وذروا الذين يلحدون في أسمائه

فكم هو الظلام والتخبط في الأسماء التي ابتدعها أصحاب الهوى، فانحرفت بهم عن نور الله وصراطه المستقيم، وبسببها قامت الحروب، وأريقت الدماء، وتم تدمير الأخضر واليابس في بلاد المسلمين.

لقد استوقفني هذا التعبير القرآني بجلاله وحلاوته وروعته ودقته، وعلاجه لحالة تؤرق كل مسلم. في كلمات نورانية. قليلة العدد، عظيمة الفائدة، واضحة في ِالتوجيه، لا لبس في معناها، ولا تخبط في فهمها ومدلولها، تنير الطريق لمن أراد الهدى، وفتح قلبه، لتلقي هذا النور.

 

فكم هو الظلام والتخبط في الأسماء التي ابتدعها أصحاب الهوى، فانحرفت بهم عن نور الله وصراطه المستقيم، وبسببها قامت الحروب، وأريقت الدماء، وتم تدمير الأخضر واليابس في بلاد المسلمين.

 

ومن الغريب أن تلك الحفنة القليلة التي تمتهن هذه المهنة بغية عرض دنوي زائل، وبطون قال الله عنها: {أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ} ( [البقرة: 174] )، هؤلاء يضلون عامة المسلمين بالملايين ولا يأبهون بما فيه المسلمون من فرقة وتشتت وضياع بين الأمم.

 

ومن هنا يأتي أمر الله في هذه الآية الكريمة: {وَلِلَّهِ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىٓ أَسْمَٰٓئِهِۦ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف – 180].

 

وهذا الأمر بإهمال شأن الذين يلحدون في أسماء الله؛ لا يقتصر على الإلحاد في أسماء الله بتحريفها اللفظي، إنما ذلك ينسحب على كل ألوان الإلحاد في شتى صوره.

 

فهو ينسحب على الذين يلحدون – أي يحرفون أو ينحرفون – في تصورهم لحقيقة الألوهية على الإطلاق، وعلى كل ما سماه الله من أسماء، فالله هو الذي سمانا المسلمين: {هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ} [الحج – 78].

 

وللأسف أن الكثير من المسلمين فرقوا دينهم وأصبحوا شيعًا وأطلقوا على أنفسهم أسماء بخلاف كلمة الإسلام؛ فهذا صوفي وهذا شيعي وهذا سني وهذا قرآني… والله يقول: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19].

 

ويقول: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [أل عمران: 85].

 

لذلك وصف الله كل تحريفات المغرضين والمتلاعبين بالأسماء بقوله: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23]؛ أي: إن هذه الأسماء كلها وهم لا أساس لها من العلم ولا من الواقع، ولا حجة عليها ولا دليل.

 

والعقيدة لا مجال فيها للظن والهوى؛ ولا بد فيها من اليقين القاطع والتجرد من الهوى والغرض، {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى}.

 

والمسلمون مأمورون بالإعراض عن هذا الهوى كله وإهماله؛ ومأمورون بأن لا يلتفتوا إلى كل من يستخدم هذه المسميات في دعوتهم، فنحن مسلمون – كما سمانا الله – لا شيعية، ولا صوفية، ولا أي اسم بخلاف كلمة الإسلام.

 

تلك المسميات التي فرقت المسلمين، والله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام: 159].

 

لذلك فهؤلاء الملحدون موعدون بجزاء الله لهم على ما كانوا يعملون، قال تعالى: {سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}.

____________________________________
الكاتب: أ. د. فؤاد محمد موسى


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

في الزوايا خبايا – طريق الإسلام

فلا تتطاول على من حولك، وخفِّف الوطء، فلا يعلم أقدار الناس إلا ربُّ العالمين، ولله …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *