نصرة المظلوم في الإسلام ليست مجرد خلق حسن بل هي عقيدة راسخة تسمى عقيدة الولاء للمسلم خاصة لو كان مظلوماً
الحمد لله رب العالمين
نصرة المظلوم في الإسلام ليست مجرد خلق حسن بل هي عقيدة راسخة تسمى عقيدة الولاء للمسلم خاصة لو كان مظلوماً، بل إن من يخذل أخاه حال استضعافه معرض لسخط الله وعقوبته بالخذلان وقت شدته، قال صلى الله عليه وسلم : «ما مِنْ امرئ يخذل امرًأ مسلما في موضع تُنتهك فيه حُرْمَتُه، ويُنتقص فيه مِنْ عِرْضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما مِن امرئ ينصر مسلما في موضع يُنْتَقص فيه مِنْ عِرْضِه، ويُنْتَهك منْ حُرْمَتِه إلا نصره الله في موطن يحب نصرته» . [رواه أحمد وأبو داود] .
قال صاحب عون المعبود: “والمعنى ليس أحد يترك نُصْرَةَ مسلم مع وجود القدرة عليه بالقول أو الفعل عند حضور غيبته، أو إهانته، أو ضربه، أو قتله، إلا خذله الله“..
الأمة الخاذلة:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «(لما رجع مهاجرو البحر (الحبشة) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟! قال فتية منهم: بلى يا رسول الله! بينما نحن جلوس، إذ مرت عجوز مِن عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قُلَّةً مِنْ ماء، فقام إليها فتىً مِنْ فِتْيانهم فوضع إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت (وقعت) على ركبتيها، فانكسرت قلتُها، فلما ارتفعت، التفتت إليه فقالت: سوف تعلم، يا غُدر (يا غادر، يا ظالم)، إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف يكون أمري وأمرك عنده غداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقت.. صدقت، كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم مِن شديدهم ؟!) » [رواه ابن ماجه] . قال السِّندي: (يقدِّس الله) أي: يُطَهِّرهم من الدَّنس والآثام “، وقال المناوي: “(كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم): استخبار فيه إنكار وتعجُّب، أي: أخبروني كيف يُطهِّر الله قومًا لا ينصرون العاجز الضَّعيف على الظَّالم القويِّ، مع تمكُّنهم من ذلك؟! أي: لا يطهِّرهم الله أبدًا، فما أعجب حالكم إن ظننتم أنَّكم مع تماديكم في ذلك يُطهِّركم!”.
سؤال : هذا في حال سكوت الأمة على القوي منها الظالم للضعيف، فكيف هو الحال إزاء سكوتها على استضعاف بعضها على يد الأعداء؟؟؟!!!!!
قال ابن تيمية: “نصر آحاد المسلمين واجب بقوله صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) وبقوله: (المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه)
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المسلمُ أخو المسلم، لا يَظْلِمُه ولا يُسْلِمُه، ومَن كان في حاجةِ أخيه كان اللهُ في حاجتِه، ومَن فرَّجَ عن مسلمٍ كربةً فرَّجَ اللهُ عنه كربةً مِن كُرُبَاتِ يومِ القيامة، ومَن ستَرَ مسلمًا ستَرَه اللهُ يومَ القيامة» رواه البخاري.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ نصرَ أخاهُ بالغيب نصره اللهُ في الدنيا والآخرة» [رواه الطبراني] .
“قال الشوكاني: “يجب نصر المظلوم، ودفع مَنْ أراد إذلاله بوجه من الوجوه، وهذا مما لا أعلم فيه خلافاً، وهو مندرج تحت أدلة النهي عن المنكر”.. وهذه النُصْرَة للمظلوم يُشْتَرط لوجوبها ما يُشْتَرط لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مِنَ القدرة والاستطاعة، وأمْن الضرر..
قال النَّووي: “وأمَّا نَصْر المظْلوم، فمِن فروض الكِفاية، وهو من جُمْلة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وإنَّما يتوجَّه الأمر به لمن قَدِر عليه، ولم يخَفْ ضررًا”.
قال ابن حجر: “هو فرض كِفَاية، وهو عامٌّ في المظْلومين، وكذلك في النَّاصرين، بناء على أنَّ فرض الكِفَاية مُخَاطب به الجميع، وهو الرَّاجح، ويتعيَّن ـ أحيانًا – على مَنْ له القُدْرة عليه وحده، إذا لم يترتَّب على إنكاره مَفْسدةٌ أشدُّ من مفسدة المنكَر، فلو علم أو غَلَب على ظنِّه أنَّه لا يفيد، سَقَط الوجوب”.
قال ابن بطَّال: “وأمَّا نَصْر المظْلوم، ففرضٌ على مَنْ يقدر عليه، ويُطَاع أمره”، وقال: “نَصْر المظْلوم فرض واجب على المؤمنين على الكِفَاية، فمن قام به، سقط عن الباقين“..
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
Source link