هذه رسالة قصيرةٌ إلى مَن لا يزالون قابضين على مكارم أخلاقهم، يبذلون ويضحون من أجل غيرهم في هذا الزمن الصعب الذي تشتد فيه وطأة التَّكاليف، وتكثر فيه متاعب الحياة، ويزداد فيه قلق الرزق؛ حتَّى تسمع أكثرَ النَّاسِ قد نطقوا بلسان حالهم: نفسي نفسي!
هذه رسالة قصيرةٌ إلى مَن لا يزالون قابضين على مكارم أخلاقهم، يبذلون ويضحون من أجل غيرهم في هذا الزمن الصعب الذي تشتد فيه وطأة التَّكاليف، وتكثر فيه متاعب الحياة، ويزداد فيه قلق الرزق؛ حتَّى تسمع أكثرَ النَّاسِ قد نطقوا بلسان حالهم: نفسي نفسي!
يا أصحاب المكارم لا يجرمنكم ولا يحملنكم شحُ النَّاسِ مِن حولكم بأنفسهم وأموالهم وأوقاتهم، على أن تكونوا مثلهم؛ فإنّما ارتفعتم عنهم وتركت أثرًا حسنًا في نفوس من حولكم ببذلكم وتضحيتكم لغيركم؛ فإذا شححتم – يا أصحاب المكارم بذلك مثلهم؛ فما الفرق إذن بينكم وبين أولئك القومِ الذين لا يفكرون إلا في ذواتهم وأنفسهم؟!
يا أصحاب المكارم لئن كانت مكارم الأخلاق فرضَ كفاية عليكم لقيام من يكفي بها في زمن السعة؛ فهي في هذا الزمن فرضٌ متعيّن عليكم؛ لأنّ الناس قد تساقطوا وما بقي لنا إلا أولو بقية منكم يشيعون فينا العفو والكرم والبذل والتضحية، ويحفظون لنا هذه الأخلاق العالية من الذهاب والاندثار؛ فيُوشك إن تنازلتم عن التمسك بها في زمن تخلي الجميع عنها ألا يسمع بها الأجيال القادمة إلا في أخبار الأقوام السابقين وكتب الأمم الماضين!
يا أصحاب المكارم انظروا إلى ما عند الله لكم ولا تنظروا لصنيع النَّاس معكم،؛ فو الله أنّ البذل بالنفس والوقت والجهد والمال في زمن شح الناس بجميع ذلك؛ لهو خير عند الله وأعظم أجرا من بذلكم إياه في زمن السعة. وثقوا أن ما تقدمونه لا يضيع عند ربنا الشكور:
من يفعل الخير لا يُعدم جوازيه *** لا يذهبُ العرفُ بينَ الله والنَّاسِ
يا أصحاب المكارم اقبضوا على جمر أخلاقكم؛ فأنتم آخر من يُسلّينا في هذه الدنيا، وأعظم من يزيل عنا أثقال هذه الحياة بمبادرتكم بالتواصل وجودكم بالمال، وبذلكم للوقت، ونجدتكم للمحتاجين، ومواساتكم للمحزونين، وسعة صدركم لمعاناة المهمومين؛ فأنتم زينة حياتنا وسرور دنيانا؛ فإذا تخليتم عن هذه المكارم فأي حياة بائسة ستكون لنا من بعدِ تخليكم عن تلك المكارم؟!
فيا أصحاب المكارم يا ملح البلد، من يُصلح الملح إذا الملح فسد؟!
Source link