فإذا استحضرت عند توكلك: ربوبية الله وتدبيره، ثم ألوهيته والتعبد له، فقد أخذت بحبلٍ وثيقٍ من حبال إحسان التوكل عليه، والله المستعان على بلوغ ذلك.
{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا}
عبودية التوكل متعلقةٌ بصميم ربوبية الله عز وجل، وبصميم ألوهيته كذلك.
ففي الربوبية قال عز وجل: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}، فأنت تتوكل عليه لأنه الرب القائم على خلقه، المدبر لكل أمورهم، لا يخرج شيء عن تقديره، ولا يمتنع عليه أحد، ولا يعجزه شيء، ولا تخفى عليه خافية، فكيف تتوكل على غيره والأمر كله بيده وحده؟
وهذا القسم يورث العبد: اليقين بأن الله هو الوكيل، ثم الثقة به، والاطمئنان بتفويض الأمر إليه، والاكتفاء حقا به ليقول حينئذٍ بكل يقين: (حسبنا الله.. ونعم الوكيل).
وفي الألوهية قال سبحانه: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، فأنت تتوكل عليه أيضا لأنه الإله المستحق لذلك، فلا إله غيره يُصمد إليه ويُلتجأ به ويُتوكل عليه، هو الله وحده الذي تفزع إليه القلوب وتُنزل به الحاجات، فكيف يُصرف شيءٌ من التوكل على غيره ويشرك به، والحال أنه لا إله غيره؟
وهو -مع ذلك- الإله الذي أمر بالتوكل عليه وحده {فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا}، فلا طريق للعبد إلا السمع والطاعة والإذعان، والخوف من العصيان.
وهذا القسم يورث العبد: استحضار التعبد بإخلاص التوكل على الله وحده، وعدم الرضى بصرف ذرةٍ منه لغيره (إياك نستعين)، ثم التذكر أنه بتوكله على الله وحده: يحقق غايةً عظمى من غايات إرسال الرسل إلى الخلق {وَءَاتَینَا مُوسَى ٱلكِتَـٰبَ وَجَعَلنَـٰهُ هُدࣰى لِّبَنِیۤ إِسۡرَ ءِیلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا۟ مِن دُونِی وَكِیلࣰا}
فإذا استحضرت عند توكلك: ربوبية الله وتدبيره، ثم ألوهيته والتعبد له، فقد أخذت بحبلٍ وثيقٍ من حبال إحسان التوكل عليه، والله المستعان على بلوغ ذلك.
Source link