رمضان فرحة عامرة وتغيير مطلوب

إن شهر رمضان هو شهر الطاعات بكل أنواعها؛ من صيام وقيام وجود وقرآن وصلوات وإحسان وتهجد وتراويح وأذكار وتسابيح، وهذا الشهر العظيم له في نفوس الصالحين بهجة؛ لأن أوَّلَه رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار

الحمدُ لله الذي جعل شهر رمضان سيد الشهور، وضاعَف فيه الحسنات والأجور، أحمده وأشكره، إنه غفورٌ شكور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً أرجو بها الفوز بدار القرار والسُّرور، وأشهد أنَّ سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه أشرف آمِرٍ ومأمور، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومَنِ اقتفى أثرهم إلى يوم النُّشور.

 

أهمية الحديث عن استقبال رمضان:

أيها المسلمون، من سنن الله في الحياة أنه جعل الأيام تدور وتتجدد، وبتجدد الأيام والشهور تتجدد المواسم والمناسبات والشعائر، ومن بين هذه الشعائر شهر رمضان، فهو شهر عظيم وكريم حطُّ رحاله، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لصيام نهاره وقيام ليله إيمانًا واحتسابًا.

 

وها نحن نتفيَّأ ظلال رمضان، ونشم ريحه، فقد دنت نسماته، وهبَّت ريحه، فبُشْرى لمن أدركوه وهم في صحة بدن، وسلامة دين.

 

إن شهر رمضان هو شهر الطاعات بكل أنواعها؛ من صيام وقيام وجود وقرآن وصلوات وإحسان وتهجد وتراويح وأذكار وتسابيح، وهذا الشهر العظيم له في نفوس الصالحين بهجة؛ لأن أوَّلَه رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار؛ لأن النفوس الطاهرة تعلو بأصحابها حين تغتنم الفرصة الذهبية والهدية الإلهية فتترك كثيرًا من اللذائذ، وتنفطم عن كثير من الرغائب؛ لأن الراحة لا تنال أبدًا بالراحة، ولأن سلعة الله غالية؛ ألا إن سلعة الله هي الجنة.

 

رمضان في القرآن والسنة:

أيها المسلمون، لقد جاء ذكر رمضان والصيام في القرآن الكريم وفي أحاديث نبوية كثيرة، ففي القرآن يقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، فهذه الحكمة العظمى من مشروعيته، ولما ذَكر الله سبحانه أنه فَرض علينا الصيام أخبر أن أيامَ شهر الصيام أيام معدودات، فهي قليلة وتمر سريعًا، فالواجب اليقظة باغتنامها بما يقرب إلى الله، ثم سهَّل تسهيلًا آخر، فقال: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]، ثم ذكر التسهييل والتيسر على الأمة فقال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184]، وذكر الله أن أعظم كتاب أنزل على أفضل نبي أرسل في رمضان، قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]، ولما قرَّر الله سبحانه هذا الشهر وبيَّن فضيلته وحكمته تعالى في تخصيصه؛ أمر بصيامه أمرَ وجوب؛ فقال: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، ومن أعظم ما فيه من الليالي ليلة القدر أُنزِل فيها القرآن، وتتنزَّل فيها ملائكة الرحمن، قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 1 – 5]، وفي السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوَابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ»؛ (البخاري ومسلم) .

 

نعمة إدراك رمضان:

أيها المسلمون، نعيش شوقًا وحنينًا، وترقُّبًا وانتظارًا لضيف غاب عنا أحد عشر شهرًا، وقد أوشك أن يأتي موكبه، وأن يهل هلاله؛ إنه شهر رمضان الكريم، نفرح بقدومه، وندعو بدعاء النبي عند بداية الشهور واستهلال الأهلة؛ فعن طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ كانَ إذا رَأى الهلالَ قالَ: «اللَّهمَّ أهلِلهُ علَينا باليُمْنِ والإيمانِ والسَّلامَةِ والإسلامِ ربِّي وربُّكَ اللَّهُ»؛ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ)، وهذا الدعاء اليوم له رونق آخر ومذاق آخر؛ لأنه هلال خير الشهور ومحطة مضاعفة الأجور.

 

وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يفرح بقدوم شهر رمضان، ويبشر أصحابه فها هُوَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَرْوِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَتَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَهْرٌ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ رَمَضَانَ، وَلَا أَتَى عَلَى الْمُنَافِقِينَ شَهْرٌ شَرٌّ لَهُمْ مِنْ رَمَضَانَ، وَذَلِكَ لِمَا يُعِدُّ الْمُؤْمِنُونَ فِيهِ مِنَ الْقُوَّةِ لِلْعِبَادَةِ، وَمَا يُعِدُّ فِيهِ الْمُنَافِقُونَ مِنْ غَفَلَاتِ النَّاسِ وَعَوْرَاتِهِمْ»؛ (مُسْنَد أَحْمَدَ، وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ شَاكِر)، فكلُّ الظروف مُهَيَّأةٌ للإكثار من فِعل الخيرات؛ فالشياطين مُصَفَّدةٌ، وأبواب النار مُغلقة، وأبواب الجنة مفتوحة؛ يقول النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوَابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ»؛ (مسلم عن أبي هريرة). فالفرصة مُهَيَّأةٌ، والمجال مفتوح: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26].

 

والصائمون والصائمات تتجدَّد فرحتُهم كلَّ يومٍ بالفِطر ونِعمة الصيام؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ»؛ (رواه البخاري). قال النووي -رحمه الله-: أَمَّا فَرْحَتُهُ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ فَبِمَا يَرَاهُ مِنْ جَزَائِهِ، وَتَذَكُّرِ نِعْمَةِ اللَّهِ -تعالى- عَلَيْهِ بِتَوْفِيقِهِ لِذَلِكَ، وَأَمَّا عِنْدَ فِطْرِهِ؛ فَسَبَبُهَا تَمَامُ عِبَادَتِهِ، وَسَلَامَتُهَا مِنَ الْمُفْسِدَاتِ، وَمَا يَرْجُوهُ مِنْ ثَوَابِهَا. فهذا سَيِّدُ الشهور، وهو شهر الصيامِ والقرآن، وشهر القِيامِ والإحسان، وشهر الصَّبرِ والغُفران، وشهر الرحمةِ والعِتقِ من النيران، فاغتنمه! فقد لا يعودُ مرةً أخرى.

 

ويختصُّ الصيامُ عن سائر العبادات بأنه سِرٌّ بين العبد وربه، لا مجال فيه للرياء والنِّفاق؛ لِخفاءِ حقيقته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: «قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إِلَّا الصِّيَامَ، هو لي وَأَنَا أَجْزِي به، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ»؛ (رواه مسلم).

 

قال ابن القيم -رحمه الله-: هُوَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ؛ فَإِنَّ الصَّائِمَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَتْرُكُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِ مَعْبُودِهِ، فَهُوَ تَرْكُ مَحْبُوبَاتِ النَّفْسِ وَتَلَذُّذَاتِهَا إِيثَارًا لِمَحَبَّةِ اللَّهِ وَمَرْضَاتِهِ، وَهُوَ سِرٌّ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ سِوَاهُ.

 

ويرتبط صيام رمضان برباطٍ وثيقٍ بالقرآن العظيم الذي أنزله الله تعالى هدًى للناس، وشفاء ورحمة للمؤمنين، ومما يدل على هذا الترابط والاقتران بين رمضانَ ونزولِ القرآن قوله تعالى:  {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، فعليكم بتلاوة القرآن اقتداء بنبيكم، فقد كان يلقاه جبريل، فيدارسه القرآن في شهر رمضان، وكان السلف الصالح يكثرون من تلاوة القرآن في هذا الشهر، ففي حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «منْ قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ ألم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ»؛ (صحيح الترمذي) . 

ولتكن تلاوتكم للقرآن بتدبر وخشوع وحضور قلب وترتيل لآياته، وحسِّنوا أصواتكم بالتلفظ به ما استطعتم، اقرؤوه في المساجد والبيوت، وأكثروا من ترديده، فإنه لا يخلق عن كثرة الرد، ولا تفنى عجائبه، واسأل الله به؛ فعن عمران بن الحصين رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم يقولُ: «من قرأ القرآنَ، فليسألِ اللهَ به، فإنه سيجيءُ أقوامٌ يقرءونَ القرآنَ يسألونَ به الناسَ»؛ (صحيح الترمذي)، وألزموا أولادكم بتلاوته وتفقدوهم في ذلك، وشجعوهم بالجوائز التي تشجعهم على تلاوته.

 

ولازموا صلاة التراويح ولا تُفرِّطوا فيها، فإن ثوابها عظيم، روى الإمام أحمد والترمذي وصححه أن النبي قال: «إنه مَن قام معَ الإمامِ حتى ينصرفَ كُتِبَ له قيامُ ليلةٍ» . والتراويح سُنةٌ مؤكدةٌ، وفعل الصحابة لها مشهور، وتلقته الأمة بالقبول خلفًا بعد سلف، فاحرصوا عليها ولا تتكاسلوا عنها، فإنكم بأشد الحاجة إليها، لعل الله أن يكتبكم مع الصائمين القائمين.

 

رمضان فرصة للتغيير:

أيها المسلمون، شهر رمضان منحة من الله ليست للإنسان وحده، بل للكون كله؛ حيث إن الكون يعدُّ ويهيأ بصورة خاصة؛ ويتغير بدخول رمضان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَت أَبوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَت أَبوَابُ جَهنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ»؛ (رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَت أَبوَابُ النَّارِ، فَلم يُفتَحْ مِنهَا بَابٌ، وَفُتِحَت أَبوَابُ الجَنَّةِ فَلَم يُغلَقْ مِنهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيرِ أَقبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقصِرْ، وَللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيلَةٍ»؛ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْن مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ)؛ لذلك كان شهرُ رمضان فرصةً من أعظم فرص التغيير النفسي، وشحن العزائم، وتبديل العادات السيئة، والإقلاع عن المعاصي، وذلك لمن صدق النية في التوبة وإصلاح نفسه وبدء صفحة جديدة بينه وبين خالقه عز وجل، فرمضان يُهيِّئ الجو الملائم لمثل ذلك التغيير، ففرصة قبول التوبة والمغفرة أكبر في هذا الشهر منها في غيره من شهور السنة، فرمضان فرصة حقيقية للتصحيح في حياة كل فرد؛ بل في حياة الأمة جمعاء، وهو فرصة ليصبح العبد من المتقين الأخيار، ومن الصالحين الأبرار، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، ورمضان مدرسة تربوية يتدرَّب فيها المؤمن على تقوية الإرادة في الوقوف عند حدود ربه في كل شيء، والتسليم لحكمه في كل شيء، وتنفيذ أوامره وشريعته في كل شيء، وترك كل ما يضره في دينه أو دنياه أو بدنه؛ ليضبط جوارحه وأحاسيسه جميعًا عن كل محرم وما لا ينبغي له، ويحصل على تقوى الله في كل وقت وحين، وهكذا يتحقق التغيير في رمضان، ليصبح العبد من المتقين الأخيار، ومن الصالحين الأبرار، ويتحقق تعليل فرضية الصيام ببيان فائدته الكبرى وحكمته العظمى؛ وهي تقوى الله، يقول الله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

 

ورمضان فرصة للتغيير لمن كان مفرطًا في صلاته، أو يؤخرها عن وقتها، أو يتخلف عن أدائها جماعة في المسجد، وإن التهاون بأمر الصلاة والاستخفاف بها خطأ فادح بكل المقاييس، فيجب على المسلم أن يستيقظ من غفلته، فالحياة قصيرة وإن طالت، وأن يجعل رمضان فرصة للمحافظة على هذه الصلاة، والأحرى به أن يحافظ عليها مع الجماعة في هذا الشهر الفضيل، وعليه أن يألف المساجد، وأن يعمرها بالذكر والتسبيح، فليستعن بالله، وليعزم من الآن أن يكون هذا الشهر المبارك بداية للمحافظة على الصلاة والتبكير إليها، يقول الله تعالى في وصــف المؤمنين:  {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23].

 

ورمضان فرصة للتغيير، لمن كان مقصرًا في نوافل العبادات، ففي رمضان تتهيَّأ النفوس، وتقبل القلوب، وتخشع الأفئدة، فينتهز المسلم هذه الفرصة، ويحاول أن يكثر من النوافل، فهي مكملة لفرائضه، متممة لها،فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أوَّلَ ما يُحَاسَبُ به العبدُ يومَ القيامةِ الصلاةُ المكتوبةُ، فإن أَتَمَّها وإلا قيل: انظُروا هل له من تَطَوُّعٍ، فإن كان له تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتِ الفريضةُ من تَطَوُّعِهِ ثم يُفْعَلُ بسائرِ الأعمالِ المفروضةِ مِثْلُ ذلك»؛ (النسائي جيد).

 

ورمضان فرصة للتغيير لمن هجر القرآن قراءة وتدبرًا، فيجب أن يكون هذا الشهر بداية لرحلة جديدة مع القرآن الكريم، فيكثر من تلاوته وتدبره في رمضان شهر القرآن، فالقرآن يشفع للمسلم يوم القيامة، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ، يقولُ الصيامُ: أي ربِّ، إِنَّي منعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفِّعْنِي فيه، يقولُ القرآنُ: ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه، فيَشْفَعانِ»؛ (صحيح الجامع) .

 

ورمضان فرصة للتغيير لمن كان قليل الصبر، سريع الغضب، أن يتعلم منه الصبر والأناة، فالمسلم يصبر على الجوع والعطش والتعب ساعات طويلة، كما يتعلم أن يعوِّد نفسه الصبر على الناس وتصرفاتهم، وعدم الانفعال وضبط النفس وكبت الغضب، فعنأبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ؛ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضـَبِ»؛ (أخرجه البخاري، ومسلم).

 

إن لشهر رمضان نمطًا خاصًّا للتغيير؛ لأنه تغيير عام يشمل جميع أفراد المجتمع المسلم، فكل مسلم ينطبع بهذا التغيير الباطني والظاهري، وهذا عامل من أعظم العوامل المساعدة على التغيير، فالذي يعزم على التغيير لا يكون وحده؛ بل يجد التغيير في كل الناس من حوله، وإذا لم تنجح في التغيير مع وجود الجَمِّ الغفير، والزمن الطويل فأظنُّك لن تقدر على التغيير؛ بل أظنك لا تريد التغيير، وإذا لم تغير قبائح العوائد في رمضان فأنت من المحرومين، ومن ضمن الذين خالفوا حكمة رب العالمين؛ لأنه جعل الصوم للعباد ليغيروا فيه من صفات أنفسهم فما غيروا إلا مواعيد أكلهم، فلا ترض أن تكون من هؤلاء، وكن من العقلاء الأتقياء الذين يدورون مع مراد الله، ويحققون مقاصد شرع الله؛ إذ المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات، وفطامها عن المألوفات، فيجب على كل مسلم أن يستغل رمضان من أجل تحقيق هذا التغيير الإيجابي في نفسه، وهو التغيير الذي ينفعه في الدنيا والآخرة، ويبقى أن الإنسان مسؤل عن نفسه وعمله، فكل باذل ما بذل، وكل حارث ما حرث، وصدق الله إذ يقول سبحانه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: 20].

 

بعض الأحكام المتعلقة بالصيام:

أيها المسلمون، تَفَقُّه المسلم في دينه أمر مطلوب، ليعبد الله على بصيرة، ففي حديث معاوية رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين؛البخاري، والله جل وعلا قال في كتابه العزيز:  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 183، 184]، وقال:  {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وهذه الآيات بيان أحوال الناس في رمضان، وأنهم متفاوتون في ذلك.

 

فالمسلم البالغ العاقل القادر على الصيام السالم من كل الموانع المقيم أوجب الله عليه صيام رمضان أداءً، وهو أحد أركان الإسلام،  {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، وهذا بإجماع أهل الإسلام.

 

وأما الصغير غير البالغ فإنه لا يطالب به فرضًا، ولكنه يُرغِّب فيه، ويُحث عليه، حتى ينشأ محبًّا للصيام، عارفًا للصيام، فلقد كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يُصوِّمون صبيانهم ويعطونهم اللعب من العهن، لكي يشتغلوا به عن طلب الطعام والشرابالبخاريعن الربيِّع بنت معوِّذ رضي الله عنها.

 

فإذا لم يكن الصوم يشق عليه، ويضرُّ به، فكونه يُعوَّد على الصيام ترغيبًا فيه، ولذا جاء في حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سِنِينَ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عشرِ سِنِينَ، وفَرِّقُوا بينهم في المضاجعِ»؛ (صحيح الجامع) .

 

وفاقد العقل لا يخاطب به؛ لأن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ.

 

وأما الذي فقد ذاكرته، بأن أصابه الهرم سريعًا، ففقد ذاكرته، وأصبح لا يعرف شيئًا، ولا يتصوَّر الواقع، ولا يعلم في أي حال، فَقَدَ ذاكرته وعظم نسيانه، وقل ذكره، وأصبح لا يعرف شيئًا، ولا يميِّز بالأحوال، سواء كان عن كبر أو كان لغير ذلك، إنما هو ذو هذيان لا يعقل ولا يدري، وفاقد الذاكرة، فهذا لا شيء عليه، لا إطعام ولا صيام؛ لأنه فاقد الذاكرة، وقلم التكليف مرفوع عنه.

 

وأما الذي يعجزه الصيام لكبر سِنِّه، أو أنه مصاب بمرض أعجزه عن الصيام، فإن الله يقول:  {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، فهذا يُطعم عنه عن كل يوم مسكينًا، ومقدارها في أمريكا خمسة عشر دولارًا عن كل يوم أفطر، فأنس بن مالك رضي الله عنه لما جاوز المئة قبل موته بسنتين، وكان يطعم عن كل يوم بُرًّا ولحمًا عن كل يوم مسكينًا؛ كما عند الطبراني، وهذا من سعة الله وتيسيره،  {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].

 

وأما المسافر، فالله يقول:  {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، وأجمع المسلمون على أن للمسافر أن يفطر في سفره، هذا حُكم الله الذي دل عليه كتابه العزيز، وسنة محمد صلى الله عليه وسلم، فله أن يفطر في سفر ولا يستطيع أحد أن ينكر عليه؛ لأن هذا حكم الله الذي نطق به القرآن:  {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ}؛ ولكن من صام في سفره فلا ينكر عليه، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كُنَّا نُسَافِرُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ علَى المُفْطِرِ، ولَا المُفْطِرُ علَى الصَّائِمِ؛ (البخاري ومسلم) .

 

وأما المريض فإن المريض لا يخلو من أحوال: إما أن يكون هذا المرض يسيرًا، لا يؤثر عليه في صيامه، ولا يضعف نشاطه، فإن الواجب عليه أن يصوم؛ لأنه لا عذر له، وهي أمراض يسيرة، صداع، وجع في الضرس، وغير ذلك من الأمور اليسيرة، فإن هذا يصوم ولا إشكال، ولكن لو كان الصوم مع المرض يُتعبه ويشق عليه ويُخاف عليه من زيادة المرض ومضاعفته؛ كمريض القلب والكلى وغيرها من الأمراض المزمنة؛ فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا أخذًا برخصة الله {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184].

 

والمرأة المسلمة إذا طرقها الحيض وجب عليها الفطر، ولو كان قبل الغروب بدقائق ونحو ذلك؛ لأنه يحرم عليها الصوم وقت خروج الحيض، ووجب عليها الفطر وقضاء ذلك اليوم الذي أفطرته.

 

والحامل إذا شق عليها الصوم، وكان الصوم سببًا لضعف الحمل ونحو ذلك أو ضعفها هي، أو كانت مُرضعة إذا صامت ضعف إدرار الثدي للطفل، فإنها تفطر وتقضي يومًا مقامه، فإن كان لأجل الطفل قضت، ويستحب أن تطعم مع القضاء إن كان فطرها لأجل طفلها، وهو مذهب الإمامين الشافعي وأحمد، وحكاه الجصاص عن ابن عمر رضي الله عنهما. وإن كان لأجل ذاتها فإنها تقضي فقط.

 

وأجمع المسلمون على أن من تعمد الأكل في نهار رمضان، أو تعمد الشرب في نهار رمضان، أو تعمد إتيان زوجته بعد طلوع الفجر الثاني؛ فإن صومه فاسد، وهذا أمر مجمع عليه بين المسلمين.

 

فيا أيها المسلم، اتق الله في صيامك، وصُنْه عن المفسدات والمنقصات. واعلم أن إتيان المرأة في رمضان أمر محرم شرعًا، إتيان الرجل امرأته في نهار رمضان أمر محرم شرعًا؛ لأن الله جل وعلا قال لنا:  {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187]، فأباح ذلك في الليل، وحرم على المسلم ذلك في النهار، فمن اقترف هذه الجريمة، فقد عصا الله على بصيرة، فواجبه التوبة إلى الله، وقضاء ذلك اليوم، والإتيان بالكفارة المغلظة، قال أبو هريرة رضي الله عنه: بينما النبي صلى الله عليه وسلم بمسجده إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله، هلكت، قال: «ما ذاك؟»، قال: أصبت امرأتي في رمضان، قال:  «هل تجد أن تعتق رقبة؟»  قال: لا، قال:  «هل تستطيع صيام شهرين متتابعين؟»، قال: لا، قال:  «هل تستطيع أن تطعم ستين مسكينًا؟»، قال: لا، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جيء بمكتل فيه تمر يسع قريب خمسة عشر صاعًا، تصدق به رجل من المسلمين في المسجد، فقال: «أين السائل؟»، قال: ها أنا، قال:  «خذ وتصدق به»، قال: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟! والله ما بين لابتي المدينة أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه؛ (البخاري ومسلم) .

 

ومن المفطرات ما يقوم مقام الأكل والشرب من تلك المغذيات التي توضع للمريض لتعوضه عن طلب الطعام والشراب فتلك أيضًا مُفطِّرة للصائم.

 

وإن حقن الدم في المريض في نهار رمضان هذا يفطر صومه؛ إذ الدم غذاءٌ للإنسان، أما إخراج الدم من طريق الحجامة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفطرَ الحاجمُ والمحجومُ»؛ أحمد والترمذي في الصوم من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه، فإخراج الدم من طريق الحجامة أو التبرع بالدم أو سحب دم كثير لإسعاف المريض مضطر إليه، فأسعفته بدم كثير، فإنك تقضي هذا اليوم؛ لأن ذلك يضعفك عن مواصلة الصيام، وأما الدم القليل الذي يسحب من أجل تحليل الدم فليس بمفطر.

 

وإن محاولة إخراج المادة المنوية من الإنسان في نهار رمضان بسبب منه؛ كالاستمناء باليد، هذا مفطر لصيامه، وهي العادة المستهجنة القبيحة، ما يسمونها بالعادة السرية، فإنها ضارة ومع ضررها فهي مفطرة للصائم إذا استعملها.

 

أما خروج المني من طريق احتلام في النوم، أو تفكير عَرَض له، فإن ذلك معفوٌّ عنه؛ لأن الاحتلام بغير اختياره، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ اللهَ تعالى وضع عن أُمَّتي الخطأَ والنسيانَ، وما اسْتُكرِهوا عليه»؛ ابن ماجه صحيح الجامع من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

 

خروج الدم من طريق الفم بالسعال، أو الأنف بالرعاف، أو الناسور أو الباسور أو جروح حصلت لك من غير اختيارك، فكل ذلك لا يؤثر على صيامك.

 

استعمالك القطرات في العين والأذن والأنف والبخور والعطر ومعجون الأسنان، لا يُؤثر على صيامك، واستعمال التحليل اليسير لا يؤثر على صيامك، استعمالك الإبر في العضل أو الوريد لا يؤثر على صيامك، قلع السن في رمضان لا يؤثر على صيامك، أما طلبك القيء ومحاولتك أن تستقيء، فهذا يفسد صيامك؛ لحديث أبي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ- أي: غلبه- فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنِ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ»؛ (صححه الألباني في صحيح الترمذي) . فأوجب على المسلم إذا طلب القيء لأمر ما عرض له أن يقضي هذا اليوم، وأما إن خرج القيء من غير اختياره وطلبه، فأمرٌ غالب عليه، فلا يلزمه القضاء.

 

أيتها الأخت المسلمة، إن أحكام الشرع عامة للمسلمين ذكورهم وإناثهم، ولكن هناك أشياء قد تكون متعلقة بالمرأة تخصها دون الرجال، وهذا من حكمة الله.

 

فبعض النساء يعمد في رمضان على تعاطي الحبوب المانعة للعادة الشهرية، وتعاطيها بسبب حرصهن على استكمال رمضان، هو مقصد حسن بلا شك.

 

لكن يعكر على هذا أن تعاطي هذه الحبوب بلا سبب يقتضيه، فيها ضرر على المرأة، وإضرار بها في صلاتها وصومها وحجها؛ لأن كثيرًا من الأخوات قد يتعاطين هذه الحبوب من غير روية ومن غير استشارة طبيب مختص يقدر الأمور حق قدرها، وإنما تكون خبط عشواء، من غير روية وتأمل، فكم تضر وتحدث من الضرر ما لا يحصى، فعلى الأخت المسلمة أن تتبَصَّر في أمر دينها، وألَّا تقدم على شيء قد يؤثر عليها وترضى بقضاء الله وقدره.

__________________________________
الكاتب: د. عبدالرزاق السيد


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

كيفية صلاة الوتر – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة صلاة الوتر من أعظم القربات إلى الله تعالى، حتى رأى بعض العلماء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *