مفهوم الوسطية في اللغة والشرع

فالوسطية في الشرع تعني الاعتدال والتوازن بين أمرين أو طرفين، دون إفراطٍ وتفريط، أو غُلوٍّ وتقصير، وهذه الوسطية إذًا هي العدل والطريق الأوسط الذي تجتمع عنده الفضيلة.

أولًا: الوسطية في اللغة:

الوسطية مأخوذة من مادة وسط، وهى كلمة تدل على العدل والفضل والخيرية والنصف والتوسط بين الطرفين.

 

يقول ابن فارس(ت: 395هـ) – رحمه الله-: الواو والسين والطاء بناء صحيح يدل على العدل والنصف، وأعدل الشيء: أوسطه ووسطه[1].

 

ويقول ابن منظور (ت: 711هـ) – رحمه الله-:  وسط الشيء وأوسطه: أعدله[2].

 

ثانيًا: مفهوم الوسطية في الشرع:

جاءت الوسطية في الشرع بمعنى العدالة والخيرية، والتوسط بين الإفراط والتفريط؛ كما في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143].

 

يقول الطبري (ت: 310هـ) – رحمه الله-: الوسط هو الجزء الذي بين الطرفين، مثل وسط الدار، وقد وصف الله هذه الأمة بالوسط؛ لتوسطها في الدين [3].

 

ومن ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم -:  «إِنَّ في الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا الله لِلْمُجَاهِدِينَ في سَبِيلِ اللَّهِ، ما بين الدَّرَجَتَيْنِ كما بين السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فإذا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فإنه أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرحمن، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ» [4].

 

قال الحافظ ابن حجر(ت: 852هـ) – رحمه الله:  قوله: أوسط الجنة أو أعلى الجنة، المراد بأوسط هنا: الأعدل والأفضل؛ كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143][5].

 

فالوسطية في الشرع تعني الاعتدال والتوازن بين أمرين أو طرفين، دون إفراطٍ وتفريط، أو غُلوٍّ وتقصير، وهذه الوسطية إذًا هي العدل والطريق الأوسط الذي تجتمع عنده الفضيلة.

 

وأهل السنة والجماعة يتميزون بالوسطية والاعتدال بين الفرق الأخرى التي تقف على طرفي نقيض، فتجد إحداهما في أقصى اليمين مثلًا، وتقف الأخرى في أقصى اليسار، وتظهر هذه الوسطية في أبواب الاعتقاد ومسائله بعامة[6].

 

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله: أهل السنة في الإسلام كأهل الإسلام في الملل الأخرى[7]؛ يعني في وسطيتهم.

 


الكاتب: الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطر الإلحاد (2) – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة السفر إلى بلاد الكفار للدراسة أو غيرها دون التقيد بالضوابط الشرعية -القراءة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *