذكر الآباء قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6]، وقول النبي عليه الصلاة والسلام: «كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته».
نسأل الله أن يتقبل منا الصيام والقيام، وأن يعيننا على أن نقومه كما أمرنا ربنا في كتابه، وأخبرنا نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته.
__________________________________________________
الكاتب: محمد علي الخلاقي
Source link