ثناء الله- عز وجل- على الذين ينفقون أموالهم ابتغاء وجه الله في جميع الأوقات والأحوال ليلًا ونهارًا، وسرًّا وإعلانًا؛ لقوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً
من قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 275 – 281].
1- ثناء الله- عز وجل- على الذين ينفقون أموالهم ابتغاء وجه الله في جميع الأوقات والأحوال ليلًا ونهارًا، وسرًّا وإعلانًا؛ لقوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً}.
2- جواز الإعلان بالنفقة وإظهارها، واجبة كانت أو مستحبة، وقد يكون أولى من الإسرار بها، كما إذا كان القصد من ذلك إظهار السنة وإشهارها، وقد يكون الإسرار أولى، كما إذا خاف الإنسان على نفسه من الرياء ونحو ذلك.
3- عظم ما أعده الله- عز وجل- من الثواب للمنفقين في سبيله، وتكفله- عز وجل- بذلك لهم، وقد أكد ذلك بتقديم الخبر في قوله: {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} ، وبتسميته أجرًا، وإضافته إلى نفسه وأنه عنده، وإضافة «رب» إلى ضميرهم في قوله- عز وجل: {رَبِّهِمْ} ﴾؛ أي: خالقهم ومالكهم ومربيهم بسائر النعم.
4- تشريف المنفقين وتكريمهم بإضافة «رب» إلى ضميرهم في قوله عز وجل: {عِنْدَ رَبِّهِمْ} ، وإثبات ربوبية الله تعالى الخاصة لهم.
5- أن مما أعده الله- عز وجل- للمنفقين في سبيله كمال الأمن وانشراح الصدور في الدنيا والآخرة؛ لقوله تعالى: {وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
6- الترغيب في الإنفاق في سبيل الله، في جميع الأوقات، ليلًا ونهارًا، وفي جميع الأحوال، سرًّا وإعلانًا؛ لعظم ما أعده الله- عز وجل- للمنفقين من الثواب، وعدم الخوف والحزن.
7- أن كمال السعادة إنما يحصل باجتماع الأجر والثواب، وانتفاء الخوف والحزن، أي: بحصول المطلوب وزوال المرهوب.
8- التحذير من الربا، وذم آكليه والتهديد لهم، والتشنيع عليهم، وبيان سوء حالهم وأنهم لا يقومون إلا كما يقوم المجنون، الذي تخبطه الشيطان وصرعه ومسّه؛ لقوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}.
9- إثبات مس الجن وصرعهم للإنس؛ لقوله تعالى: {كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لماعز بن مالك: « «أبك جنون» »[1]، وقال صلى الله عليه وسلم: « «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» »[2].
10- أن سبب أخذ المرابين للربا وعقوبتهم بما ذكر قولهم: إنما البيع مثل الربا، واستحلالهم له؛ لقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}.
11- جرأة أكلة الربا على الاعتراض على حكم الله الشرعي في تحريم الربا وتحليل البيع، وقياسهم الفاسد، وجمعهم بين ما حرم الله وبين ما أحل بقولهم: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}.
أي: فإذا كان البيع حلالًا ينبغي أن يكون الربا حلالًا، وإذا كان الربا حرامًا ينبغي أن يكون البيع حرامًا.
12- أن الله- عز وجل- أحل البيع وحرم الربا، والحكم له وحده دون من سواه؛ لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}.
فيجب التسليم لحكمه، عرفنا الحكمة في ذلك، أم لم نعرفها. وفي هذا رد على المعترضين على حكمه- عز وجل- في ذلك.
13- إثبات الفرق الشاسع والبون الواسع بين الربا والبيع؛ لأن الله- عز وجل- فرق بينهما فأحل البيع وحرم الربا، فالبيع ضرورة من ضرورات الحياة للتعامل بين الناس، وتبادل المنافع بينهم، وتأمين حاجاتهم.
والربا أكل لأموال الناس بالباطل، وظلم لهم، وسبب لتلف الأموال، ومحق بركتها.
14- تذكير الله- عز وجل- العباد- بآيات القرآن الكريم ووعظهم بما فيها من الأوامر والنواهي والترغيب والترهيب، والوعد والوعيد؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ}.
15- في إضافة «رب» إلى الضمير في قوله: {مِنْ رَبِّهِ} إثبات ربوبية الله تعالى العامة، وتذكير بنعمة ربوبية الله- عز وجل- واستعطاف لقلوب المخاطبين- عسى أن تلين وتقبل الموعظة.
16- أن من انتهى من الربا وتاب منه بعد أن بلغه النهي عنه فله ما أخذ قبل ذلك، دون ما لم يقبضه فلا يحل له، وأمره فيما يستقبل، وفي الآخرة إلى الله؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ}.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: « «ألا وإن ربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضعه ربانا، ربا العباس ابن عبدالمطلب، فإنه موضوع كله» »[3].
17- الوعيد الشديد والتهديد الأكيد لمن عاد إلى أكل الربا بعد أن بلغته الموعظة، بملازمة النار والخلود فيها؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
18- عظم الربا وأنه من أكبر الكبائر؛ لأن الله توعد آخذه بملازمة النار والخلود فيها. وقد عده بعض أهل العلم أكبر الكبائر بعد الشرك بالله؛ لأنه محاربة لله ورسوله؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278، 279].
19- محق الربا بإزالته وإتلافه ونزع بركته؛ لقوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}.
وفي هذا معاملة المرابي بنقيض قصده وسد أبواب الطمع أمام المرابين.
20- زيادة الصدقات بمضاعفة أجورها الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والخلف عنها بزيادة المال ونموه وبركته؛ لقوله تعالى: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}.
21- فرْقٌ بين الربا والصدقات، فالربا سبب لمحق المال، والصدقات سبب لنموه وزيادته.
22- نفي محبة الله- عز وجل- عن كل كفار أثيم؛ لقوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}.
وفي هذا تحذير من الكفر والإثم، وأكل الربا، ووعيد وتهديد لمن هذه صفته؛ لأن مقتضى عدم محبة الله له- بغضه له وتعذيبه.
23- إثبات محبة الله- عز وجل- للمؤمنين المطيعين؛ لقوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} ، فمفهوم هذا محبته لكل مؤمن مطيع.
24- بيان ما أعده الله- عز وجل- عنده للذين آمنوا وعملوا الصالحات، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة؛ من الثواب العظيم، والأمن التام، والسلامة من الحزن؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
ويكفي في عظمه أن الله- عز وجل- أضافه إلى نفسه
25- تكريم المؤمنين وتشريفهم بإضافة اسمه- عز وجل- إلى ضميرهم في قوله: {رَبِّهِمْ} ، وإثبات ربوبية الله تعالى الخاصة لهم.
26- الحث على الإيمان والعمل الصالح، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة؛ لعظم ما أعده الله- عز وجل- من الثواب لمن اتصف بذلك.
27- تلازم الإيمان والعمل الصالح، فلا يصح الإيمان بلا عمل، ولا يصح العمل بلا الإيمان؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.
28- لابد لقبول العمل من كونه صالحًا؛ خالصًا لله- عز وجل- وفق شرعه وسنة نبيه- صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}.
29- عظم مكانة الصلاة والزكاة، وأنهما أعظم أركان الدين وواجباته، لهذا خصهما بالذكر، وفضل الصلاة على الزكاة، لهذا قدمها على الزكاة؛ لقوله تعالى: {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ}.
30- أن المقصود الأعظم من الصلاة إقامتها إقامة تامة بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، فهي الصلاة التي تنفع صاحبها؛ لقوله تعالى: {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ}.
31- أن الواجب على أهل الأموال أن يؤدوا الزكاة إلى الفقراء ونحوهم، دون تكليف الفقراء المطالبة بها؛ لقوله تعالى: {وَآتَوُا الزَّكَاةَ}.
32- تكفل الله- عز وجل- بهذا الثواب وضمانه؛ لهذا سماه أجرًا فقال تعالى: {لَهُمْ أَجْرُهُمْ}.
33– الجمع لأهل الجنة بحصول الثواب، والسلامة من الخوف والحزن- وهذا غاية السعادة، ففيه حصول المطلوب، والنجاة من المرهوب.
34- تصدير الخطاب بالنداء للتنبيه والعناية والاهتمام، ونداء المؤمنين بوصف الإيمان تكريمًا وتشريفًا لهم، وحثًّا على الاتصاف بهذا الوصف، وأن امتثال ما بعده من أمر أو نهي من مقتضيات الإيمان، وعدم امتثاله يعد نقصًا في الإيمان؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}.
35- وجوب تقوى الله عز وجل؛ لقوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ}.
36- وجوب ترك ما بقي من الربا وما لم يقبض منه، وإن كان بعد تمام العقد، وأن ذلك من شرط الإيمان؛ لقوله تعالى: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
37– أن الربا من أعظم المنهيات، لهذا عطف تركه على الأمر بتقوى الله- مع أنه من تقوى الله؛ لمزيد التحذير منه؛ لقوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا}.
38- إثبات الفعل والاختيار للإنسان؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا}.
وفي هذا رد على الجبرية الذين يزعمون أن الإنسان مجبر على تصرفاته كلها، فعلًا أو تركًا، ولا اختيار له.
39- أن المصرين على الربا معلنون الحرب على الله ورسوله؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} ، وفي هذا من التهديد الشديد والوعيد الأكيد ما ترجف له القلوب، مما يدل على شدة حرمة الربا وعظيم خطره.
40- إثبات رسالة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {وَرَسُولِهِ}.
41- عطف اسمه- صلى الله عليه وسلم أو وصفه بالواو، التي تقتضي التشريك، على اسم الله- عز وجل- في قوله تعالى: {بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} ؛ لأن محاربة الرسول صلى الله عليه وسلم محاربة لله تعالى، كما أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة ﷲ تعالى.
42- يجب على من تابوا من الربا ألا يأخذوا سوى رؤوس أموالهم، فلا يظلمون بأخذ الزيادة الربوية، ولا يُظلمون بنقص رؤوس أموالهم؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ}.
وعلى هذا فلا يجوز أخذ الزيادة الربوية، لا للانتفاع بها ولا للصدقة بها، ولا للتخلص منها، ولا لغير ذلك.
43- أن العلة في تحريم الربا ما فيه من الظلم، بسبب أكل أموال الناس بالباطل؛ لقوله تعالى: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}.
44- تحريم الظلم ووجوب العدل في المعاملات وغيرها؛ لقوله تعالى: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ}.
45- وجوب إنظار المعسر وإمهاله حتى يوسر، ويتمكن من وفاء دينه؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ، فلا يجوز التضييق عليه ومطالبته، حتى يوسر؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
46- الإشارة إلى أن العسر يعقبه اليسر، وأن مع كل عسر يسرين؛ لقوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}.
47- الحث على الوضع عن المدين بإسقاط الدين عنه أو بعضه، والترغيب في ذلك بتسميته تصدقًا، وبيان أنه خير من إنظاره أي: خير للدائن في الدنيا والآخرة؛ لقوله تعالى: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ}.
48- إثبات تفاضل الأعمال والعمّال وتفاضل الإيمان؛ لقوله تعالى: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ}.
49- فضل العلم النافع الذي يهدي صاحبه إلى الخير والعمل الصالح والترغيب فيه؛ لقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
50- وجوب اتقاء يوم القيامة والاستعداد له، والحذر من عذابه وأهواله؛ لقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}، وذلك بفعل أوامر الله، واجتناب نواهيه.
51- أنه إذا كان المراد بـ«التقوى» التحذير والحذر من الشيء دون العبادة والتذلل والخضوع جاز أن تضاف لغير الله؛ لقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا} ، كما في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ} [آل عمران: 131]، {وَاتَّقُوا فِتْنَةً} [الأنفال: 25].
52- عظم يوم القيامة وشدة عذابه وأهواله؛ لقوله تعالى: {يَوْمًا} بالتنكير.
53- إثبات البعث والمعاد والرجوع إلى الله عز وجل؛ لقوله تعالى: {تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}.
54- إثبات الحساب والجزاء على الأعمال، وتوفية كل نفس عملها، ومجازاتها عليه؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ}.
55- الحث على العمل الصالح والترغيب فيه، قليلًا كان أو كثيرًا، والتحذير من العمل السيئ، قليلًا كان أو كثيرًا؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ}.
وهذا عام في القليل والكثير من الخير والشر.
56- في قوله تعالى {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ} ما يدل على انتفاع المؤمن بما يُهدى إليه من الغير، من ثواب الدعاء والصدقات والحج وغير ذلك، مما دلت عليه السنة الصحيحة، وذلك- وإن لم يكن من كسبه- فهو بسبب إيمانه، وهو من أعظم كسبه، إذ لو لم يكن مؤمنًا ما انتفع بذلك.
57- كمال عدل الله- عز وجل- في محاسبة الخلائق؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.
[1] أخرجه البخاري في الطلاق (5270)، ومسلم في الحدود (1691)، وأبو داود في الحدود (4430)، والنسائي في الجنائز (1956)، والترمذي في الحدود (1429)، من حديث جابر رضي الله عنه.
[2] أخرجه البخاري في الاعتكاف (2039)، ومسلم في السلام (2175)، وأبو داود في الصوم (2470)، وابن ماجه في الصيام (1779)، من حديث صفية رضي الله عنها.
[3] سبق تخريجه.
Source link