ذكر الله تبارك وتعالى مطلقا سبب لطرد الشيطان

قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}.

قال الله تبارك وتعالى:  {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف: 36ـ39].

 

معنى قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}:

قال العلامة ابن القيم: في “الجواب الكافي”- الداء والدواء – (ص94): أخبر سبحانه أن من عَشِيَ عن ذكره، وهو كتابه الذي أنزلَ على رسوله، فأعرض عنه، وعمي عنه، وعَشَت بصيرته عن فهمه وتدبره ومعرفة مراد الله منه؛ قيض الله له شيطانا عقوبة له بإعراضه عن كتابه، فهو قرينه الذي لا يُفارقه في الإقامة ولا في المسير، ومولاه وعشيره الذي هو بئس المولى وبئس العشير؛ اهـ.

 

وعن الحارث الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:  «إن الله عز وجل أوحى إلى يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يَعْمل بهن، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنَّ»، ومنها:  «وآمركم بذكر الله كثيرًا، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سِراعًا في أثره، حتى أتى حصنًا حصينًا، فأحرز نفسه فيه، وكذلك العبد لا ينجو من الشيطان إلا بذكر الله» (رواه أبو داود الطيالسي برقم (1257)، وابن خزيمة (1895)، والحاكم (1534)، وقال: هذا حديث صحيحٌ على شرط الشيخين، ولم يخرجاه؛ اهـ[1].

 

ولفظه عند الترمذي برقم (2368): «كذلك العبد لا يحْرِز نفسه من الشيطان، إلا بذكر الله».

 

معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلاَّ بذكر الله»:

قال العلامة ابن القيم: في “الوابل الصيب” (ص56): فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة، لكان حقيقًا بالعبد ألا يفتُر لسانه من ذكر الله تعالى، وأن لا يزال لَهِجًا بذكره، فإنه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر، ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة، فهو يرصُده، فاذا غفل وثب عليه وافترسَه، وإذا ذكر الله تعالى انخنَس عدو الله، وتصاغر وانقمع، حتى يكون كالوصع وكالذباب.

 

ولهذا سُمِّي الوسواس الخناس؛ أي: يُوسوس في الصدور، فاذا ذُكر الله تعالى خنس؛ أي: كف وانقبض، قال ابن عباس: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر الله تعالى خنس؛ اهـ.

 

وهذا السبب هو لبُّ الأسباب، والله أعلم بالصواب.

 


[1] صحيحٌ: راجع: “صحيح الترغيب” برقم (1612)، و”الصحيح المسند” (285)..

_____________________________________________
الكاتب: فواز بن علي بن عباس السليماني


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

الشدة والفرح – علي بن عبد العزيز الشبل

«إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» جاءت هٰذِه الكلمة دلالةً عَلَىٰ ما في قلوب المؤمنين، من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *