هل عيد الميلاد يجيزه الإسلام؟
لا ريب أن الله سبحانه وتعالى شرع للمسلمين عيدين يجتمعون فيهما للذكر والصلاة، وهما: عيد الفطر والأضحى بدلا من أعياد الجاهلية، وشرع أعيادا تشتمل على أنواع من الذكر والعبادة كيوم الجمعة ويوم عرفة وأيام التشريق، ولم يشرع لنا سبحانه وتعالى عيدا للميلاد لا ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، بل قد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين ومن التشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم، فالواجب على أهل الإسلام ترك ذلك والحذر منه، وإنكاره على من فعله وعدم نشر أو بث ما يشجع على ذلك أو يوهم إباحته في الإذاعة أو الصحافة أو التلفاز لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” [متفق عليه]، وقوله صلى الله عليه وسلم: “من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد” [أخرجه مسلم في صحيحه وعلقه البخاري جازما به]، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في خطبة الجمعة: “أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة” والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وفي مسند أحمد بإسناد جيد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من تشبه بقوم فهو منهم“، وفي الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة وفي لفظ شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن“، وفي هذا المعنى أحاديث أخرى كلها تدل على وجوب الحذر من مشابهة أعداء الله في أعيادهم وغيرها، وأشرف الخلق وأفضلهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده في حياته، ولم يحتفل به أصحابه بعده رضي الله عنهم ولا التابعون لهم بإحسان في القرون الثلاثة المفضلة، ولو كان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم أو مولد غيره خيرا لسبقنا إليه أولئك الأخيار، ولعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته وحثهم عليه أو فعله بنفسه، فلما لم يقع شيء من ذلك علمنا أن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين التي يجب تركها والحذر منها امتثالا لأمر الله سبحانه وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذكر بعض أهل العلم أن أول من أحدث الاحتفال بالموالد هم الشيعة الفاطميون في المائة الرابعة، ثم تبعهم بعض المنتسبين إلى السنة في هذه البدعة جهلا وتقليدا لهم ولليهود والنصارى، ثم انتشرت هذه البدعة في الناس، والواجب على علماء المسلمين بيان حكم الله في هذه البدع وإنكارها والتحذير منها، لما يترتب على وجودها من الفساد الكبير وانتشار البدع واختفاء السنن، ولما في ذلك من التشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم من أصناف الكفرة الذين يعتادون مثل هذه الاحتفالات، وقد كتب أهل العلم في ذلك قديما وحديثا، وبينوا حكم الله في هذه البدع فجزاهم الله خيرا، وجعلنا من أتباعهم بإحسان.
وهذه الكلمة الموجزة أردنا بها التنبيه للقراء على هذه البدعة ليكونوا على بينة، وقد كتبت في ذلك كتابة مطولة نشرت في الصحف المحلية وغيرها غير مرة، ولا ريب أن الواجب على المسئولين في حكومتنا وفي وزارة الإعلام بوجه أخص وعلى جميع المسئولين في الدول الإسلامية منع نشر هذه البدع والدعوة إليها أو نشر ما يوهم الناس إباحتها أداء لواجب النصح لله ولعباده، وقياما بما أوجب الله من إنكار المنكر، ومساهمة في إصلاح أوضاع المسلمين وتطهيرها مما يخالف الشرع المطهر، والله المسئول بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يوفقهم للتمسك بكتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، والحذر من كل ما يخالفهما، وأن يصلح قادتهم ويوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباده ومحاربة ما خالفها إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة – مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الرابع.
Source link