منذ حوالي ساعة
يا من تبحث عن السعادة، ازرع بستانك بالطاعات، واسقِه بالصبر، وامنحه من نور يقينك، وسترى كيف سيُورق قلبك بنور الله.
بداخل كلِّ إنسان فطرة نقِيَّة، فطرة العبادات، تلك البذرة التي غرسها الله في القلوب، فإذا رُويت بالإيمان، وأنبتت الطاعات، صار القلب بستانًا عامرًا بالذِّكر، مُورِقًا بالخضوع، مُزهرًا بالقرب من الله.
يسقيه صاحبه بذكره، ويغذِّيه بحبِّه، ويمنحه من روحه نورًا، فإذا بالأوراق تتهامس بالحمد، وإذا بالزهور تتفتح بالتسبيح، وإذا بالثمار تنضَج باليقين.
كل سجدةٍ فيه نهرٌ رَقراق يغسل أوجاع القلب، وكل آيةٍ نسمةٌ عليلة تُداوي جِراح الروح، وكل استغفارٍ مطرٌ نقيٌّ يُنبت في الفؤاد جناتٍ من الطمأنينة، ومن زرع فيه ركعاتٍ في جوف الليل، أزهرت له أنوارَ القرب، وتفتحت له أبواب السماء.
ألم يقل الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]؟
ليست مجرد آيةٍ تُتلى، بل رسالةٌ من ربك تخبرك: لماذا خُلقت؟ ولماذا تنبض روحك في هذه الدنيا؟ ولماذا لا يجد قلبك السَّكِينة إلا بين يديه؟ إنها سرُّ سعادتك، ونورُ روحك، وطريقك إلى الطمأنينة التي يبحث عنها قلبك منذ خُلق.
العبادة ليست مجرد صلوات تُؤدَّى، بل هي حياة تُعاش لله، أن تذكره فتطمئنَّ، وتدعوه فتسكن، وتُحبه فيفيض النور في روحك، وكلما عبدته بحقٍّ وجدت نفسك؛ لأنك خُلقت لأجله، فكيف تضلُّ وأنت في طريقه؟ وكيف تشقى وأنت تحت ظله؟
في هذا البستان لا شيءَ يضيع؛ كل دمعةٍ ساقية، كل دعوةٍ بذرة، كل جهادٍ في الطاعة جذرٌ يمتد في أعماق القلب حتى يثبت في طريق الله، فإذا جاء يوم اللقاء، وجد المؤمن بستانه مورقًا، وأزهاره يانعة، ونسائمه معطَّرة بذكرٍ لم يفتُر، وسجودٍ لم يُنسَ، وصبرٍ أثمر جِنانًا لا تفنى.
يا من تبحث عن السعادة، ازرع بستانك بالطاعات، واسقِه بالصبر، وامنحه من نور يقينك، وسترى كيف سيُورق قلبك بنور الله.
فاطمة الأمير
كاتبة أسعى للتغيير و الإصلاح، وهدفي الدعوة إلى الله، لدي بفضل الله العديد من المقالات وبعض الكتب منها: رمضان بداية حياة، هل يستويان؟!، حتى لا تغتال البراءة.
Source link