وُلد بني الرحمة والهدى صلى الله عليه وسلم – محمد سيد حسين عبد الواحد

منذ حوالي ساعة

نحن اليوم على موعد لنرطب ألسنتنا،  ونروح عن قلوبنا، ونتقرب الى ربنا بالحديث عنه وبكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلّم..

أما بعد فيقول رب العالمين سبحانه  {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} [سورة الجمعة]  
وعند مسلم من حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال  «إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بنياناً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة ؟ قال صلى الله عليه وسلم فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين»   [أخرجه مسلم] . 
أيها الإخوة الكرام : في مثل هذه الأيام المباركات كان العالم على موعد مع مولد الهادي الأمين آخر المرسلين، وخاتم النبيين، وإمام الغرِّ المحجلين نبينا وحبيبنا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.. 
نحن اليوم على موعد لنرطب ألسنتنا،  ونروح عن قلوبنا، ونتقرب الى ربنا بالحديث عنه وبكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلّم.. 
قال رب العالمين سبحانه {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }   [سورة الأحزاب ]أللهم صلِّ على نبينا وحبيبنا محمداً عدد من صلى عليه وصلِّ عليه عدد من لم يصلى عليه وصلِّ عليه يا ربِّ كما تحب أن يصلى عليه.. 
سئل النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الاثنين من كل أسبوع فقال :-
( ذلك يوم ولدت فيه وفيه ) أخرجه مسلم 
ولد صلى الله عليه وسلم من أبوين كريمين معروفين..  أما الأب:  فهو عبد الله بن عبد المطلب  وأما الأم:  فهي آمنة بنت وهب.. 
ويمتد نسبه الشريف إلى إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام  .. 
قال عن نفسه عليه الصلاة والسلام :-
 «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم فأنا خيركم نفسًا وخيركم نسباً» 
أما عن أسماءه صلى الله عليه وسلم فله خمسة أسماء قال عنها:-
«لي خمسة أسماء : أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي» 
اقتصر القرآن الكريم على ذكر اسمين فقط من أسماءه عليه الصلاة والسلام ( محمد  ،   أحمد  ) 
ذكر باسمه محمداً في القرآن في أربع مواضع.. أشهرها قول الله تعالى  ﴿ { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ} ﴾ [آل عمران]وقوله تعالى  {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}  [سورة الأحزاب ]وقوله تعالى ﴿ {وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَءَامَنُوا۟ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ } ﴾ [محمد] . 
وقوله عز من قائل ﴿ {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ ۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ۖ} } 
وذكر اسم الحبيب أحمد في القرآن الكريم مرة.. 
{﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ يَٰبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ ٱلتَّوْرَىٰةِ وَمُبَشِّرًۢا بِرَسُولٍ يَأْتِى مِنۢ بَعْدِى ٱسْمُهُۥٓ أَحْمَدُ ۖ}} [الصف]محمد صلى الله عليه وسلّم: 
اسم جميل حمله نبينا صلى الله عليه وسلم سماه به جدّه وأمه ولم تكن العرب من قبل تُسمّي أبنائها (محمداً) إلا ما ندر .. 
قيل لآمنة بنت وهب أم نبينا صلى الله عليه وسلم حين حملت به قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولي أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ثم سمه محمدًا.. 
يقول شداد بن أوس بينما رسول الله يحدثنا عند باب الحجْر إذ أقبل علينا سيد ( بني عامر ) وكان شيخاً كبيراً هرماً جاء يتوكأ على عصا حتى تمثل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم قائماً فقال يا ابن عبد المطلب أخبرونى أنك تزعم أنك رسول الله إلى الناس أرسلت بما أرسل به موسى وعيسى.. 
ألا وإنك تفوهت بعظيم إنما كانت الأنبياء في بيتين من بيوت بنى إسرائيل فلا أنت من أهل هذا البيت ولا من أهل هذا إنما أنت رجل من العرب ممن كانوا يعبدون الحجارة فما لك والنبوة ؟ 
أخبرنى عن حقيقة أمرك وبدو شأنك .
قال شداد فأُعجب النبي عليه الصلاة والسلام بمسألة ذلك الشيخ فقال يا أخا بني عامر:_
إن للحديث الذي تسأل عنه نبئاً ومجلساً فاجلس فجلس وَثَنَى رِجلَهُ ثم بَرَكَ كما يَبرُكُ البعير فاستقبله النبي صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال :_
يا أخا بني عامر إن حقيقة قولي وبدو شأنى أنى دعوة أبي إبراهيم وبشارة أخي عيسى وإني كنت بكر أمي حملتني كما يحمل النساء حتى جعلت تشتكي إلى النساء ثقل ما تجد ثم إن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نوراً، قالت أمى فجعلتُ أُتبع النورَ بصري فجعل النورُ يشق بصري حتى أضاءت لي مشارق الأرض ومغاربها.. 
قال عليه الصلاة والسلام ثم إنها ولدتني فنشأتُ فلما نشأتُ بُغِّضَت إليّ أوثانُ قريش وبُغِّضَ إليّ الشِّعْرُ وكنت مُسترضعاً في بني سعد بن بكر .. 
ومضى رسول الله يحدثه حتى قال صلى الله عليه وسلم ذلك يا أخا بني عامر حقيقة قولي وبدو شأني ، فقال شيخ بنى عامر أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أنك رسول الله.. 
من بين كل الأسماء في هذا الكون لا يذكر اسم الله تعالى إلا ويُذكر معه اسم الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم 
يتردد صداه مع كل أذان في صحراء جزيرة العرب وفي أدغال إفريقيا وفي ثلوج سيبيريا وفي هضاب الصين وبين ناطحات السحاب فى باريس ولندن 
تختلف اللغات وتتنوع اللهجات وتتعدد الأوقات لكنها تتلاقي كلها وتتقارب عندما يُذكر اسم الله تعالى واسم محمد صلى الله عليه وسلم
بفضل الله تعالى وبحوله وقوته وَضع الحبيبُ محمدٌ صلى الله عليه وسلم أمةَ العربِ على خارطة العالم، وجعلهم سادة وقادة للبشر، بعد أن كانوا قبيل سنوات من بعثته رعاة للبقر والغنم.. 
بفضل الله تعالى وببركة جهد الحبيب محمدٍ صلى الله عليه وسلم دخل العرب التاريخ من أوسع الأبواب وليس بأبي جهل ولا أبي لهب ولا بغيرهم من جحافل العرب.. 
دخل العرب التاريخ من أوسع الأبواب بالقرآن الذي أنزله الله تعالى علي قلبه صلى الله عليه وسلم 
دخل العرب التاريخ من أوسع الأبواب: 
ليس بمعلقات طرفة بن العبد ولا بقصائد عنترة بن شداد، كل المنصفين من الباحثين والدارسين ممّن درسوا سيرته وهديه ورسالته صلى الله عليه وسلم أبوا أن يخونوا ضمائرهم وعقولهم وأقلامهم التي نطقت وكتبت تهتف باسمه وتتغنى بسمو رسالته صلى الله عليه وسلم فمنهم :- 
منْ عدّ عظماء العالم وأصحاب الفضل فيه فسجّل منهم مائة وجعل أولهم محمد صلى الله عليه وسلم 

هاجر صلى الله عليه وسلم الى المدينة ومعه أبو بكر وخادمه عامر بن فهيرة ودليلهما عبد الله بن أريقط  مروا على خيمة عجوز يقال لها أم معبد فالتمسوا عندها طعاما فلم يكن عندها طعام قالت:-
ما عندي والله إلا هذه العنز الضعيفة التي لا لبن فيها لشدّة الهزال فاقترب المبارك صلى الله عليه وسلم من العنز ومسح بيده الشريفة ضرعها ودعا ربه فما لبثت أن امتلأ ضرعها باللبن فحلب النبي صلى الله عليه وسلم فسقى أصحابه وسقى أم معبد ثم شرب ثم حلب وأعطى لأم معبد 
ثم مضى عليه السلام فى طريقه الى المدينة من غير أن تعرف أم معبد من يكون ذلك الرجل فلما رجع زوجها الى خيمتهما وجد في البيت لبناً فقال يا أم معبد أنى لك هذا فحدثته بما جرى :-
مدحت أم معبد نبينا صلى الله عليه وسلم فقالت رأيت رجلا ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخَلق وسيماً قسيما في عينيه دَعَجٌ يعنى شدة سواد وفي أشفاره وطف تقصد أنه كثيف الرمشين وفي صوته صهل تقصد أنه ليس بحاد الصوت وفي عنقه سَطْع يعنى إشراق وطول 
مدحت أم معبد نبينا صلى الله عليه وسلم فقالت إن صمَتَ فعليه الوقار وإن تكلم سما وعلاه البهاء أجمل الناس وأبهاهم من بعيد وأحسنهم وأجملهم من قريب حلو المنطق فصلا لا نزرا ولا هذرا 
أبهى الناس منظرا وأحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به إن قال سمعوا لقوله وإن أمر تبادروا الى أمره محفود محشود …. وجعلت أم معبد تسترسل فى مدح الهادى صلى الله عليه وسلم 
فلما سمع أبو معبد ما قالت أم معبد قال :-
هذا والله صاحب قريش الذي ذُكر لنا من أمره ما ذُكر ولقد هممتُ أن أصاحبه ولأفعلنّ إن وجدت الى ذلك سبيلا)
سيدى يا رسول الله مثلك لم ترَ قطّ عينٌ — وأفضل منك لم تلد النساء — خُلقت مبرأً من كل عيب — كأنك قد خلقت كما تشاءُ نسأل الله تعالى أن يرزقنا محبة واتباع هديه وسنته إنه ولى ذلك ومولاه وهو على كل شئ قدير 
الخطبة الثانية 
أيها الأخوة المؤمنون أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أعظم صورة أراها تصلح لأن تكون صورة احتفال المسلمين بذكرى مولد الهادى صلى الله عليه وسلم أن نأتى الى ما عرفناه وما تعلمناه من هديه وسنته فنجعله فى حياتنا واقعاً نتعايش به ونتحرك فى نوره 
كلٌ واحد منا في موضع إنتاجه وفى موضع عطائه يطبق ما عرف.. 
نحن لا نريد أن نتحول كلنا إلى دعاة على المنابر وإنما نريد أن نتحول كلنا إلى نمازج مصغرة مما كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم 
كلُّ واحد منا في موقع إنتاجه وعطائه بحسب ما منَّ الله به عليه من قدرات فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها ولا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها.
نتذكر فى يوم مولده صلى الله عليه وسلم سنته وهديه وأخلاقه وأقواله وتوجيهاته ونعرضها على أنفسنا ثم نتساءل أين نحن فى أخلاقنا ومعاملاتنا من صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم 
هل نحن ممن يسارعون الى الخير كما كان يفعل رسول الله ؟ 
هل نحن ممن يصلون الرحم كما كان يصلها رسول الله ؟ 
هل نحن من يحب الخير للناس وللمسلمين كما كان يحبه رسول الله ؟
هل نحن ممن يقومون الليل كما كان رسول الله؟ 
هل نحن ممن يذكرون الله تعالى قياما وقعودا وعلى جنوبهم كما كان رسول الله؟ 
هل نحن ممن يقرأ القرآن كل يوم كما كان؟ 
هل نحن نستغفر الله كل يوم وليلة أكثر من مائة مرة كما كان رسول الله ؟
هل نحن أصحاب عفو وصفح وتجاوز كما كان رسول الله ؟
اعرض أعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعمالك فهذا والله هو أفضل إحياء لذكرى مولد الهادى صلى الله عليه وسلم 
{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا } سورة الأحزاب 
وفى الختام نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يردنا إلى هذه المعاني العظيمة رداً جميلاً، وأن يأخذ بنواصينا إليه، وأن يرد أمتنا إلى سابق عهدها من العز والكرامة والمجد ونسأله سبحانه أن يؤلف بين قلوبنا…. إنه على ما يشاء قدير.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطر الإلحاد (2) – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *