صوت الإصلاح و التجديد في ماليزيا: رؤية الدكتور محمد عصري زين العابدين نموذجًا………….
بقلم أبو أحمد فريد[i]
تمهيد
نسلّط الضوء في هذا المقال على عالمٍ دينيٍّ جليل، وشخصيةٍ فذّة ورائدة في العمل الإسلامي المعاصر في ماليزيا، بل وفي منطقة شرق آسيا بأسرها؛ شخصية استطاعت، بفضل نشاطها العلمي، وأسلوبها العصري، وبصيرتها الدعوية، أن تُحدث تحوّلًا ملحوظًا في واقع العمل الإسلامي، جذب اهتمام شرائح واسعة من المجتمع، وأثار الانتباه في الأوساط الفكرية والدعوية.
وقبل استعراض التجربة الإصلاحية للدكتور محمد عصري زين العابدين (مفتي ولاية برليس حاليًا)، من المهم فهم السياق العام الذي نشأ فيه وتفاعل معه. فماليزيا ليست مجرد دولة حديثة في جنوب شرق آسيا، بل هي بيئة معقّدة ومتنوعة، تجمع بين الحداثة والتقاليد، وبين التعددية الدينية والهوية الإسلامية، مما يفرض على أي مشروع إصلاحي أو دعوي أن يكون واعيًا بهذه الخصوصيات. ولهذا، فإن دراسة الواقع الماليزي تُعدّ ضرورية لفهم الجذور الحقيقية لأفكار الدكتور عصري ومواقفه.
ماليزيا: جمال الطبيعة وتعدّد الأعراق والأديان والنُّظم
تتميّز بلاد الملايو بمناخها الاستوائي، وغاباتها المطيرة، ومواردها الطبيعية الغنية، وطبيعتها الخلابة، فضلًا عن جزرها الساحرة، مما جعلها بيئةً جذّابة للسياحة والاستثمار، وميدانًا غنيًا للتفاعل الحضاري والتعليمي والدعوي.
وتُعد ماليزيا دولة متعددة الأديان والأعراق؛ إذ يُشكّل المسلمون (وأغلبيتهم من الملايو) نحو 60% من السكان، يليهم البوذيون (معظمهم من أصول صينية)، ثم الهندوس (أغلبهم من الهنود)، بالإضافة إلى أقليات مسيحية وأتباع ديانات تقليدية أخرى.
ويتكوّن النسيج الاجتماعي الماليزي من ثلاث مجموعات رئيسية: الملايو، الصينيون، والهنود. وقد جعل هذا التنوّع العرقي والثقافي من الدعوة الإسلامية تحدّيًا وفرصةً في آنٍ واحد، خاصةً في مجالات الحوار بين الأديان، وتعزيز التعايش السلمي، وصياغة خطابٍ إسلاميٍّ جامعٍ يخاطب الجميع دون تفريطٍ في الثوابت الشرعية.
نظام الحكم والدستور في البلاد
يقوم الحكم في النظام الماليزي على تركيبة قانونية مزدوجة تجمع بين
القانون المدني (الوضعي): المستمد من النظام البريطاني، ويُطبّق على جميع المواطنين في معظم شؤون الحياة العامة، بغض النظر عن أديانهم.
القانون الشرعي (الإسلامي): المطبّق على المسلمين في قضايا الأحوال الشخصية (كالزواج، والطلاق، والميراث)، وبعض المسائل الأخلاقية والعبادية، وذلك ضمن اختصاص كل ولاية.
وتُعد ماليزيا من الدول القليلة التي تعترف رسميًا بازدواجية النظام القضائي، إذ تمتلك كل ولاية مجلسًا دينيًا خاصًا وسلطة شرعية مستقلة تُشرف على المحاكم الشرعية التي تُعنى بشؤون المسلمين ضمن صلاحيات محددة.
ورغم هذا الاعتراف، إلا أن الحراك الدعوي لا يُمارَس بحريةٍ مطلقة، بل يُخضع لرقابة مؤسساتية مشددة. ويتطلّب من الدعاة الحصول على تراخيص رسمية لمزاولة الدعوة، والالتزام بالمضامين المعتمدة من السلطات الدينية، خصوصًا في القضايا الحساسة ذات البُعد العقدي أو السياسي.
الملكية الدستورية ومكانة الإسلام والملايو
تقوم الدولة الماليزية على نظام الملكية الدستورية، حيث يتولّى السلطان – بصفته رئيسًا للدين الإسلامي في ولايته – دورًا رمزيًا وتشريفيًا، لكنه يحتفظ بصلاحيات دينية مهمة، خاصة فيما يتعلق بتعيين مفتي الولاية، واعتماد السياسات الشرعية على المستوى المحلي. أما منصب “يانغ دي-برتوان أغونغ” (ملك ماليزيا) فهو منصب دوري يتم تناوبه بين سلاطين الولايات الماليزية التسع ذات النظام الملكي
وينص الدستور الماليزي – في مادته الثالثة – على أن الإسلام هو “الدين الرسمي للاتحاد”، مع ضمان حرية ممارسة الأديان الأخرى، مما يُبرز التزام الدولة بالهوية الإسلامية مع احترام التعددية الدينية. كما تنص المادة 153 على ضرورة حماية حقوق وامتيازات الملايو والسكان الأصليين للبلاد في مجالات التعليم، والتوظيف، والفرص الاقتصادية،
وتُترجم هذه الامتيازات في صور متعددة، منها الحصص المخصصة في الجامعات الحكومية، وتسهيلات اقتصادية في المشاريع الكبرى، مما يجعل البُعد العرقي والديني حاضرًا بقوة في سياسات الدولة، ومؤثرًا في آليات الخطاب الديني.
وتعكس هذه المواد الدستورية توازنًا حساسًا بين احترام التعددية الدينية، وبين حماية الهوية الإسلامية والسيادة التاريخية للملايو، ما جعل الخطاب الدعوي الإسلامي في ماليزيا ملزمًا بمراعاة هذه الثوابت عند تناوله للمسائل العامة أو ممارسته للميدان الدعوي.
وقد أثّرت هذه البيئة المتنوعة والمقنّنة على طبيعة الخطاب الإسلامي في ماليزيا، فظهرت فيها تيارات دعوية متعددة: تقليدية، إصلاحية، سلفية، حركية، ولكلٍ منها حضورها في الساحة، وتحدّياتها في التفاعل مع المجتمع والدولة.
ملامح الأنشطة الدعوية في ماليزيا – بين المؤسسية والمجتمع المدني
تتميّز التجربة الدعوية في ماليزيا بخصوصية لافتة، حيث تجمع بين الرعاية الرسمية من قبل الدولة، والمبادرات المجتمعية النشطة، مما أفرز نموذجًا متوازنًا يمزج بين الأصالة والانفتاح، ويستجيب لتركيبة البلاد متعددة الأعراق والثقافات. إنّ فهم طبيعة هذه الأنشطة ومعالمها يساعد في إبراز الصورة الحقيقية للدعوة الإسلامية في واحدة من أكثر البيئات الحضارية تنوعًا في جنوب شرق آسيا.
أولًا: الدعوة الرسمية والمؤسسية
تضطلع الدولة الماليزية بدور محوري في تنظيم الشأن الدعوي، من خلال مؤسسات مركزية وولائية تتكامل فيما بينها:
الهيئة الفيدرالية للشؤون الإسلامية (جاكيم – JAKIM): وهي الجهة العليا التي تشرف على التنسيق العام للخطاب الديني على المستوى الوطني، وتُصدر التوجيهات العامة للمؤسسات الإسلامية في الولايات.
مجالس الشؤون الإسلامية في الولايات: تمارس صلاحيات محلية في ضبط الفتوى، وتنظيم الخطب، وإدارة المساجد، ومراقبة الأنشطة الدعوية.
المساجد الوطنية والجامعية: تُعد منابر دعوية تحت إشراف مؤسسي، وتُستخدم لتوجيه الخطاب الديني الرسمي وفق رؤى معتدلة تتماشى مع السياسات العامة للدولة، مما يضمن استقرارًا دينيًا وتجنبًا للصراعات المذهبية أو الفكرية.
ثانيًا: الدعوة المجتمعية والمبادرات الشعبية
بالتوازي مع الجهد الرسمي، يشهد المجتمع المدني الماليزي نشاطًا دعويًا ملحوظًا من خلال قنوات متعددة تعكس ديناميكية مجتمعية حيوية ومتجددة. وتُعد الجمعيات الطلابية الإسلامية من أبرز هذه القنوات، حيث تلعب دورًا مهمًا في تأطير الوعي الشرعي لدى الشباب، عبر تنظيم برامج توعوية وتربوية تتسم بالحيوية والانضباط. كما تسهم المنظمات غير الحكومية الإسلامية بدور فاعل في مجالات التعليم، والعمل المجتمعي، والدفاع عن القيم الإسلامية في الفضاء العام، مما يعزّز الطابع المؤسسي للنشاط الدعوي الشعبي. إلى جانب ذلك، برزت المبادرات الإعلامية والشبابية الحديثة، ولا سيما عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي فتحت فضاءً حرًّا نسبيًا للتواصل مع الجمهور، ونشر المفاهيم الشرعية، والرد على الشبهات الفكرية المعاصرة، بأساليب تفاعلية تراعي حاجات الجيل الجديد وتحدياته، وبلغات متنوعة تلائم التركيبة السكانية المتعددة في البلاد. كما يُسجَّل حضور مؤثر لدعاة ونشطاء مستقلين من المشاهير في الساحة الدعوية، يمارسون أدوارهم من خلال الدروس الخاصة، والدورات التدريبية، والمؤتمرات التوعوية، التي تهدف إلى تعزيز الوعي الديني والتربوي في المجتمع، خارج الإطار المؤسسي التقليدي..
ثالثًا: ملامح الخطاب الدعوي الماليزي
يتّسم الخطاب الدعوي في ماليزيا بملامح خاصة تعكس تفاعله مع واقع المجتمع وتنوعه الثقافي والديني. ويبرز في مقدمة هذه السمات التزامه بالوسطية والاعتدال، حيث ينتهج خطًّا متوازنًا يراعي الأصالة الشرعية دون انغلاق، ويتفاعل مع مستجدات العصر دون انحراف أو تمييع للمبادئ. كما يُقدَّم هذا الخطاب بروح من الحكمة والموعظة الحسنة، إذ يتم توصيل الرسالة الدينية بلين ورفق، مع مراعاة واقع المخاطَبين ومستوى إدراكهم الثقافي والاجتماعي.
ومن السمات اللافتة كذلك اعتماده التعدد اللغوي كوسيلة للوصول إلى جميع مكونات المجتمع، حيث تُستخدم لغات عدة، كالملايوية والإنجليزية والصينية والتاميلية، في الخطاب الدعوي، مما يعزّز من فعاليته وشموليته. ويُسهم هذا التعدد في دعم مشروع بناء “الهوية الإسلامية الوطنية”، الذي يسعى إلى صياغة شخصية ماليزية مسلمة تجمع بين الالتزام الديني والولاء الوطني، دون أن تدخل في صدام مع التعددية الثقافية التي تُميّز المجتمع الماليزي.
رابعًا: التحديات المعاصرة أمام الدعوة في ماليزيا
رغم حيوية الخطاب الدعوي وتنوع مؤسساته، إلا أن الدعوة الإسلامية في ماليزيا تواجه عددًا من التحديات المعاصرة التي تتطلب وعيًا عميقًا واستراتيجيات فاعلة في التعامل معها. من أبرز هذه التحديات الرقابة الرسمية المشددة التي تفرضها الجهات المعنية، حيث يُخضع الخطاب الدعوي لتقييم دقيق، ويُقيَّد أحيانًا ضمن أطر محددة قد تحدّ من حرية الطرح والتجديد.
كما تُعدّ القيود القانونية المفروضة على دعوة غير المسلمين من التحديات الكبرى، إذ تحدّ من فرص نشر الإسلام بشكل مباشر في أوساط غير المسلمين، ما يدفع الدعاة إلى البحث عن وسائل بديلة تتسم بالحكمة واللباقة، وتراعي الحساسيات القانونية والاجتماعية.
ويُضاف إلى ذلك التأثير المتزايد للتيارات الغربية والعلمانية، التي تسعى إلى إعادة تشكيل المفاهيم والقيم داخل المجتمعات الإسلامية، مما يُحمّل الدعاة مسؤولية مضاعفة في الحفاظ على الثوابت، وبيان الحقائق الشرعية، ومواجهة التغريب والانحراف الفكري بأساليب علمية تجمع بين الرسوخ في المنهج والوعي بالواقع.
ولا تقف التحديات عند حدود التيارات المعادية، بل تشمل كذلك ما تُفرزه البيئة المحلية من اتجاهات فكرية وعقدية تقليدية متعصبة، تنتمي إلى مدارس مذهبية معينة، وتغلق باب الاجتهاد والانفتاح على الرأي الآخر. إن هذا التعصّب المنغلق يزيد من صعوبة العمل الدعوي، ويُقيّد مساحة التجديد والمرونة، ويُضعف من فاعلية الخطاب في معالجة قضايا العصر بروح علمية متزنة.
الدكتور محمد عصري – النشأة والتكوين العلمي والفكري
وُلد الدكتور محمد عصري في أسرة محافظة وملتزمة بالدين، وكان والده معروفًا بالانضباط والجدية، مما أسهم في تشكيل شخصيته العلمية والدينية منذ وقت مبكر. نشأ في بيئة تُعلي من شأن العلم الشرعي، وكان محبًا للقراءة والاطلاع منذ نعومة أظفاره، مما أهّله لأن يسلك طريقًا علميًّا رصينًا في طلب العلم والدعوة.
بدأ تعليمه الرسمي في مدرسة ابتدائية محلية، ثم التحق بالمدرسة الإسلامية “الإرشاد”، وهي من المدارس الدينية المرموقة في المنطقة. بعد ذلك، واصل مسيرته العلمية في “معهد إسلامي كلانغ”، حيث تلقّى تعليمًا معمقًا في اللغة العربية، والفقه، وأصول الدين.
تابع دراسته الجامعية في جامعة الأردن، حيث حصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية بمرتبة الشرف. وخلال فترة دراسته هناك، تأثّر بفكر المدرسة السلفية والمنهج الإصلاحي، وتشرّب من علماء العرب أساليب الفهم العميق للنصوص الشرعية.
عاد إلى ماليزيا ليُكمل دراسته العليا، حيث حصل على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة العلوم الماليزية (USM)، وتميّز بأسلوبه التوفيقي الذي يجمع بين التراث الإسلامي الأصيل والرؤية الواقعية المعاصرة.
ثم التحق بـالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا (IIUM)، حيث نال درجة الدكتوراه في قسم المعارف الإسلامية، تخصص: القرآن والسنة. تناولت أطروحته قضايا تجديد الفكر الإسلامي، وتحقيق مقاصد الشريعة، وتنقية المفاهيم الدينية من البدع والانحرافات.
وقد تأثر في مسيرته الفكرية والعلمية بمنهج شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، واعتمد على فهم السلف الصالح في تفسير النصوص والتعامل مع قضايا العصر. تبنّى مشروعًا شاملًا لإصلاح وتجديد الخطاب الديني، وركّز على تصفية العقيدة من الشوائب، والدعوة إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، منفتحًا في الوقت ذاته على مستجدات الواقع.
اشتهر بطرحه الرصين، الذي يجمع بين الأصالة والموضوعية، ويبتعد عن التعصب والغلو. وله مواقف واضحة وجريئة في الدفاع عن العقيدة الإسلامية، وكشف الانحرافات الفكرية والبدعية، ومحاربة الخرافات والشعوذة والممارسات الوهمية باسم الدين. ويحظى بقبول واسع داخل ماليزيا وخارجها، خاصة بين الشباب والمثقفين.
النشاط الدعوي والإصلاحي قبل التعيين الرسمي
كان الدكتور محمد عصري زين العابدين – حفظه الله – شخصية فاعلة في ميدان الدعوة قبل أن تُسند إليه أي مسؤولية رسمية. وقد تجلّت جهوده في صورة من صور العطاء الهادئ والمستمر، بعيدًا عن القيود الإدارية، ومندفعًا بعقيدته ووعيه في مخاطبة الناس. شارك في إلقاء الدروس والخطب، وكتب المقالات الفكرية، وتفاعل مع الشباب والمثقفين، وأنشأ منصات إعلامية مستقلة، وكان من أوائل من سخّر الوسائل الرقمية لنشر التوحيد، ومحاربة الخرافة والانحراف العقدي.
لم يكن مجرد واعظ، بل كان موجّهًا للأفكار، ومجددًا في الطرح، يجمع بين الأصالة والاتزان. وفي تلك المرحلة، برزت ملامح مشروعه الإصلاحي، الذي سيتبلور لاحقًا بعد تقلّده المنصب الرسمي، لا كموظفٍ إداري، بل كصوتٍ رائد في ميدان الإصلاح والعقيدة.
وقد تنوّعت جهوده الدعوية آنذاك بين:
• تقديم المحاضرات والخطب في المساجد والمراكز الإسلامية.
• المشاركة في المؤتمرات الفكرية والدعوية.
• تأليف كتب وكتيبات، ونشر مقالات وأبحاث دعوية وعلمية لتصحيح المفاهيم.
• التفاعل مع الشباب الجامعي والطلاب من خلال اللقاءات والمجموعات النقاشية.
• تأسيس منصات رقمية علمية ودعوية.
التوظيف الأمثل للمنصب الرسمي في خدمة الإصلاح والتجديد
عندما تولّى الدكتور محمد عصري منصب مفتي ولاية برليس، لم يكن ذلك تحوّلًا في مسيرته، بل كان امتدادًا طبيعيًا لنشاطه الدعوي، مع انتقاله من التأثير الفردي إلى التأثير المؤسسي. وقد أحسن توظيف هذا المنصب في الدفاع عن ثوابت الإسلام، ومواجهة البدع والخرافات، وكشف الانحرافات المنهجية، والتصدي لمحاولات تسييس المؤسسات الدينية.
وقد أُسند إليه هذا المنصب من قِبل السلطان المعظّم لولاية برليس، التي عُرفت بالتمسك بالكتاب والسنة، فكان الدكتور عصري خير من يمثّل هذا التوجه. كما يحظى بدعم كامل من سمو ولي العهد لولاية برليس، المعروف بصلاحه وحسن خلقه و حبه للخير، حفظهما الله.
منذ توليه المنصب، نجح في توظيف صلاحياته لنشر العلم، وتعزيز الدعوة، وتنفيذ برامج إصلاحية مستدامة تخدم الولاية وماليزيا والعالم الإسلامي. وتمثّلت جهوده في تنظيم لقاءات أسبوعية وشهرية على مستويات متعددة، والاستفادة من طاقات الشباب المؤهلين علميًّا، إلى جانب إصدار الكتب والمنشورات، واستضافة المعاهد والجامعات، وتفعيل أوجه صرف الزكاة في مشاريع تنموية تفيد المستحقين.
كما سعى إلى بناء علاقات مؤسسية مع جهات علمية ودعوية محلية ودولية، وأسهم ذلك في تنظيم مؤتمرات علمية تجاوز صداها حدود البلاد، ما جعل من تجربته نموذجًا معاصرًا للتعاون المثمر بين العلماء والأمراء.
ومن خلال منصبه، يقدّم الدكتور عصري الاستشارات الشرعية للجهات والأفراد، داخل ماليزيا وخارجها، في قضايا فكرية ومجتمعية معاصرة.
ومن مظاهر اتزانه وانفتاحه في العمل الدعوي، أنه يحافظ على علاقات إيجابية وبنّاءة مع غير المسلمين من السياسيين ورجال الدين. ويحرص مكتبه على تنظيم لقاءات دورية معهم لتوضيح ما يشكل عليهم من مفاهيم، وتقريب معاني التعايش السلمي ضمن حدود كل طرف، في إطار احترام الخصوصية الدينية والثقافية، بما يحفظ الأمن والاستقرار في البلاد، والذي يُعد من أبرز سمات التجربة الماليزية.
المواقف الجريئة للدكتور محمد عصري في الدفاع عن الدين
شهدت ماليزيا في السنوات الأخيرة بروز عدد من القضايا المهمة التي تمسّ الإسلام والمسلمين، أثارها الأعداء والمشككون والحاقدين من ضعاف النفوس. وفي خضمّ هذه التحديات، برز عدد من العلماء والغيورين على الدين، ممن تصدّوا لها بشجاعة وثبات، فواجهوا موجات التزييف والتشويه، وردّوا على الشبهات، وبيّنوا المفاهيم الصحيحة، وواجهوا خصوم الدين في مختلف الميادين الفكرية والدعوية والقانونية.
ومن أبرز هؤلاء العلماء، فضيلة الأستاذ الدكتور محمد عصري زين العابدين مفتيولاية برليس، الذي اتخذ مواقف جريئة وحاسمة في مواجهة قضايا خطيرة تهدد صفاء العقيدة واستقلالية المؤسسات الدينية وعلوّ شأنها، تلك التي كفل لها الدستور الحماية والاحترام. وقد كان لصوته أثرٌ بالغٌ في الدفاع عن ثوابت الدين، وصيانة مكانة العلماء، وبيان الحق، وإزالة الشبهات المثارة حول الإسلام وأهله.
ومن أبرز هذه الجهود والمواقف:
الدفاع عن اختصاص القضاء الشرعي وتعزيز مكانة الشريعة في النظام القانوني
كان الدكتور محمد عصري من أبرز الأصوات المدافعة عن مكانة القضاء الشرعي ضمن النظام الفيدرالي الماليزي، حيث تبنّى مواقف واضحة في دعم مشروعين محوريين يعكسان اهتمامه بحماية المرجعية الإسلامية في التشريع والقضاء.
ففي قضية مشروع قانون أر يويو 355، الذي يهدف إلى توسيع صلاحيات المحاكم الشرعية، واجه الدكتور عصري الهجمات السياسية والإعلامية التي سعت إلى إضعافه، فتصدى لها بالأدلة الشرعية والدستورية، موضحًا أن المشروع لا يستهدف إقامة دولة دينية، بل يعزز من احترام أحكام الشريعة ضمن الإطار الدستوري القائم. وقد نشر سلسلة من المقالات العلمية والبيانات الرسمية التي تشرح أبعاد المشروع وأهميته لحفظ الهوية الدينية للبلاد.
كما أبدى موقفًا حازمًا في الدفاع عن اختصاص المحاكم الشرعية في قضايا الأحوال الشخصية، رافضًا محاولات إحالة هذه القضايا إلى المحاكم المدنية، لما في ذلك من مساس باستقلالية القضاء الإسلامي ومرجعيته. وشارك في هذا الإطار بعدد من الندوات الفكرية والقانونية، وكتب تقارير معمّقة تؤكد ضرورة صون سيادة الشريعة في المسائل المتعلقة بأحوال المسلمين الشخصية.
قضية الداعية الدكتور ذاكر نايك في ماليزيا
حين تصاعدت الضغوط السياسية والإعلامية للمطالبة بترحيل الداعية المعروف الدكتور ذاكر نايك إلى الهند، بعد أن لجأ إلى ماليزيا هربًا من الملاحقة الظالمة التي تعرّض لها في بلاده، تبنّى الدكتور محمد عصري زين العابدين موقفًا جريئًا في الدفاع عنه، معتبرًا أن الحملة ضده لم تكن قانونية بحتة، بل حملت أبعادًا دينية وسياسية تستهدف مكانة الداعية وتأثيره العالمي، لا سيما في أوساط غير المسلمين.
وفي سلسلة من التصريحات والمقالات، أكد الدكتور عصري أن تسليم هذا الداعية يُعد خيانة للقيم الإسلامية التي تُعلي من شأن حماية العلماء والدعاة، وتراجعًا خطيرًا عن مبدأ حرية الدعوة. كما وجّه تحذيرًا صريحًا للحكومة الفيدرالية من التبعات السلبية المحتملة في حال الإقدام على مثل هذه الخطوة، لما لها من أثر داخلي وخارجي على صورة ماليزيا كدولة إسلامية تحتضن الدعاة وتدعم العمل الدعوي.
قضية استخدام كلمة “الله” من قِبل غير المسلمين
تُعد قضية استخدام غير المسلمين لكلمة “الله” من أكثر القضايا إثارة للجدل في المشهد الدعوي والسياسي في ماليزيا. فقد شهدت البلاد انقسامًا واسعًا بعد صدور قرار المحكمة الفيدرالية في يونيو 2014 بمنع استخدام المصطلح، باعتباره حكرًا على المسلمين في السياقات الدينية. غير أن المحكمة العليا أصدرت في 17 مارس 2021 قرارًا ألغت فيه ذلك الحظر، معتبرة أن المنع غير دستوري ويُخالف حرية المعتقد المكفولة قانونًا
في خضم هذا الجدل، شدّد الدكتور محمد عصري على ضرورة الحفاظ على قدسية اسم “الله” في الخطاب الإسلامي، محذرًا من التباس المفاهيم لدى العامة، ومؤكدًا أن استخدام المصطلح يجب أن يُراعي صفاء العقيدة والتوحيد. وقد استند في ذلك إلى إجماع أهل العلم، وتاريخ المصطلح في التراث الإسلامي، داعيًا إلى الاحتكام إلى البراهين الشرعية، بدلًا من الانجرار وراء تجاذبات سياسية أو عاطفية..
الدعوة والنصح والتوجيه للنخبة السياسية
اشتهر الدكتور عصري بعدم تردده في توجيه النصح والإرشاد لكبار المسؤولين في الدولة، لا سيما حين يتعلق الأمر بالدين والعقيدة والأخلاق. وقد اتسمت دعوته إلى الإصلاح بالاتزان والأدب العلمي، حيث سعى إلى تصحيح المفاهيم بعيدًا عن الإساءة أو التشهير، مؤكدًا على ضرورة الرجوع إلى أهل العلم في قضايا العقيدة، ورافضًا بشدة التلاعب بها لتحقيق مكاسب انتخابية أو أهداف شعبوية.
كما عُرف بمواقفه الحازمة تجاه الزعماء السياسيين من غير المسلمين، فكان سدًّا منيعًا أمام أي تطاول أو إساءة تمسّ الإسلام أو المسلمين، يواجه هم بالحكمة والموعظة الحسنة، منبهًا إلى خطورة المساس بالثوابت الدينية، ومدافعًا عن حقوق الأمة وكرامتها بأسلوب يجمع بين القوة والانضباط.
التصدي للجماعات المنحرفة والضالة
في 21 سبتمبر 2024م، أعلنت دار الإفتاء بولاية برليس، تحت إشراف الدكتور محمد عصري زين العابدين، أن جماعة “إخوان جلوبال ماليزيا” جماعة منحرفة عقديًا وفكريًا، تُعيد إنتاج أفكار جماعة “الأرقم” المحظورة في التسعينات، ولكن بأسلوب مستحدث يتلبّس بالرمزية الإسلامية. وقد استندت الفتوى إلى أدلة موثقة كشفت عن ممارسات مشبوهة داخل الجماعة، من أبرزها: تقديس القيادة، وادعاءات باطلة تتعلق بالمهدوية، فضلًا عن إدارة أماكن مغلقة للتعليم والإيواء، ثبت استخدامها في ممارسات لا أخلاقية بحق القُصّر، تحت غطاء ديني زائف، إلى جانب هيكلة اقتصادية مغلّفة بغلاف ديني تستهدف الاستغلال المالي والتنظيمي.
ورغم تلقّيه تهديدات مباشرة بالقتل من مناصري الجماعة، لم يتراجع الدكتور عصري عن موقفه، بل تقدم بدعوى قضائية ضدهم بقيمة عشرة ملايين رينغيت ماليزي، ردًا على حملة التشهير التي طالته. وقد أسهمت هذه الجهود، بتوفيق الله، في اتخاذ الدولة لاحقًا قرارًا رسميًا بحظر الجماعة، مما أدى إلى إنهاء نشاطها وإفشال مشروعها المنحرف بصورة حاسمة..
رفض مشروع قانون مفتي الولايات الفيدرالية
في 16أكتوبر 2024م، عبّر الدكتور محمد عصري زين العابدين عن رفضه الشديد لمشروع قانون تنظيم منصب المفتي في الولايات الفيدرالية، المعروف باسم “مشروع قانون المفتي ” محذرًا من تداعياته الخطيرة على مستقبل الخطاب الديني والمؤسسات الشرعية في البلاد.
ورغم أن المشروع رُوِّج له باعتباره خطوة تنظيمية تهدف إلى ضبط المرجعيات الدينية، إلا أن الدكتور عصري بيّن في عدد من اللقاءات الإعلامية والمقالات التحذيرية أن المشروع يُخفي خلفه عددًا من المخاطر الجوهرية، أبرزها:
- فرض فهم عقدي ضيق محصور في التيار الأشعري والماتريدي، مع إقصاء للآراء السنية الأخرى التي تنتمي إلى دائرة أهل السنة والجماعة.
- تجريم الاجتهادات الفقهية التي يُقرّها الشرع وتسمح بها مقاصد الشريعة، بما يؤدي إلى تعطيل حركة التجديد الفقهي.
- جعل المؤسسة الدينية تابعة للسلطة السياسية، بما يُفقدها استقلالها، ويُحولها إلى أداة سياسية بدلاً من كونها مرجعية شرعية مستقلة.
وقد عبّر عن هذه المخاوف بشكل صريح في مقابلة على قناة أسترو أواني، حيث قال:
“كيف يمكن لقومٍ أن يُشرّعوا في العقيدة وهم لا يفقهونها؟“
وهو تصريح أثار تفاعلًا واسعًا في الأوساط الدينية والفكرية.
كما نبّه الدكتور عصري إلى أن إقرار مثل هذا القانون سيُعيد الأمة إلى دائرة التكفير والتبديع السياسي، ويُقوّض وحدة الصف الإسلامي، ويُشوه صورة المؤسسات الدينية، التي ينبغي أن تبقى فوق التجاذبات الفكرية والمصالح السياسية الضيقة.
رفض الإكراه الديني
في مقاله المنشور ضمن سلسلة “مِنَدا التجديد” في يوليو 2021م، أكد الدكتور محمد عصري أن الدعوة إلى الإسلام لا تكون إلا بالحكمة والموعظة الحسنة، ورفض كل أشكال الإكراه أو الاستغلال، لا سيما مع الأقليات،
مستشهدًا بقوله تعالى ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾.
وقد شدد على أن الإيمان الصادق لا يُبنى على الخوف أو الضغط.
الدعوة إلى التعدد الفقهي داخل أهل السنة
رفض الدكتور محمد عصري زين العابدين حصر الفتوى في المذهب الشافعي وحده، داعيًا إلى الاستفادة من المذاهب السنية الأخرى متى دعت الحاجة، في ضوء ما تتيحه قواعد الاجتهاد المعتبرة ومقاصد الشريعة الإسلامية. وقد أكّد أن التمذهب ليس غايةً في ذاته، وإنما هو وسيلة لفهم النصوص وتنظيم الفقه، ويجب أن يبقى منفتحًا على مقاصد الدين وروحه.
ناقش هذه الرؤية في عدد من المقالات والحوارات الدعوية، حيث عبّر عن موقفه بعبارة شهيرة قال فيها:
“الحقيقة أوسع من حدودنا الضيقة، والمذاهب مدارس نتعلم منها، لا أسوار نحتمي خلفها.”
وقد أثبت الدكتور محمد عصري زين العابدين من خلال هذا الطرح وغيره، أنه نموذج للعالِم الرباني الذي يجمع بين الجرأة في قول الحق، والرحمة في الخطاب، والاتزان في الطرح.
وفي زمن تتعالى فيه بعض الأصوات التي تتخذ من الدين وسيلة للنفوذ أو التكسّب، يظلّ الدكتور عصري صوتًا إصلاحيًا أصيلًا، يُذكّر الأمة بأن قوة الدين في صدقه، وعزّته في علمه، واستمراره في وعي علمائه.
خصومه- اتهامات بالتشدد واللامذهبية
رغم ما يتمتع به هذا الداعية من منهج متزن وخطاب علمي وسطي، إلا أنه لم يسلم من حملات التشويه الإعلامي والفكري، خصوصًا من بعض الشخصيات ذات التوجهات الليبرالية أو التقليدية، حيث وُصف بالتشدد، والتأثر بالتيار السلفي، واللامذهبية.
وقد جاءت هذه الاتهامات في سياق مقاومة مشروعه الإصلاحي، لا سيما حين تصدّى للانحرافات العقدية التي ظهرت في بعض الجماعات أو الخطابات الدعوية، أو حين دعا إلى إعادة النظر في قصر الفتوى على مذهب واحد. فُسّر ذلك من قبل بعض خصومه على أنه دعوة لترك المذاهب، في حين أكّد في مقالاته ولقاءاته أنه لا يسعى إلى هدم التمذهب، بل إلى تحريره من الجمود والانغلاق، والانفتاح على الدليل الشرعي.
وفي أحد لقاءاته، صرّح قائلًا: “نحن لا نحارب المذاهب، بل نحارب تحويلها إلى قيود تعطل الاجتهاد وتعوق فهم النصوص.” كما بيّن أن وصفه باللامذهبية نابع من الجهل بحقيقة دعوته، مؤكدًا أنه يعتمد في منهجه على قواعد الاستنباط الفقهي المعتمدة لدى الأئمة.
وبالمقابل، لاقت مواقفه دعمًا واسعًا من الشباب وطلبة العلم والمثقفين، الذين رأوا فيه نموذجًا لعالم يتحدث بلغة العصر، دون أن يفرّط في الثوابت أو يخضع للضغوط الاجتماعية والسياسية
سمات منهجه في الإصلاح والتجديد
لقد اتّسم منهجه في الإصلاح الدعوي والفكري بعدة خصائص مركزية، جعلت من مشروعه مرجعًا يُستأنس به في زمن الاضطراب العقدي والانقسام الديني، ومن أبرز هذه السمات:
الوضوح العلمي: إذ يطرح القضايا بمرجعية شرعية راسخة، مستندًا إلى الكتاب والسنة، ومتجنبًا العبارات الإنشائية والشعارات العاطفية.
الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة: لا يكتفي برفض الانحراف، بل يقدّم البديل العلمي والدعوي، ويسعى لإقناع الناس بالحجة، لا بفرض القناعات بالقوة، اقتداءً بمنهج النبي ﷺ.
الاحترام والإنصاف: يعرض آراء مخالفيه بأمانة، ويحرص على إبراز الرأي والرأي الآخر دون إسقاط أو تهكّم، ويقدّم نقده بأسلوب يحترم شخصية المخالف.
الابتعاد عن التهجّم والتشهير: يرفض أسلوب التشويه والفضح، ويؤمن بأن الإصلاح الحقيقي يتحقق من خلال الحجة والبيان، لا عبر النيل من الأشخاص.
الانفتاح على المؤسسات والعمل الجماعي: يؤمن بأن الإصلاح لا يتحقق بالمبادرات الفردية فحسب، بل يتطلب التعاون مع المؤسسات، والمشاركة في صناعة الرأي العام العلمي.
الاتزان في علاقاته مع الأمراء والنخبة السياسية
تميّز الدكتور محمد عصري بحُسن إدارة علاقاته مع السلاطين والأمراء في البلاد، كما استطاع أن يحافظ على علاقات متوازنة مع الطبقة السياسية الحاكمة، مما ساعده على تمرير العديد من إصلاحاته وإيصال صوته إلى المجتمع على نطاق أوسع. ومع ذلك، لم تكن تلك العلاقات على حساب المبادئ والثوابت، بل ظل ثابتًا في مواقفه، متّزنًا في خطابه، حريصًا على الجمع بين التأثير والالتزام، دون مجاملة تُضعف الرسالة أو تنازل يُفرّغ الإصلاح من مضمونه.
وقد صرّح في إحدى جلساته مع طلبة العلم:
“إذا أردتَ أن تُصلح، فاجمع لا تفرّق، وابنِ لا تهدم، وابدأ من حيث ينتهي الآخرون، لا من الصفر.”
دروس من التجربة
إمكانية الجمع بين الولاء للموروث العلمي والانفتاح الواعي على متطلبات الواقع.
أهمية بناء خطاب دعوي يتّسم بالرحمة والعلم والوضوح.
ضرورة دعم العلماء الربانيين الذين يتحلون بالشجاعة في قول الحق دون تهوّر أو مجازفة.
الاستفادة من الوسائط الحديثة في إيصال الدعوة والإصلاح بخطاب يتناسب مع مختلف فئات الجمهور.
إسهاماته العلمية والفكرية
لقد ترك الدكتور محمد عصري أثرًا ملموسًا في ساحة التجديد الفكري والإصلاح الديني، من خلال إسهاماته العلمية الغزيرة، التي تجاوز صداها حدود ماليزيا، وامتدّت إلى العالم الإسلامي، بما في ذلك العالم العربي، وذلك بفضل إنتاجه العلمي باللغات الملايوية والعربية والإنجليزية.
وقد تميّزت مؤلفاته بعمق الطرح، ووضوح المنهج، والالتزام بالأصالة دون جمود، والتجديد دون تفريط، مما جعلها تحظى بقبول واسع بين العلماء وطلبة العلم والمثقفين.
ومن أبرز هذه المؤلفات – على سبيل المثال لا الحصر – ما يلي:
الإسلام في ماليزيا: بين التصوّر والواقع– خواطر عقل متجدد (رحلات فكرية)
أريد أن أواصل الرحلة – دواء الأحزان وبلسم المعاناة
—الفتنة ضد أصحاب رسول الله ﷺ – قيادة سفينة التغيير الفكري
كلمات للقادة والشعوب – التعصب للمذهب وآثاره على فكر الأمة
الأحاديث الموضوعة وأثرها السلبي – بدعة حسنة: مصطلح أسيء فهمه
تقييم الأحاديث المشهورة – سوء الفهم حول الإسلام
تحرير العقل المسلم – جمال الحياة بالالتزام بالشرع
رؤى فكرية تجديدية – الحديث بين الصحيح والموضوع
فكر التجديد في الإسلام – الإسلام والملايو: كرامة الأمة وسيادة الشعب
=——-النصيحة الصادقة لمفتي جوهور- دفع الشبهات المثارة حول الإسلام
خاتمة
وبذلك تُختتم هذه الدراسة التي سلّطت الضوء على تجربة إصلاحية معاصرة في واقع مليء بالتحديات، من خلال سيرة علمية وعملية، ونموذج يُحتذى به في الجمع بين الفكر والعمل، والمنهج والموقف. إنها دعوة إلى قراءة الواقع بعين الشريعة، وإلى تفعيل دور العلماء الربانيين في زمن تتداخل فيه الأصوات، ويشتد فيه غبار التلبيس.
فليكن في سيرته منارًا للدعاة والمربين، ووقودًا لمشروع التجديد الإسلامي الأصيل
.المراجع:
The Rakyat Post – سبتمبر 2024
Free Malaysia Today – أكتوبر 2024
Astro Awani – أكتوبر 2024
Malaysia Gazette – 2021 و2024
صفحة الدكتور عصري الرسمية على فيسبوك – سبتمبر وأكتوبر 2024
عمود “مندا التجديد” – 12 يوليو 2021
ويكيبيديا – Mohd Asri Zainul Abidin
Berita Harian
Malaysiakini
Astro Awani
Dr Maza IG and FB
[i]أبو احمد فريد المدير التنفيذي لدار ركن الدعوة للنشر و التوزيع كوالالمبور
Source link