ما دخَلَ الجنةَ حتى يُقْضَى عنه دَيْنُه

منذ حوالي ساعة

كنَّا جلوسًا عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فرَفَعَ رأسَه إلى السماءِ ، ثم وضَعَ راحتَه على جبهتِه ، ثم قال : سبحان اللهِ ! ماذا نزَلَ مِن التَشْدِيدِ ؟

الحديث:

«كنَّا جلوسًا عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فرَفَعَ رأسَه إلى السماءِ ، ثم وضَعَ راحتَه على جبهتِه ، ثم قال : سبحان اللهِ ! ماذا نزَلَ مِن التَشْدِيدِ ؟ فسَكَتْنَا ، وفَزِعْنَا ، فلما كان مِن الغدِ سأَلْتُه : يا رسولَ اللهِ ، ما هذا التشديدُ الذي نزَلَ ؟ فقال : والذي نفسي بيدِه، لو أن رجلًا قُتِلَ في سبيلِ اللهِ ، ثم أُحْيِىَ ، ثم قُتِلَ ، ثم أُحْيِىَ ، ثم قُتِلَ ، وعليه دَيْنٌ ، ما دخَلَ الجنةَ حتى يُقْضَى عنه دَيْنُه. »

[الراوي : محمد بن عبدالله بن جحش | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي ] [الصفحة أو الرقم: 4698 | خلاصة حكم المحدث : حسن ]

الشرح:

شَدَّدَتِ الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ في أمرِ قضاءِ الدَّيْنِ، والتَّحذيرِ مِن عدمِ سَدادِه أو المماطلةِ في ذلِك، وأنَّ هذا قد يمنَعُ المسلِمَ مِن دُخولِ الجنَّةِ حتَّى يُقضى دَينُه.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ محمَّدُ بنُ جَحشٍ رَضِي اللهُ عَنه: “كنَّا جُلوسًا عندَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فرفَع رأسَه إلى السَّماءِ”، أي: صوَّب النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بصَرَه إلى أعلى ناحيةَ السَّماءِ، “ثمَّ وضَع راحتَه على جَبهتِه”، أي: وضَع باطنَ كفِّه على مُقدَّمِ رأسِه، ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “سُبحانَ اللهِ!”، أي: تَنزيهًا للهِ تعالى، تُقالُ غالبًا عند التَّعجُّبِ والاندِهاشِ مِن عَظيمِ قُدرةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وهي مِن جُملِ الذِّكرِ الَّتي حَثَّ عليها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، “ماذا نزَل مِن التَّشديدِ؟”، أي: ما نزَل مِن أحكامٍ على العِبادِ فيها تَثقيلٌ؟ “فسكَتْنا”، أي: سكَتْنا عن طلبِ مَزيدِ جوابٍ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على ما أخبَرَ، “وفزِعْنا”، أي: خِفْنا، وأشفَقْنا أنْ يكونَ ما نزَل فيه مكروهٌ، قال محمَّدُ بنُ جَحشٍ رَضِي اللهُ عَنه: “فلمَّا كان مِن الغَدِ”، أي: صباحِ اليومِ التَّالي، “سأَلْتُه: يا رسولَ اللهِ، ما هذا التَّشديدُ الَّذي نزَل؟”، أي: طلَب مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أن يُبيِّنَ له ويُفسِّرَ ما ذكَر مِن التَّشديدِ الَّذي أخبَرَهم به، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “والَّذي نفْسي بيدِه”، أي: يُقسِمُ باللهِ عزَّ وجلَّ؛ وذلك لأنَّ اللهَ هو الَّذي يملِكُ الأنفُسَ، وكثيرًا ما كان يُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بهذا القسَمِ، “لو أنَّ رجُلًا قُتِلَ في سبيلِ اللهِ”، أي: لو أنَّ رجُلًا قُتِلَ مِن أَجلِ إعلاءِ كَلمةِ اللهِ تعالى، ونُصرةِ دِينِه، “ثمَّ أُحْيِيَ ثمَّ قُتِلَ، ثمَّ أُحْيِيَ ثمَّ قُتِلَ”، أي: كلُّ ذلك في سبيلِ اللهِ تعالى، وهذا بَيانٌ لعَظيمِ عمَلِه وما يَتحصَّلُ عليه مِن أجرٍ، “وعليه دَيْنٌ”، أي: وكان هذا الَّذي قُتِلَ في سَبيلِ اللهِ مَدْيونًا بدَيْنٍ لم يَقْضِه، ولم يُسدِّدْه عنه غيرُه بَعدَ مَوتِه، “ما دخَلَ الجنَّةَ”، أي: يُحبَسُ عن دُخولِها، “حتَّى يُقضَى عنه دَيْنُه”؛ لأنَّ الدَّيْنَ مِن حُقوقِ العبادِ الَّتي لا بدَّ أنْ تُؤدَّى، وقد بيَّنَتِ الرِّواياتُ: أنَّ أَوْلى النَّاسِ بقَضاءِ دَيْنِ الميِّتِ هم أقاربُه، فإن لم يجِدوا أو لم يقدِروا، سعَى لقَضائِه له رَجلٌ مِن المسلِمين أو يعفو عنه صاحبُ الدَّينِ، وقيل: حتَّى يَقضيَ هو دَينَه بنفْسِه، بالقِصاصِ الَّذي يقَعُ منه في الآخرةِ.
وفي الحديثِ: أنَّ نَفْسَ المؤمنِ مُعلَّقةٌ في الآخرةِ بدَيْنِه.
وفيه: تَغليظُ الوَعيدِ لِمَن يترُكُ دَيْنًا خَلْفَه، ولم يَسْعَ في قَضائِه.
وفيه: بيانُ ما كان عند الصَّحابةِ مِن أدبٍ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم .

الدرر السنية 


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

تفسير: (ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم..)

تفسير: (ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) [الأحزاب (48)] …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *