المواساة في فقد الولد – طريق الإسلام

ففي يوم الظمأ الأكبر يبحث المرء عمن يسقيه , فيأتي الولد الذي مات صغيراً ليسقي والديه .

 

د. بدر عبد الحميد هميسه

{بسم الله الرحمن الرحيم }
الأولاد نعمة من أجل وأفضل النعم على الإنسان لا يحس بها إلا من حرم منها أو فقدها , والولد هبة إلهية ومنحة ربانية , قال عز من قائل : “ { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)} [سورة الشورى] .
قال الشاعر :

إِنَّـما أولادُنَا أكـبادُنا *** أرواحُنا تمشي على الأرضِ
إِنْ هَبَّتِ الريحُ على بعضِهِمْ *** امتنعتْ عيني عَنِ الغَمْـضِ

وفقد الولد مصيبة لا تتحملها إلا نفس المؤمن الصابرة الراضية بقضاء الله تعالى وقدره , عَنْ ثَابِتٍ ، عن أنس رضي الله عنه قال «: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي سَيْفٍ الْقَيْنِ ، وَكَانَ ظِئْرًا لإِبْرَاهِيمَ ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِبْرَاهِيمَ ، فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَذْرِفَانِ ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بْنُ عَوْفٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟! فَقَالَ : يَا ابْنَ عَوْفٍ ، إِنَّهَا رَحْمَةٌ ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ ، وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يَرْضَى رَبُّنَا ، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ» . [ أخرجه أحمد 3/194(13045) و\”البُخَارِي\” 2/105(1303)] .
قال ابن مسعود : ما منكم إلا ضيف ، وماله عارية ، والضيف مرتحل ، والعارية مؤداة إلى أهلها, وقال الشاعر :

وما المال والأهلون إلا ودائع *** ولا بُّد من يومٍ تُردُّ الودائعُ

قال ابن الرومي في رثاء ولده :

توخى حمام الموت أوسط صبيتي ** فلله كيف اختار واسطة العقدِ
على حين رمت الخير من لمحاته ** وآنست من أفعاله آية الرشــدِ
طواه الردى عني فأضحى مزاره ** بعيداً على قرب قريباً على بعدِ

وقال أبو الحسن التهامي يرثي ولده :

إِنّـي وُتِـرتُ بِصارِمٍ ذي رَونَق ** أَعـددتـهُ لِـطِـلابَـةِ الأَوتـــارِ
وَالنَفسُ إِن رَضِيَت بِذَلِكَ أَو أَبَت ** مُـنـقـادة بِـأَزمَّــــة الأَقـــدارِ
يـا كَـوكَباً ما كانَ أَقصَرَ عُمرَهُ ** وَكَـذاكَ عُمرُ كَواكِبِ الأَسحارِ
وَهـلال أَيّـامٍ مَضى لَم يَستَدِر ** بَـدراً وَلَـم يمهل لِوَقت سِرارِ
عَـجِلَ الخُسوف عَلَيهِ قَبلَ أَوانِه ** فَـمَـحـاهُ قَـبلَ مَظَنّــَة الإِبـدارِ
واسـتَـلَّ مِـن أَتـرابِهِ وَلِداتِه ** كَـالـمُـقلَةِ استَلَت مِنَ الأَشفارِ
فَـكَـأَنَّ قَـلـبـي قبره وَكَأَنَّه ** فـي طَـيِّـــهِ سِـرٌّ مِنَ الأَســرارِ
إِنَّ الـكَـواكِبِ في عُلُوِّ مَكانِها ** لَـتُـرى صِغاراً وَهيَ غَيرُ صِغارِ

وهذه بشريات لأهل الجلد عند فقد الولد , ومواساة للصابرين عند فقد البنات والبنين , فهي بشريات للمواساة والتسلية والتعزية:

البشارة الأولى : من الله تعالى صلوات ورحمة وهداية :
قال تعالى في وصف المؤمنين الصابرين على البلاء , الراضين بمر القضاء : \” {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [سورة البقرة] .
قال أهل التفسير : والصلاة : من الله المغفرة ، قاله ابن عباس؛ أو الثناء ، قاله ابن كيسان ، أو الغفران والثناء الحسن ، قاله الزجاج.
والرحمة : قيل هي الصلوات ، كررت تأكيداً لما اختلف اللفظ ، كقوله {
{رأفة ورحمة} } وقيل : الرحمة : كشف الكربة وقضاء الحاجة.
تفسير البحر المحيط 2/102.
وقال صاحب الدر المنثور 1/311 : قال علىّ أمر الله في المصائب ، يعني بشرهم بالجنة ( أولئك عليهم ) يعني على من صبر على أمر الله عند المصيبة { صلوات } يعني مغفرة { من ربهم ورحمة } يعني رحمة لهم وأمنة من العذاب { وأولئك هم المهتدون } يعني من المهتدين بالاسترجاع عند المصيبة .
وقال السمرقندي في بحر العلوم 1/133 : والصلاة من الله تعالى على ثلاثة أشياء : توفيق الطاعة والعصمة عن المعصية ومغفرة الذنوب جميعاً ، فبالصلاة الواحدة تتكون لهم هذه الأشياء الثلاثة ، فقد وعد لهم الصلوات الكثيرة ، ومقدار ذلك لا يعلمه إلا الله .
ثم قال :
{{ وَأُولَئِكَ هُمُ المهتدون }} ، أي الموفقون للاسترجاع . وروي عن سعيد بن جبير أنه قال : لم يكن الاسترجاع إلا لهذه الأمة ، ألا ترى أن يعقوب عليه السلام قال : { وتولى عَنْهُمْ وَقَالَ ياأسفا عَلَى يُوسُفَ وابيضت عَيْنَاهُ مِنَ الحزن فَهُوَ كَظِيمٌ } [ يوسف : 84 ] فلو كان له الاسترجاع ، لقال ذلك.
وقال الرازي 2/454 : فاعلم أن الصلاة من الله هي : الثناء والمدح والتعظيم ، وأما رحمته فهي : النعم التي أنزلها به عاجلاً ثم آجلاً .
وأما قوله :
{ { وأولئك هُمُ المهتدون }} ففيه وجوه . أحدها : أنهم المهتدون لهذه الطريقة الموصلة بصاحبها إلى كل خير . وثانيها : المهتدون إلى الجنة ، الفائزون بالثواب . وثالثها : المهتدون لسائر ما لزمهم.
وعن ثابت قال : لما مات عبد الله بن مُطرَّف خرج أبوه (مُطرَّف) على قومه في ثيابٍ حسنة وقد ادهن ، فغضبوا وقالوا له : يموتُ ولدك عبد الله ثم تخرجُ في ثيابٍ مثل هذه مدهناً .
فقال لهم : أفأستكينُ لها (يعني مصيبة موت ابنه) ، لقد وعدني ربي تبارك وتعالى ثلاث خصال كُلُّ واحدةٍ منهن خيرٌ من الدنيا وأحبُ إليَّ من الدنيا وما فيها … قال الله :
{(الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)} ، {(أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ) } هذه الأولى ، {(وَرَحْمَةٌ)} هذه الثانية ، {(وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) } هذه الثالثة.
وروي عن ابن عباس أنه أُخبِرَ بوفاة ابنٍ له وهو في سفر فاسترجع وقال : عورة سترها الله ، ومؤنه كفاها الله ، وأجرٌ ساقه الله تعالى ، ثم نزل فصلى ركعتين ثم قال : قد صنعنا ما أمرنا الله تعالى به ، قال تعالى : وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاة .
وروى الحافظ أبو نعيم: لما توفي ذر بن عمر الهمداني، جاءه أبوه أو جاء أبوه، فوجده قد مات، فوجد أهل بيته يبكون، فقال: ما بكم؟ قالوا: مات ذر، فقال: الحمد لله، والله ما ظلمنا ولا قهرنا ولا ذهب لنا بحق، وما أريد غيرنا بما حصل لذر، ومالنا على الله من مأثم، ثم غسَّله وكفَّنه، وذهب ليصلي مع المصلين، ثم ذهب به إلي المقبرة، ولما وضعه في القبر قال: رحمك الله يا بني، قد كنت بي بارًا، وكنت لك راحمًا، ومالي إليك من وحشة ولا إلى أحد بعد الله فاقة، والله يا ذر ما ذهبت لنا بعز، وما أبقيت علينا من ذل، ولقد شغلني والله الحزن لك عن الحزن عليك، يا ذر –والله- لولا هول يوم المحشر لتمنيت أني صِرْت إلى ما إليه صرت. يا ليت شعري ماذا قيل لك وبماذا أجبت؟ ثم يرفع يديه أخري باكيًا، اللهم إنك قد وعدتني الثواب إن صبرت، اللهم ما وهبته لي من أجر فاجعله لذر صلة مني، وتجاوز عنه، فأنت أرحم به مني، اللهم إني قد وهبت لذر إساءته فهب له إساءته فأنت أجود مني وأكرم ثم انصرف ودموعه تقطر على لحيته.

وليس الذي يجري من العين ماؤها *** ولكنها روح تسيل فتقطر

فانصرف وهو يقول: يا ذر قد انصرفنا وتركناك، ولو أقمنا ما نفعناك، وربنا قد استودعناك، والله يرحمنا وإياك. علي بن نايف الشحود : موسوعة البحوث والمقالات العلمية ص 6.
قال الشاعر :

عَطِيَّتُهُ إِذَا أَعْطَى سُرُورًا * * * وَإِنْ أَخَذَ الذي أعطَى أَثَابَا
فَأَيُّ النعمتينِ أجلُّ قدرًا * * * وَأَحْمَدُ فِي عَوَاقِبِهَا مَآَبَا
أَنِعْمَتُهُ التي أَهْدَتْ سُرُورًا؟ * * * أَمِ الأُخْرَى التي أَهْدَتْ ثَوَابَا؟
بَلِ الأُخرَى وإِن نزلتْ بِكُرْهٍ * * * أَحَقُّ بِشُكْرِ مَنْ صَبَرَ احتِسَابَ

البشارة الثانية : السقيا يوم الظمأ الأكبر :
قال تعالى في وصف هول يوم القيامة : \”
{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50)} [سورة الأعراف] .
ففي يوم الظمأ الأكبر يبحث المرء عمن يسقيه , فيأتي الولد الذي مات صغيراً ليسقي والديه .
عن محمد خلف وكيع قال: كان لإبراهيم الحربي ابن، وكان له إحدى عشرة سنة، قد حفظ القرآن، ولقّنه من الفقه شيئاً كثيراً فمات، قال: فجئت أعزِّيه، فقال لي: كنت أشتهي موت ابني هذا، قلت: يا أبا إسحاق، أنت عالم الدنيا، تقول مثل هذا في صبي، قد أنجب، وحفظ القرآن، ولقّنته الحديث والفقه؟ قال: نعم. رأيت في النوم، كأنَّ القيامة قد قامت، وكأنَّ صبياناً بأيديهم قلال ماء، يستقبلون الناس يسقونهم، وكان اليوم يوماً حاراً شديداً حرّه. قال: فقلت لأحدهم: اسقني من هذا الماء، قال: فنظر إليّ، وقال لي: ليس أنت أبي؟ فقلت: فأيش أنتم؟ قالوا: نحن الصبيان الذين متنا في دار الدنيا، وخلفنا آباءنا، نستقبلهم، فنسقيهم الماء، قال: فلهذا تمنيت موته . ابن الجوزي : صفة الصفوة 2/410.
قال المقدسي في : (اللبابُ في تَسْلِيةِ المُصَاب ص 14) : بلغ الشافعيَّ، رضي الله عنه، أنَّ عبد الرحمن بن مهدي مات ابنٌ له، فجزعَ عليه عبدُ الرحمن جزعًا شديدًا فبعث إليه الشّافعيّ، رضي الله عنه: يا أخي عزِّ نفسكَ بما تُعزِّي به غيرَك، واستقبح من فعلك ما تستقبحهُ من فعل غيرك، واعلمُ أنَّ أمضّ المصائبِ فقدُ سرورٍ وحرمان أجرٍ، فكيفَ إذا اجتمعا مع اكتساب وزر؟ فتناول حظك يا أخي إذا قربَ منكَ قبلَ أنْ تطلبه، وقد نأى عنكَ، ألهمكَ الله عند المصائبِ صبرًا، وأحرزَ لنا ولكَ بالصبر أجرًا، وكتب إليه:

إني معزِّيك لا أني على ثقةٍ * * * من الخلودِ ولكنْ سنة الدينِ
فما المعزَّى بباق بعد ميته * * * ولا المعزِّي ولوْ عاشا إلى حينِ

وكان صلة في غزاة ومعه ابنه فقال له: أي بني تقدم فقاتل حتى أحتسبك، فحمل فقاتل حتى قتل، ثم تقدم صلة فقاتل حتى قتل، فاجتمع النساء عند امرأته معاذة العدوية فقالت: إن كنتن جئتن لتهنينني فمرحبا بكن، وإن كنتن جئتن لتعزينني فارجعن . البداية والنهاية 9/22.

البشارة الثالثة : النجاة من النار :
الصبر على فقد الأولاد فيه وقاية من النار ومن غضب الجبار , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ « أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِصَبِيٍّ لَهَا ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ، ادْعُ اللهَ لَهُ ، فَقَدْ دَفَنْتُ ثَلاَثَةً ، فَقَالَ : لَقَدِ احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ.»
– وفي رواية : «جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِوَلَدٍ لَهَا مَرِيضٍ يَدْعُو لَهُ بِالشِّفَاءِ وَالْعَافِيَةِ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ، قَدْ مَاتَ لِي ثَلاَثَةٌ ، قَالَ : فِي الإِسْلاَمِ ؟ قَالََتْ : فِي الإِسْلاَمِ ، فَقَالَ : مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقَدِّمُ ثَلاَثَةً فِي الإِسْلاَمِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ يَحْتَسِبُهُمْ ، إِلاَّ احْتَظَرَ بِحَظِيرٍ مِنَ النَّارِ» . [أخرجه \”أحمد\” 2/419(9427) و\”البُخاري\” في \”الأدب المفرد\” 144 و\”مسلم\” 6796] .
ذكر ابن الجوزي بإسناده عن عبد الله بن زياد قال: حدثني بعض من قرأ في الكتب أن ذا القرنين لما رجع من مشارق الأرض ومغاربها وبلغ أرض بابل مرض مرضاً شديداً، فعلم أنه مرض الموت وأشفق على نفسه فكتب لأمه معزياً في ذكاء قائلاً: يا أماه، إذا جاءك كتابي فاصنعي طعاماً واجمعي من قدرت من الناس ولا يأكل طعامك من أصيب بمصيبة، وتسألي هل وجدت لشيء قراراً. إني لأرجو أن الذي أذهب إليه خيراً مما أنا فيه. فلما وصل كتابه صنعت طعاماً عظيماً وجمعت الناس وقالت: لا يأكل هذا من أصيب بمصيبة. فلم يتقدم أحد من هذا الطعام، فعلمت مراد ابنها فقالت: بني، من مبلغك عني أنك وعظتني فاتعظت وعزيتني فتعزيت فعليك السلام حياً وميتاً. ابن الجوزي : تسلية أهل المصائب صـ20،21.
كان سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كثيراً ما يتمثل بهذه الأبيات:

لا شيء مِمَاِ ترى تَبْقَى بشاشتُهُ *** يبقى الإله ويُودي المالُ والولدُ
لم تغن عن هُرمُز يوماً خزائنهُ ***والْخُلْدَ قد حاولت عادٌ فما خلَدُوا
ولا سليمان إذْ تجرِي الرياحُ لهُ *** والجنُ والإنس فيما بينها تَرِدُ
أين الملوك التي كانت نوافلُها *** من كل صَوْبٍ إليها وافِد يَفد
حوضُ هنالك مورودٌ بلا كدر ***لا بدَ من وِرْدِهِ يوماً كما وَرَدوا

البشارة الرابعة : دخول الجنة :
قال تعالى: \
{“وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ \} ” . [سورة الطور:21] .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
«مَا مِنَ النَّاسِ مُسْلِمٌ ، يَمُوتُ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ ، لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ ، إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ ، بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ» . [أخرجه البُخَارِي 2/92(1248)] .
عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
«مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ ، فَاحْتَسَبَهُمْ ، دَخَلَ الْجَنَّةَ ، قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَاثْنَانِ ؟ قَالَ : وَاثْنَانِ.قَالَ مَحْمُودٌ : فَقُلْتُ لِجَابِرٍ : أُرَاكُمْ لَوْ قُلْتُمْ (وَاحِدٌ) لَقَالَ :وَاحِدٌ) ؟ قَالَ : وَأَنَا ، وَاللهِ، أَظُنُّ ذَلِكَ» . [أخرجه أحمد 3/306(14336) و\”البُخَارِي\” ، في (الأدب المفرد) 146] .
عَنْ أَبِي إِيَاسٍ ، وَهُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛
«أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ : أَتُحِبُّهُ ؟ فَقَالَ : أَحَبَّكَ اللهُ كَمَا أُحِبُّهُ ، فَمَاتَ ، فَفَقَدَهُ ، فَسَأَلَ عَنْهُ ، فَقَالَ : أَمَّا يَسُرُّكَ أَنَّهُ لاَ تَأْتِي بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ تَسْتَفْتِحُهُ ، إِلاَّ جَاءَ يَسْعَى حَتَّى يَسْتَفْتِحَهُ لَك ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً ؟ قَالَ : لَكُمْ عَامَّةً» .
– وفي رواية :
«أَمَا تُحِبُّ أَنْ لاَ تَأْتِىَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلاَّ وَجَدْتَهُ يَنْتَظِرُكَ ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِكُلِّنَا ؟ قَالَ : بَلْ لِكُلِّكُمْ» . [أخرجه أحمد 3/436(15680) و\”النَّسائي\”4/22 ، وفي \”الكبرى\”2009] .
عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ شُفْعَةَ ، عَنْ بَعْضِ أصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :
«يُقَالُ لِلْوِلْدَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : ادْخُلُوا الْجَنَّة , قال : فَيَقُولُونَ : يَارَبِّ ، حَتَّى يَدْخُلَ آبَاؤُنَا وَأمَّهَاتُنَا , قال : فَيَأْتُونَ , قال : فَيَقُولُ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ : مَالِي أَرَاهُمْ مُحْبَنْطِئِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ , قال : فَيَقُولُونَ : يَارَبِّ آبَاؤُنَا وَأُمَّهَاتُنَا, قال : فَيَقُولُ : ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ» . [أخرجه أحمد 4/105(17096) والطبرانى (24/224) الألباني :صحيح الجامع ( 5780 )] .
قيل مات ابن لداود عليه السلام فحزن عليه حزنا شديدا . فأوحى الله إليه : ماذا كنت مفتديه ؟ قال : بطلاع الأرض ذهبا . قال : فأوحى الله إليه : إن لك عندي من الأجر بحساب ذلك . وفي رواية قال : يا داود ما كان يعدل هذا الولد عندك ؟ قال : كان يعدل عندي ملء الأرض ذهبا . قال : فلك يوم القيامة عندي ملء الأرض ثوابا . تسْلِيَةُ نُفُوْسِ النِّسَاءِ والرِّجَالِ عِنْدَ فَقْدِ الأطْفَالِ:للحافظ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ رَجَبٍ ص 16.
كان عروة بن الزبير صبورا حين أبتلي حكي أنه خرج إلى الوليـد بن يزيد فوطىء عظمـا فأصابته فما بلغ إلى دمشق حتى بلغ به كل مذهب فجمع له الوليد الأطباء فأجمع رأيهم على قطع رجله فقالـوا له أشرب مرقـدا فقال : ما أحب أن أغفل عن ذكر الله تعالى فأحمي له المنشار وقطعت رجله فقال ضعوها بين يدي ولم يتوجع ثم قال : لئن كنت ابتليت في عضو فقـد عوفيت في أعضاء فبينمـا هو كذلك إذ أتاه خبر ولده أنه طلع من سطح على دواب الوليد فسقط فمات فقال: الحمـد للـه على كل حال لئن أخذت واحـدا لقـد أبقيت جماعـة . مختصر تاريخ دمشق 5/275.
عن أبي قدامة الشَّامي قال: كنت آمرًا على الجيش في بعض الغزوات، فدخلتُ بعضَ البلدان، فدعوتُ الناس إلى الغزاة، ورغبتهم في الجهاد، وذكرتُ فضلَ الشهادة، وما لأهلها، ثم تفرَّق الناسُ، وركبتُ فرسي، وسرتُ إلى منزلي، فإذا بامرأةٍ من أحسن الناس تُنادي: يا أبا قدامة، فقلتُ: هذه مكيدةٌ من الشيطان، فمضيتُ، ولم أجبْ، فقالتْ: ما هكذا كان الصَّالحون، فوقفتُ فجاءتْ، ودفعتْ إليَّ رقعةً وخرقةً مشدودةً، وانصرفت باكية، فنظرتُ في الرقعةِ، فإذا فيها مكتوبٌ: أنتَ دعوتنا على الجهادِ، ورغبتنا في الثواب، ولا قدرةَ لي على ذلك، فقطعتُ أحسنَ ما فيَّ، وهما ضفيرتاي، وأنفذتهما إليك، لتجعلهما قيدَ فرسكَ، لعلَّ الله يرى شعري قيدَ فرسِك في سبيله، فيغفر لي.
فلما كان صبيحة القتالِ، أخرجتُ الضفيرتين فقيَّدتُ بهما فرسي، وباكرنا القتالَ، فإذا بغلام بين يدي الصّفوف يقاتلُ حاسرًا، فتقدَّمتُ إليه، فقلت: يا فتى، أنت غلامٌ غرٌّ راجلٌ، ولا آمنُ أن تجول الخيل، فتطأك بأرجلها، فارجعْ عن موضعكَ هذا. قال: أتأمرُني بالرجوع، وقد قالَ الله عزَّ وجلَّ:\”
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) } [سورة الأنفال] .
فحملته على هجين كان معي، فقال: يا أبا قدامة، اقرضني ثلاثة أسهُم، فقلتُ: هذا وقتُ قرضٍ؟. فما زالَ يلحُّ عليَّ حتى قلتُ: بشرطٍ، إنْ مَنَّ الله عليك بالشَّهادة، أكونُ في شفاعتك، قالَ: نعمْ، فأعطيتُه ثلاثة أسهم، فوضع سهمًا في قوسهِ، وقال: السَّلام عليكَ، فأنا قدّامهُ، ورمى به فقتل رُوميًا، ثم رمى بالآخر، وقال: السلامُ عليكَ، فأنا قُدَّامهُ، فقتل روميًّا، ثم رمى بالآخر، وقال: السَّلامُ عليك، سلامُ مودِّع، فجاءه سهمٌ، فوقع بين عينيه، فوقع رأسُه على قربوسِ سرجه، فتقدَّمتُ إليه، وقلت: لا تَنسها، فقال: نعم، ولكنْ لي إليك حاجةٌ، إذا دخلت المدينة، فائت والدتي، وسلم خرجي إليها، وأخبرْها، فهي التي أعطتك شَعَرَها، لتقَيِّد به فرسَك، وسلم عليها، فهي العام الأول أصيبتْ بوالدي، وفي هذا العام بي، ثم مات، فحفرتُ له ودفنتهُه، فلما هممتُ بالانصراف عن قبره، قذفته الأرض، فألقتْه على ظهرها، فقال أصحابه: إنه غلامٌ غرّ، ولعله خرجَ بغيرٍ إذنِ أمِّه، فقلت: إنَّ الأرض لتقبلُ من هو شرٌّ من هذا، فقمتُ فصليت ركعتين، ودعوتُ الله عزَّ وجلَّ، فسمعت صوتًا يقول: يا أبا قدامة، أتركُ وليَّ الله، فما رُحتُ حتى نزلتْ عليه طيورٌ فأكلتْهُ.
فلم أتيتُ المدينة ذهبتُ إلى دار والدته، فلما قرعتُ الباب، خرجتْ أختُه إليَّ، فلما رأتني عادتْ، وقالتْ: يا أمّاهُ، هذا أبو قدامة، وليس معه أخي، وقد أصبنا العام الأول بأبي، وفي هذا العام بأخي.
فخرجتْ أمُّه فقالت: أمعزّيًا أم مهنِّئًا؟ فقلتُ: ما معنى هذا؟ فقالت: إن كانَ قد مات فعزِّني، وإن كان استُشهد فهنٍِّئني.
فقلتُ: لا، بل ماتَ شهيدًا، فقالت: له علامةٌ، فهل رأيتها؟ قلتْ: نعمْ، لم تقبلُه الأرضُ، ونزلت الطيور، فأكلت لحمه، وتركتْ عظامَه، فدفنتُها، فقالتْ: الحمد لله، فسلمتُ إليها الخرجَ ففتحتهُ، فأخرجتْ منه مسحًا وغلاً من حديد، وقالت: إنه كانَ إذا جنَّه الليل، لبسَ هذا المسحَ، وغلَّ نفسَه بهذا الغلّ، وناجى مولاهُ، وقالَ في مناجاته: \”إلهي، أحشُرني من حواصل الطير\”، فاستجاب الله سبحانه دعاءَه. رحمنا الله وإياه. المقدسي: اللبابُ في تَسْلِيةِ المُصَاب ص 14.

البشارة الخامسة : بيت الحمد :
وهناك خصوصية لمن صبر على فقد الولد بأن يكون له بيت خاص باسمه في الجنة يكون شامة وعلامة عليه وهو بيت الحمد , فعن أَبي موسى رضي الله عنه : أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ : «إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمَلائِكَتِهِ : قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي ؟ فيقولونَ : نَعَمْ . فيقولُ : قَبَضْتُمْ ثَمَرَة فُؤَادِهِ ؟ فيقولونَ : نَعَمْ . فيقولُ : مَاذَا قَالَ عَبْدِي ؟ فيقولونَ : حَمدَكَ وَاسْتَرْجَعَ . فيقول اللهُ تَعَالَى : ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتاً في الجَنَّةِ ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ» . [أخرجه أحمد (4/415 ، رقم 19740) ، والترمذى (3/341 ، رقم 1021), الألباني في \” السلسلة الصحيحة \” 3 / 398] .
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:
«كَانَ ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ رضي الله عنه يَشْتَكِي، فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ. فَقُبِضَ الصّبِيّ، فَلَمّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ أُمّ سُلَيْمٍ: هُوَ أَسْكَنُ مِمّا كَانَ، فَقَرّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ فَتَعَشّىَ، ثُمّ أَصَابَ مِنْهَا، فَلَمّا فَرَغَ قَالَتْ: وَارُوا الصّبِيّ، فَلَمّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَىَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: \”أَعَرَسْتُمُ اللّيْلَةَ ؟\” قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: \” اللّهُمّ بَارِكْ لَهُمَا \” فَوَلَدَتْ غُلاَماً، فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: احْمِلْهُ حَتّىَ تَأْتِيَ بِهِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَتَىَ بِهِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، وَبَعَثَتْ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ ، فَأَخَذَهُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: \”أَمَعَهُ شَيْءٌ؟\” قَالُوا: نَعَمْ، تَمَرَاتٌ، فَأَخَذَهَا النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَمَضَغَهَا ، ثُمّ أَخَذَهَا مِنْ فِيهِ ، فَجَعَلَهَا فِي فِي الصّبِيّ ، ثُمَّ حَنَّكَهُ ، وَسَمّاهُ عَبْدَ اللّهِ» . [رواه مسلم ( 2144 )] .
وفي رواية أخرى لمسلم : عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:
« مَاتَ ابْنٌ لأَبِي طَلْحَةَ مِنْ أُمّ سُلَيْمٍ رضي الله عنهما ، فَقَالَتْ لأَهْلِهَا: لاَ تُحَدّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بِابْنِهِ حَتّىَ أَكُونَ أَنَا أُحَدّثُهُ ، قَالَ: فَجَاءَ فَقَرّبَتْ إِلَيْهِ عَشَاءً ، فَأَكَلَ وَشَرِبَ ، فَقَالَ : ثُمّ تَصَنّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَ تَصَنّعُ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَوَقَعَ بِهَا ، فَلَمّا رَأَتْ أَنّهُ قَدْ شَبِعَ وَأَصَابَ مِنْهَا ، قَالَتْ : يَا أَبَا طَلْحَةَ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنّ قَوْماً أَعَارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ ، فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ ، أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ ؟ قَالَ: لاَ ، قَالَتْ: فَاحْتَسِبِ ابْنَكَ ، قَالَ: فَغَضِبَ وَقَالَ: تَرَكْتِنِي حَتّىَ تَلَطّخْتُ ثُمّ أَخْبَرْتِنِي بِابْنِي فَانْطَلَقَ حَتّىَ أَتَىَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : \”بَارَكَ اللّهُ لَكُمَا فِي غَابِرِ لَيْلَتِكُمَا\” قَالَ: فَحَمَلَتْ» .. [الحديث . حديث رقم: 2144] ​​​​​​​.
وفي روايةٍ للبخاري : قال سفيان بن عيينة : فقال رجل من الأنصار: فرأيتُ لهما تسعةَ أولاد ، كلُّهم قد قرأ القرآن, أي من ولدهما عبد الله . صحيح البخاري رقم: 1239.

الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، ضرب نموذجاً من النماذج التي تحتذى بالصبر، وقوة التحمل، وعدم الجزع، بل السرور عندما مات ابنه عبدالملك، فقد روى سفيان الثوري، قال: قال عمر بن عبدالعزيز، لابنه عبدالملك وهو مريض: كيف تجدك؟ قال في الموت، قال له: لأن تكون في ميزاني، أحب إليَّ من أن أكون في ميزانك، فقال له: يا أبت لان يكون ما تحبّ أحب إليَّ من أن يكون ما أحبّ,, قيل فلما مات ابنه عبدالملك، قال عمر: يا بنيّ لقد كنت في الدنيا كما قال الله جل ثناؤه المال والبنون زينة الحياة الدنيا ، ولقد كنت أفضل زينتها، وإني لأرجو أن تكون اليوم من الباقيات الصالحات، التي هي خير من الدنيا، وخير ثواباً، وخير أملا.والله ما سرني أني دعوتك من جانب، فأجبتني,, ولما دفنه قام على قبره، فقال: مازلت مسروراً بك، منذ بشّرت بك، وما كنت قطّ أسرّ إليَّ منك اليوم,, ثم قال: اللهم اغفر لعبد الملك بن عمر، ولمن استغفر له.
قال الشاعر :

لا قضى الله بيننا بفــراق *** إن طعم الفراق مر المذاق
لو وجدنا إلى الفراق سبيلا *** لأذقنا الفراق طعم الفراق

فاللهم أنزل السكينة على كل مصاب وألهم الصبر لمن ابتلي بفقد الأحباب , واجعلنا اللهم ممن يصبر على القضاء ويرضى بالبلاء .
 


Source link

About Mohamed Alsharif

Check Also

البخل.. تعريفه.. وأدلة ذمه

وقيل: إمساك المال حيث يجب بذله بحكم الشرع كالزكاة، أو بحكم المروءة كالهدية ونحوها للأقارب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *