الدعاء سلاح المؤمن: ينجي من العدو، ويستجلب به الرزق، ويستدفع به البلاء، وبه يتوسّل الى الله تعالى في مطالب الدنيا والآخرة.
أولا: تمهيد:
الدعاء سلاح المؤمن: ينجي من العدو، ويستجلب به الرزق، ويستدفع به البلاء، وبه يتوسّل الى الله تعالى في مطالب الدنيا والآخرة، وبه يتوصل إلى النعم الوافية والخيرات الوافرة، وهو وسيلة الأنبياء والصالحين إلى ربهم، وإذا كان كل خيرٍ أصله التوفيق، وهو بيد الله لا بيد العبد؛ فمفتاحه الدعاء والافتقارُ وصدقُ اللَّجأ والرغبة والرهبة إليه؛ فمتى أعطى اللهُ العبدَ هذا المفتاحَ فقد أراد أن يفتح له، ومتى أضله عن المفتاح بقي باب الخير مُرْتَجًا دونه، والله سبحانه وتعالى يحب تذلل عبيده بين يديه، وسؤالهم إياه، وطلبهم حوائجهم منه، وشكواهم منه إليه، وعياذتهم به منه، وفرارهم منه إليه، وهو جماع الخير[1]، والحرمان منه علامة الغضب، قال صلى الله عليه وسلم أنه قال: « «مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ»[2].
ثانيا: تعريف الدعاء:
أ- الدعاء لغة:
الدعاء لغة: الطلب، ويطلق على النداء وعلى الترغيب، يُقَالَ: دعوتُ الله أدعوه دعاءً: ابتهلت إِلَيْهِ بالسؤال ورغبت فيما عنده من الخير ودعا الله: طلب منه الخير ورجاه منه، ودعا الفلان: طلب الخير له، ودعا عَلَى فلان: طلب لَهُ الشر[3].
ب- الدعاء شرعا:
الدعاء شرعا: “سؤال العبد ربه عَلَى وجه الابتهال، وَقَدْ يطلق عَلَى التقديس والتحميد ونحوهما“[4].
ثالثا: السنن المتعلقة بالدعاء:
الدعاء عند دخول القرية أو المدينة:
عن صهيب رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلَّا قَالَ حِينَ يَرَاهَا: «اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الْأَرَضِينَ وَمَا أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ، فَإِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا»[5].
الدعاء عند هبوب الريح:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ»[6].
تحري الدعاء بين الظهر والعصر يوم الأربعاء:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا فِي مَسْجِدِ الْفَتْحِ ثَلَاثًا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، فَاسْتُجِيبَ لَهُ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، فَعُرِفَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ. قَالَ جَابِرٌ: فَلَمْ يَنْزِلْ بِي أَمْرٌ مُهِمٌّ غَلِيظٌ إِلَّا تَوَخَّيْتُ تِلْكَ السَّاعَةَ، فَأَدْعُو فِيهَا فَأَعْرِفُ الْإِجَابَةَ»[7].
الدعاء لمن لبس جديدًا:
عن ابن عمر رضي الله عنهم: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى عَلَى عُمَرَ قَمِيصًا أَبْيَضَ، فَقَالَ: «ثَوْبُكَ هَذَا غَسِيلٌ أَمْ جَدِيدٌ» ؟ قَالَ: لَا، بَلْ غَسِيلٌ. قَالَ: «الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا»[8].
الدعاء بعد شرب اللبن:
عن ابن عباس رضي الله عنهم ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَأَطْعِمْنَا خَيْرًا مِنْهُ، وَإِذَا سُقِيَ لَبَنًا فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ، وَزِدْنَا مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُجْزِئُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِلَّا اللَّبَنُ»[9].
قال القرطبي رحمه الله[10]: «ثم إن في الدعاء بالزيادة منه علامة الخصب وظهور الخيرات وكثرة البركات، فهو مبارك كله»[11].
الدعاء في الطريق إلى المسجد:
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلمخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا، وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا»[12].
تكرار الدعاء ثلاثًا:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا»[13].
[1] انظر: أحمد بن حنبل، الزهد (ص195)، الطبعة: الأولى، 1420 هـ – 1999 م، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ابن القيم، مدارج السالكين (3/ 510)، الطبعة: الثانية، 1441 هـ – 2019 م، الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض)
[2] سنن الترمذي (5/ 456) حديث رقم (3373)، كتاب الدعاء، باب ما جاء في فضل الدعاء، وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد (ص246).
[3] انظر: الفيومي، المصباح المنير (1/ 194)، بدون طبعة، بدون تاريخ، الناشر: المكتبة العلمية – بيروت، مجموعة من المؤلفين، المعجم الوسيط (286) الطبعة: الثانية 1392 هـ1972 م، الناشر: مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
[4] سعدي أبو جيب، القاموس الفقهي لغة واصطلاحا (ص131)، الطبعة: الثانية 1408 هـ = 1988 م، الناشر: دار الفكر. دمشق – سورية.
[5] السنن الكبرى للنسائي(9/ 201) حديث رقم (10302)، كتاب السير، الدعاء عند رؤية القرية التي يريد دخولها، وصححه ابن خزيمة في صحيحه (4/ 254).
[6] صحيح مسلم (3/ 26) حديث رقم (899)، كتاب صلاة الاستسقاء، باب التعوذ عند رؤية الريح والغيم والفرح بالمطر.
[7] مسند أحمد (22/ 425) حديث رقم (14563)، مسند المكثرين من الصحابة، مسند جابر بن عبد الله، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 49).
[8] سنن ابن ماجه (ص 755) حديث رقم (3558)، كتاب اللباس، باب ما يقول الرجل إذا لبس ثوبا جديدا، وصححه البوصيري في مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه (4/ 82).
[9] سنن أبي داود (3/ 339) حديث رقم (3730)، كتاب الأشربة، باب ما يقول إذا شرب اللبن، سنن الترمذي (5/ 506) حديث رقم (3455)، كتاب الأطعمة، باب ما جاء في التسمية على الطعام، سنن ابن ماجه (ص 710) حديث رقم (3322)، كتاب الأطعمة، باب اللبن، وحسنه الترمذي.
[10] هو أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي المالكي صاحب التفسير، توفي سنة إحدى وسبعين وستمائة، انظر شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (5/ 335).
[11] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن (10/ 127)، الطبعة: الثانية، 1384 هـ – 1964 م، الناشر: دار الكتب المصرية – القاهرة.
[12] صحيح مسلم (1/ 530): (763)، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه.
[13] صحيح مسلم (5/ 179) حديث رقم (1794)، كتاب الجهاد والسير، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين.
_________________________________________________
الكاتب: مشاري بن عبدالرحمن بن سعد العثمان
Source link