المسارعة في الخيرات – طريق الإسلام

لو كانتِ الدنيا مِن ذَهبٍ يفنَى، والآخرةُ مِن خَزَفٍ يبقَى، لكان الواجبُ على المسلمِ العاقلِ أن يُؤثِرَ خزفًا يبقَى على ذهبٍ يفنى، فكيف والآخرةُ مِن ذَهَبٍ يبقَى، والدنيا من خَزَفٍ يفنَى؟!

المسارعةُ في الخيراتِ والمسابقةُ إلى الأعمالِ الصَّالحةِ للفوزِ برِضا اللهِ – عزَّ وجلَّ – نراها في سلوكِ كلِّ مسلمٍ فَطنٍ، وفي تصرُّفاتِه كلَّ وقتٍ وحينٍ؛ امتثالاً لأمرِ الخالقِ – عزَّ وجلَّ – إذ يقـولُ: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133]، ويقولُ: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [الحديد: 21]، والمعنى: بادروا يا مؤمنونَ إلى عملِ الصالحاتِ، وتنافسوا في تقديمِ الخيراتِ، ولا تُضيِّعوا الأوقاتَ في غير فائدةٍ، ولا تُؤثِروا الحياةَ العاجلةَ على الآجِلةِ، لا تَرْكَنوا إلى الحياةِ الفانيةِ، وتتركوا الباقيةَ؛ فإنَّ الآخرةَ خيرٌ وأبقَى، ولو كانتِ الدنيا مِن ذَهبٍ يفنَى، والآخرةُ مِن خَزَفٍ يبقَى، لكان الواجبُ على المسلمِ العاقلِ أن يُؤثِرَ خزفًا يبقَى على ذهبٍ يفنى، فكيف والآخرةُ مِن ذَهَبٍ يبقَى، والدنيا من خَزَفٍ يفنَى؟!

 

لاَ تَرْكَنَنَّ إِلَى الدُّنْيَا وَمَا فِيهَــــــــــــــــا   **   فَالْمَوْتُ لاَ شَكَّ يُفْنِينَا وَيُفْنِيهَـــــــا 

وَاعْمَلْ لِدَارٍ غَدًا رِضْوَانُ خَازِنُهَـــــــــــا   **   وَالجَارُ أَحْمَدُ وَالرَّحْمَنُ نَاشِيهَـــــــا 

قُصُورُهَا ذَهَبٌ وَالمِسْكُ طِينَتُهَـــــــــــا   **   وَالزَّعْفَرَانُ حَشِيشٌ نَابِتٌ فِيهَـــــــا 

أَنْهَارُهَا لَبَنٌ مُصْفَى وَمِنْ عَسَـــــــــــــلٍ   **   وَالخَمْرُ تَجْرِي رَحِيقًا فِي مَجَارِيهَـا 

وَالطَّيْرُ تَجْرِي عَلَى الْأَغْصَانِ عَاكِفَـــــةً   **   تُسبِّحُ اللهَ جَهْرًا فِي مَغَانِيهَــــــــــا 

مَنْ يَشْتَرِي الدَّارَ فِي الفِرْدَوْسِ يَعْمُرُهَا   **   بِرَكْعَةٍ فِي ظَلاَمِ اللَّيْلِ يُحْيِيهَـــــــا 

 

وأَمَر المعصومُ – صلَّى الله عليه وسلَّم – الأُمَّةَ المسلمةَ في كلِّ زَمانٍ ومكانٍ بالمبادرةِ إلى كلِّ ما يُقرِّبُ مِن اللهِ – عزَّ وجلَّ – حين قال: «بادِروا بالأعمالِ الصَّالِحة، فستكونُ فِتنٌ كقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ، يُصبح الرجلُ مؤمنًا ويُمسِي كافرًا، أو يُمسي مؤمنًا ويُصبِح كافرًا، يَبيع دِينَه بعَرَضٍ مِن الدُّنيا»؛  (رواه مسلم).

 

في مُجتمعنا هذا كَثيرٌ مِن الناسِ أنفسُهم خَيِّرَةٌ، وقلوبُهم طاهرةٌ، يُحبُّون عملَ الخيرِ، وأفعالَ البرِّ، ولكنَّهم مُبتَلَون بالتسويفِ، وتأجيلِ الأعمالِ مِن يومٍ إلى يومٍ، لا يَنتهزون الفُرَصَ، وليس عندَهم خُلُقُ المبادرةِ والمسارعةِ والمسابقةِ.

 

تَستمعُ إلى أحدِهم وهو يُحدِّثُكَ عن أعمالٍ صالحةٍ يُريدها، ومشروعاتٍ خيريَّةٍ يرسمها، فيُعجبك حديثُهُ، وتحسُّ فيه الصدقَ والرغبةَ، ولكنَّ الأيَّامَ تمرُّ، وتتوالَى الشهورُ، وتَنقَضِي الأعوامُ، وأعمالُهُ ومشروعاتُهُ ما زالتْ أحلامًا لم تتحقَّق!

 

لمثل هذا يقولُ المعصومُ – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «بادِروا بالأعمالِ الصَّالحةِ»، وانتهِزوا الفُرصَ قبلَ أن تفوتَكم، واحذروا الفِتنَ قبلَ أن تشغلَكم وتَصرفَكم عن هذه الأَعمال.

 

وليستِ الأعمالُ الصالحةُ هي: الصلاةَ، والزكاةَ، والصيامَ، والحجَّ، فقط، وإنَّما هي كثيرة متعدِّدة:

• زيارةُ المريضِ عملٌ صالحٌ، فسارِعْ إليه وبادِرْ قَبلَ أنْ يَفوتَك.

• إحسانُكَ إلى جارِك عملٌ صالحٌ، فسارِعْ إليه وبادِرْ قَبلَ أنْ يَفوتَك.

• قراءتُك القرآنَ الكريمَ عملٌ صالحٌ، فسارِعْ إليه وبادِرْ قَبلَ أنْ يَفوتَك.

• إعطاؤك الفقراءَ والمساكينَ عملٌ صالحٌ، فسارِعْ إليه وبادِرْ قَبلَ أنْ يَفوتَك.

• إغاثتُك الملهوفَ عملٌ صالحٌ، فسارِعْ إليه وبادِرْ قَبلَ أنْ يَفوتَك.

• إنصافُك المظلومَ عملٌ صالحٌ، فسارِعْ إليه وبادِرْ قَبلَ أنْ يَفوتَك.

• تربيتُك لأبنائِكَ وبناتِكَ على منهجِ الله عملٌ صالحٌ، فسارِعْ إليه وبادِرْ قَبلَ أنْ يَفوتَك.

• إعمارُ المساجدِ عملٌ صالحٌ، فسارِعْ إليه وبادِرْ قَبلَ أنْ يَفوتَك.

• طلبُ العلمِ عملٌ صالحٌ، فسارِعْ إليه وبادِرْ قَبلَ أنْ يَفوتَك.

• إنجازُك لعملِك إنْ كنتَ موظَّفًا عملٌ صالحٌ، فسارِعْ إليه وبادِرْ قَبلَ أنْ يَفوتَك.

• فَصلُكَ في الشكاوى المقدَّمةِ إليك إنْ كنت مديرًا في مؤسَّسةٍ أو رئيسًا في مصلحةٍ عملٌ صالحٌ، فسارِعْ إليه وبادِرْ قَبلَ أنْ يَفوتَك.

• قيامُك بالواجبِ عليك في كلِّ جانبٍ مِن جوانبِ الحياةِ عملٌ صالحٌ، فسارِعْ إليه وبادِرْ قَبلَ أنْ يَفوتَك.

 

فيا أيُّها المسوِّفُون، ويا أيُّها المتردِّدون، استبقوا الخيراتِ؛ فإنَّ الإنسانَ لا يَدري ماذا يَعرِضُ له؟ الإنسانُ لا يَدري ماذا يَعرِضُ له؟

 

هُناك مَن يُصابُ بالفقرِ بعدَ الغِنى، وهناك مَن يُغنى غنًى يصِل به إلى دَرجةِ الطغيان، وهناك مَن يَعرِضُ له المرضُ، وهناك مَن يُصيبه الهَرَمُ، حتى يصلَ به إلى درجةِ الخَرفِ، وهناك مَن يأتيه الموتُ سريعًا؛ ولذلك قال المعصوم – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «بَادِروا بالأعمالِ سبعًا؛ هلْ تَنتظِرونَ إلاَّ فقرًا مُنسِيًا، أو غِنىً مُطغِيًا، أو مرَضًا مُفسِدًا، أو هَرَمًا مُفنِّدًا، أو موتًا مُجهِزًا، أو الدجالَ فشرُّ غائِبٍ يُنتظَر، أو الساعةَ فالساعةُ أدْهى وأمَرُّ»؛ (رواه الترمذيُّ، وقال: حديث حسن).

 

وامتَثَل الصحابةُ – رضي الله عنهم – لتوجيهاتِ النبيِّ الكريم – صلَّى الله عليه وسلَّم – وسارَعوا في الخيراتِ، وبادَروا بالأعمالِ الصالحةِ ليلاً ونهارًا، فهذا أبو بكر – رضي الله عنه – الرجلُ الذي ما وَجَد طريقًًا علِم أنَّ فيها خيرًا وأجرًا إلاَّ سلَكها ومشَى فيها، حينما وجَّهَ النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – إلى أصحابِه بعضَ الأسئلةِ عن أفعالِ الخيرِ اليوميَّة، كان أبو بكرٍ الصديق هو المجيبَ، قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «مَن أصبحَ مِنكُم اليومَ صائمًا»؟، قال أبو بَكرٍ: أنا، قال: «فمَن تَبِع مِنكم اليومَ جنازةً»؟، قال أبو بكرٍ: أنا، قال: «فمَن أَطْعَم منكم اليومَ مِسكينًا»؟، قال أبو بكر: أنا، قال: «فمَن عادَ مِنكم اليومَ مريضًا»؟، قال أبو بكر: أَنا، فقال رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «ما اجْتمَعْنَ في امرئٍ إلاَّ دخَل الجَنَّةَ»؛ (أخرجه مسلم).

 

وعندَما أراد النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – الخروجَ لقتالِ الرومِ في غزوةِ تبوكَ، فَتَحَ بابَ المسابقةِ والمسارعةِ إلى تجهيز الجيشِ المسلمِ، فحَضَّ أهلَ الغِنى على النَّفقةِ والجهادِ بالنفْسِ والمالِ في سبيلِ الله، وكان لهذه الغزوة ظروفُها الخاصَّةُ، فقد كانتِ المسافةُ إلى تبوكَ بعيدةً، وكان الحَـرُّ شديدًا، وعددُ العدوِّ كثيرًا جدًّا، وكانتِ البلادُ مجدبةً، فسارع سيِّدُنا عمرُ – رضي الله عنه – وقال في نفْسه: اليومَ أَسبِقُ أبا بكر، إنْ سبقتُه يومًا، فجاءَ بنِصفِ مالِه، فقال رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «ما أبقيتَ لأهلِك»؟، فقال: مِثلَه يا رسولَ الله، وأتَى أبو بكرٍ بكلِّ ما عِندَه مِن مالٍ! فقال رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «ما أبقيتَ لأهلِك» ؟ فقال: أبقيتُ لهم اللهَ ورسولَه، فقال عمرُ حينذاك: لا أُسابِقُك إلى شيءٍ أبدًا…؛ لأنَّ مِثْلَ أبي بكرٍ لا يُمكنُ أن يُسبقَ.

 

وكانَ سيِّدنا عُثْمَانُ – رضي الله عنه – أكثرَ الصحابةِ مالاً، وأيسرَهم حالاً، فلمَّا سمِع النبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – يحثُّ على تجهيزِ الجَيشِ المسلمِ، قـامَ فقال: يا رسولَ الله، عليَّ مائةُ بعيرٍ بأحلاسِها وأَقْتابها في سبيلِ الله – يعني: مجهَّزة بمعدَّاتها – ولما كرَّر النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – الحضَّ على النَّفقة على الجيشِ، قـام عثمانُ فقال: يا رسولَ الله، عليَّ مائتا بعيرٍ بأحلاسِها وأقتابِها في سبيلِ الله، وأعادَ رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – الحضَّ على النفقةِ على الجيش مرةً ثالثة، فقام عثمانُ الغنيُّ الوفيُّ المحبُّ لله ورسولِه، فقال: يا رسولَ الله، عليَّ ثلاثمائة بعيرٍ بأحلاسِها وأقْتابها في سبيلِ الله، فما كان مِن رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – إلاَّ أنْ دعَا له قائلاً: «اللهمَّ ارضَ عن عثمان، فإنِّي عنه راضٍ»، ولم يكتفِ بذلك شهيدُ الدارِ، بل ذهَب وجاءَ بألفِ دِينار، وصَبَّها في حجرِ النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فجَعَل رسولُ اللهِ – صلَّى الله عليه وسلَّم – يُقلِّبها بيده ويقولُ: «ما ضَرَّ عُثْمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ» – مَرَّتينِ)).

 

التأنِّي والتمهُّلُ والرزانةُ مطلوبةٌ في كلِّ شيءٍ إلاَّ في عَمَل الآخرة؛ لماذا؟ لأنَّ عملَ الآخرةِ مطلوبٌ فيه المسارعةُ والمبادرةُ والمسابقةُ، كما جاءَ في القرآنِ الكريمِ والسُّنَّة النَّبويَّة؛ ولذلك عندما أوشكتِ الصفحةُ الأخيرةُ مِن حياةِ الإمامِ الجُنيدِ أن تُطوى، كان يقرأُ القرآنَ، ويَجتهدُ في القراءةِ وَقْتَ خروجِ رُوحِهِ، فقيل له: أتقرأُ في هذا الوقت؟! فقال: أُبادرُ طيَّ صحيفتي.

 

المؤمنُ الفَطِنُ يعلمُ أنَّ أنفاسَهُ معدودةٌ، وساعاتِ إقامتِهِ في الدنيا محدودةٌ، ويُدركُ أنَّ الحياةَ فُرصٌ، مَن اغتنم هذه الفرصَ وعمِل الصالحاتِ، فازَ وسعِد في الدنيا والآخِرة، ومَن ضيَّعها خابَ وخسِر، وقد حدَّثَ ابنُ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما – قائلاً: قالَ رَسولُ اللهِ – صلَّى الله عليه وسلَّم – لرجلٍ وهو يَعِظه: «اغتنمْ خمسًا قبلَ خمس: شبابَك قبلَ هرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقمِك، وغِناك قبلَ فَقْرِك، وفراغَك قبلَ شُغلِك، وحياتَك قبلَ موتِك»؛ أخرجه الحاكم، وقال: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرْط الشيخين ولم يُخرجاه.

 

وانظرْ إلى الصحابيِّ الجليلِ عمرِو بن الجموحِ الأنصاريِّ – رضي الله عنه – حينما رأى أبناءَه ذاهبين إلى الجِهادِ في سبيلِ الله، أصَرَّ على مصاحبتِهم والخروجِ معهم، فحاولوا منْعَه مِن الذَّهابِ معهم قائلين له: نحن نَكفيك، وإنَّ اللهَ يَعذِرك؛ لعرجتِك وكِبر سِنِّك، ولكنَّه يصيحُ فيهم قائلاً: ما لكم تمنعونني مِن دُخولِ الجنَّةِ، ثم يذهَب إلى رسولِ اللهِ شاكيًا أبناءَه، فيُخَلِّي رسولُ اللهِ بينه وبينهم، ويتركُونه وما يُريدُ، فيقول: يا رسولَ الله، أَإِذا استشهدتُ في سبيلِ الله أدخلُ الجنةَ بعَرْجَتي هذه؟ فيُطمِئنه رسولُ اللهِ ويقولُ له: «كلاَّ، بل تدخُلها صحيحًا»، فيَرفعُ يديه إلى السماءِ ويقول: اللهمَّ إنْ أرجعتني، فأرْجِعني منصورًا، وإنْ قبضتني، فاقبضني شَهيدًا، ثم يخرجُ مِن ساعته إلى ساحةِ القِتالِ مبتغيًا الشهادةَ فينالها، وحينما يَسمعُ النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – نبأَ استشهادِهِ يقول: «واللهِ لكأنِّي أرَى عمرَو بن الجموح يَمضي بعَرجتِه هذه سليمًا في الجنَّة».

 

تاجَر عَمرٌو مع اللهِ تعالى بنفسِهِ ومالِهِ، فكان حقًّا على اللهِ أن يُدخِله الجنَّة؛ {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111].

 

فسارِعْ في الخيراتِ كما سارَع أسلافُكَ، وبادرْ إلى الطاعاتِ كما بادَروا، وقدِّمْ لنفسِك كما قدَّموا؛ {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المزمل: 20].

 

طرقُ الخيرِ والنفعِ كثيرةٌ متاحةٌ للجميع، ولكن أين السالِكون؟ وأينَ السائِرون؟

أبوابُ البِرِّ متعدِّدةٌ، ولكن أينَ المسارِعون إليها؟ وأينَ الطارِقون لها؟

 

إذا كان الرَّجلُ الغنيُّ يتصدَّقُ بما أنعم اللهُ عليه مِن نِعمةِ المالِ، فإنَّ اللهَ قد جعَل للفقراءِ أيضًا أعمالاً تُضاهي الصَّدقاتِ؛ حدث أبو ذَرٍّ – رضي الله عنه – أنَّ ناسًا مِن أصحابِ النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – الفُقراءِ قالوا للنبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم -: يا رسولَ الله، ذَهَب أهلُ الدُّثور بالأجـور؛ يُصلُّون كما نُصلِّي، ويَصومون كما نَصوم، ويَتصدَّقون بفُضولِ أموالِهم ولا نَتصدَّق، قال: «أوَلَيس قدْ جعَلَ اللهُ لكم ما تَصدَّقون به؟ إنَّ بكلِّ تسبيحةٍ صدَقةً، وكلِّ تكبيرةٍ صَدَقة، وكلِّ تحميدةٍ صدقةٌ، وكلِّ تهليلةٍ صدقةٌ، وأمرٌ بالمعروفِ صدقةٌ، ونهيٌ عن مُنكَر صدقةٌ، وفي بُضعِ أحدِكم صدَقةٌ» قالوا: يا رسولَ الله، أيأتي أحدُنا شهوتَه ويكون له فيها أجْر؟ قال: «أرأيتُم لو وضَعَها في حرامٍ، أكان عليه فيها وِزرٌ؟ فكذلك إذا وضعَها في الحلالِ كان له أجْرٌ»؛ (رواه مسلم).

 

أسألَ الله – عزَّ وجلَّ – لي ولكَ ولجميعِ الأمَّة الهدايةَ والتوفيقَ وسعادةَ الدارين.

_________________________________________________________
الكاتب: د. أحمد عيد عبدالفتاح حسن


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

وما توفيقي إلا بالله – طريق الإسلام

ما أعظم أن يسير المرء في طريق الخير، ويستقيم عليه، وترعاه عناية الله في كل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *