إنها حالة نادرة في التاريخ، وصدق الإمام ابن كثير حين قال قولته الشهيرة:
“انتهى سوق الجهاد بعد بني أمية إلى الأبد.”
لم تأتِ مثلها دولة، ولن تأتي مثلها دولة…
إنها حالة نادرة في التاريخ، وصدق الإمام ابن كثير حين قال قولته الشهيرة:
“انتهى سوق الجهاد بعد بني أمية إلى الأبد.”
فقد بلغت الدولة الأموية أوج المجد والاتساع، حتى أصبحت أعظم إمبراطورية عربية إسلامية عرفها التاريخ، تمتد من حدود الصين شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا، ومن سهول الأناضول إلى قلب إفريقيا السوداء.
في الغرب:
قاد الولاة العظام عنبسة بن سحيم وعبد الله بن عبد الرحمن الغافقي ورفاقهم الفتوحات في بلاد الغال (فرنسا الحالية)، وبلغوا تخوم أوروبا الغربية حتى فرنسا وإيطاليا، يخوضون معارك رهيبة ضد اللومبارديين والفرنجة.
وحين وصل خبر استشهاد عبد الرحمن الغافقي إلى الخليفة الأموي في دمشق، خرّ على ركبتيه حزنًا عليه، فقد كان الغافقي من كبار التابعين وقادة الجهاد.
في الشرق الأقصى:
بلغت الجيوش الأموية ما وراء نهر جيحون، وانتزعت من الصينيين وحلفائهم شعاب عصام، فحين بلغ الخبر الخليفة هشام بن عبد الملك، سجد لله شكرًا لاستعادتها.
وهذا يدل على أن الخلفاء أنفسهم كانوا يتابعون الفتوحات بأمرٍ وتخطيطٍ واستمرار.
في إفريقية:
قاد القادة حبيب بن أبي عبيدة الفهري وعبد الله بن الحبحاب الشامي السرايا،
فتارةً يغزون صقلية، وتارةً ينساحون في عمق إفريقيا حتى وصلوا إلى ساحل العاج، يخوضون معارك عنيفة وسط الأدغال الإفريقية.
في الهند والسند:
بعد أن ثبّت الأمويون أقدامهم هناك،
قادوا جيوشًا جرارة توغلت في أراضي الهند حتى وصلت ضفاف أركان،
وأقاموا الموانئ والحاميات لتأمين الفتوح وبسط النفوذ.
في الصين:
تقدّم العرب شرقًا حتى صحراء جوبا على مشارف طورفان،
وقيل إنهم اقتربوا من مشرق الأرض نفسه، في مشهد مهيب من العزيمة والتوسع الحضاري.
في القرن الإفريقي:
وجّهت الدولة الأموية الفتوح بقيادة أحد القادة من أصول شامية لبنانية،
فبلغت الجيوش مدغشقر، وأقاموا فيها حاميات وثغورًا بحرية لتأمين المحيط والممرات التجارية.
في مواجهة الروم والبيزنطيين:
وصلت الجيوش الأموية إلى مضيق البسفور،
بقيادة يزيد بن أبي كبشة وعبد الرحمن بن الوليد في حصار نيقية الشهير.
وقبل ذلك، قاد مسلمة بن عبد الملك جيشًا قوامه مئة ألف فارس اجتاحوا الأناضول كله.
كما وجّه الخليفة الأسطول البحري العظيم المؤلف من ١٨٠٠ سفينة بقيادة ابن هبيرة الفزاري،
وكلف القائد مروان بن محمد بفتح بلاد الخزر،
فاجتاحها حتى التف الجيش حول البحر الأسود، مما أدهش المؤرخين لسرعة انطلاق الجيوش في أراضٍ مجهولة.
هذه لمحة يسيرة من إنجازات بني أمية،
الذين رفعوا راية الإسلام في كل اتجاه، ونشروا العربية حضارةً ولسانًا وكتابًا.
فهل وُجدت — أو ستوجد — دولة بلغت ما بلغوه من اتساعٍ وقوةٍ وإقدامٍ؟
مراجع: روايات المؤرخين ومنهم ابن كثير – البداية والنهاية (بتصرف).
صفحة: تاريخ الدولة العثمانية
Source link