كل هذا أسهل بكثير من العمل الجاد والناجح في حل مشكلات الأمة أو جزء منها، عبر الاشتباك البطيء والمتدرج والحلول المرحلية خطوة فخطوة، وجيل فجيل في حالة المشكلات الصعبة والمعقدة المصحوبة بتدني القدرة.
هناك أطروحات متطرفة يطرحها البعض بتكفير رجب طيب أردوغان رئيس تركيا أو أحمد الشرع رئيس سوريا أو تخوينهما (وكذا تخوين حركة طالبان أفغانستان) ونحوهم من العاملين للإسلام، وذلك بسبب أنهم يعملون من منظور إسلامي مختلف عن منظور هؤلاء المكفرين والمخونين، كما أن أعمالهم قائمة على اجتهاد مختلف عن اجتهادهم، وهذه الأطروحات المتطرفة انتقدها كثيرون سابقا تحت عنوان “فقه الثورة وفقه الدولة”، ولكن في الواقع إنني أراه أنه “فقه الانعزال والتكفير” في مقابل “فقه العمل والتغيير”.
فالانقطاع عن الواقع والعجز عن الانغماس في حل مشكلاته، بل وتعقيد هذه المشكلات والتسبب في تفاقمها في حال تعاملهم الخاطئ معها، وتكفير الرائح والغادي مع ما يصحب هذا من البريق واللمعان بسبب حدة الأطروحات، كل هذا أسهل بكثير من العمل الجاد والناجح في حل مشكلات الأمة أو جزء منها، عبر الاشتباك البطيء والمتدرج والحلول المرحلية خطوة فخطوة، وجيل فجيل في حالة المشكلات الصعبة والمعقدة المصحوبة بتدني القدرة.
إن صعود أحمد الشرع وجماعته “حركة تحرير الشام” وانتصارهم كان من الممكن أن يتسبب في صعود التيار الجهادي بقوة بالغة فكريا وحركيا في العالم كله، (ولعل هذا سبب هجوم بعض رموز التيار الاخواني بشدة وحدة عليهم ربما خوفا على مكانة تيار الاخوان وسمعته)، ولكن العقلية الضعيفة للعديد من المتحدثين بلسان التيار الجهادي بدل من أن تستغل هذه اللحظة التاريخية النادرة، فإنها شحذت أنيابها وراحت تنهش في أحمد الشرع وجماعته تكفيرا وتخوينا، رغم أن أحمد الشرع وجماعته يحظون في الداخل السوري بشعبية منقطعة النظير من كل أطياف المسلمين السُنة السوريين (وهم أغلبية الشعب السوري) ، كما يحظى أحمد الشرع وجماعته بتأييد شرائح ليست قليلة من الأقليات السورية الأخرى العرقية كالأكراد والتركمان والدينية كالدروز والعلويين، وهذا أمر غير مسبوق تاريخيا في تاريخ الجهاديين العرب منذ “جماعة شباب محمد” في مصر (وهي أول إرهاص جهادي زمن الملك فاروق 1940) وحتى الآن في العالم العربي كله.
أقصد أنه لم تحظ جماعة جهادية بتأييد شعبي واسع جدا كهذا أبدا في أي بلد عربي حتى الآن، صحيح أن التأييد السوري جاء للرئيس أحمد الشرع وجماعته بسبب نجاحهم في تحرير سوريا وليس بسبب عقيدتهم، ولكن هذا أيضا نوع من الإنجاز السياسي غير المسبوق للجهاديين تاريخيا.
وعلى العموم فكلامي هذا ليس مرسلا، بل إنني مستعد لمناظرة أي أحد فقهيا في أطروحات التكفير والتخوين هذه بأدلة صريح القرآن وصحيح السنة النبوية، ولكن هنا ذكرنا مجمل الفكرة تجنبا للإطالة.
Source link