التحذير من إلحاق الضرر بالمسلمين

ديننا دينٌ شامل كامل لجميع نواحي الحياة، دين عبادة ومعاملة، دين ودولة، مصحف وسيف، دينٌ جعل المسلم الحق هو الذي سلم المسلمون من لسانه ويده.

ديننا دينٌ شامل كامل لجميع نواحي الحياة، دين عبادة ومعاملة، دين ودولة، مصحف وسيف، دينٌ جعل المسلم الحق هو الذي سلم المسلمون من لسانه ويده.

أيها المسلمون: سؤالٌ يطرح نفسه: مسلم حريصٌ على الطاعات، ويؤدي العبادات، ويكثر من الحسنات لكن جيرانه منه يشكون، والمسلمون منه يتأذون، وتعليقاته في وسائل التواصل والمجالس تنهش أعراض المؤمنين؛ فهل حسنات عباداته تكفر سيئات معاملاته.؟ لا وألف لا، مثله كمثل ذاك الذي يغش المسلمين ويظلمهم وقيل له اتق الله في عباد الله فقال اغسل هذه الذنوب في قيام الليل، فقال له أحد الصالحين: مثلك كمثل من أراد أن يغسل يديه في النهر لكنه أنزل رجليه، فلو ظل في النهر إلى يوم القيام، ولا تقبل الشعائر في الإسلام إلا بصلاح المشاعر، فقد سأل الصحابةُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- -ذاتَ يومٍ فقالوا: يا رسولَ اللهِ، فلانةُ تصومُ النهارَ وتقومُ الليلَ وتؤذي جيرانَها، قال: «هي في النار»، ثم قالوا: يا رسولَ الله، فلانةُ تصلي المكتوباتِ وتصدَّقُ بالأثوارِ من الإقطِ ولا تؤذي جيرانَها، قال: «هي في الجنة» [مسند أحمد (2/ 440)، صحيح ابن حبان (5764)، وهو في السلسلة الصحيحة (190)].

 

عباد الله: لقد تساهل كثيرٌ من الناس في الإضرار بالمسلمين وإيذائهم وسفك دمائهم وهتك أعراضهم، والله حذَّرَ من إيذاءِ المؤمنين فقال سبحانه:  {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58].

سنقف وإياكم في هذه الدقائق الغالية مع زهرة نقطفها من بستان النبوة وهو حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي رواه الترمذي وابن ماجه وحسّنه الألباني عن أبي صرمة-رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من ضار ضار الله به ومن شاق شاق الله عليه»، هذا الحديث دل على أصلين من أصول الشريعة:

أحدهما: أن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر، فكما أن من عمل ما يحبه الله أحبه الله، ومن عمل ما يبغضه أبغضه الله، ومن يسّر على مسلم يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن فرّج عن مؤمن كُربة من كُرب الدنيا فرّج الله عنه كُربة من كُرَب يوم القيامة، والله في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة أخيه، كذلك من ضار مسلما ضره الله، ومن مكر به مكر الله به، ومن شق عليه شق الله عليه، وهكذا فعلاقة الخالق بالمخلوق على قدر علاقة المخلوق بالخلق فمن رحمهم رحمه الله، ومن سترهم ستره الله، ومن شق عليهم شق الله عليه، ومن ضرهم ضره الله.

 

الأصل الثاني: منع الضرر والمضارة، وأنه «لا ضرر ولا ضرار» وهذا يشمل أنواع الضرر كله.

 

وقد ورد في القرآن الكريم النهي عن المضارة في مواضع: منها أولاً المضارة في الوصية، قال تعالى:  {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: 12].

وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعا: «إن العبد ليعمل بطاعة الله ستين سنة، ثم يحضره الموت فيُضارّ في الوصية فيدخل النار» ثم تلا: تلك حدود الله إلى قوله:  {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: 14]. وخرجه الترمذي وغيره بمعناه.

 

والإضرار في الوصية على نوعين:

النوع الأول: أن يوصي لبعض الورثة بزيادة على فرضه الذي فرضه الله له فيتضرر بقية الورثة، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث»[ سنن أبي داود 3/ 290 رقم ( 2870 ) سنن ابن ماجة 2/ 905 رقم ( 2713 )، جامع الترمذي – تحفة 6/ 309 وقال: حديث حسن صحيح].

 

النوع الثاني: أن يوصي بزيادة على الثلث لغير وارث، فينقص حقوق الورثة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- إنما رخص بالوصية بالثلث فأقل، فقال: «الثلث، والثلث كثير».

 

ومن المضارّة المنهي عنها في القرآن: ثانياً المضارّة في العشرة الزوجية، كالمضارة بمراجعة الزوجة المطلقة إذا طلقها ثم راجعها من غير أن يكون له رغبة فيها، وإنما قصده حبسها حتى تصبح لا هي ذات زوج ولا مطلقة.

 

وكان الرجل يطلق المرأة فإذا قاربت نهاية العدة راجعها إضرارا لئلا تذهب إلى غيره، ثم يطلقها، قال تعالى:  {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [البقرة: 231].

 

ومن أنواع المضارة في العشرة الزوجية المضارة بالإيلاء وما أدراكم ما الإيلاء؟ وهو بأن يحلف على ترك وطء زوجته، وقد أمر الله أن يضرب له مدة أربعة أشهر، فإن رجع في أثنائها وكفر عن يمينه ووطئ زوجته كان ذلك توبته، وإن استمر على يمينه ولم يطأ زوجته حتى مضت أربعة الأشهر ألزمه الحاكم إما بالرجوع إلى وطء زوجته والتكفير عن يمينه، وإما بالطلاق، وذلك لإزالة الضرر عن الزوجة، قال تعالى:  {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 226-227].

 

ومن المضارّة في العشرة الزوجية أن يطيل الزوج السفر من غير عذر، وتطلب امرأته قدومه فيأبى، وحكمه أن يُمهل ستة أشهر، فإن أبى القدوم بعد مضيها فإن الحاكم يُفرّق بينه وبين زوجته إذا طلبت ذلك دفعاً للضرر عنها.، ومن المضارة في العشرة الزوجية لمن له أكثر من زوجة أن يميل إلى إحدى زوجتيه مَيلا يضر بالأخرى، ويجعلها كالمعلقة.

 

ومن أنواع المضارة الممنوعة في القرآن ثالثاً المضارة في تربية الأولاد كالمضارة في الرضاع وحرمان الطفل من حقه في الرضاعة.

 

قال تعالى:  {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} [البقرة: 233].

 

ومن الإضرار بالوالدة أن يُنزع ولدها منها من أجل الإضرار بها، وإضرار المولود له (وهو الأب) بولده أن تأبى أمه أن ترضعه، ليتكلف الأب طلب ما يقوم مقام الرضاعة من حليب وغيره.

 

ومن أنواع الضرر المنهي عنه في القرآن: المضارة في المعاملات، كمضارة الكُتّاب والشهود الذين يكتبون الوثائق ويثبتون الحقوق بكتاباتهم وشهاداتهم، قال تعالى:  {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ}  [البقرة: 282].

 

فيكتب الكاتب غير ما يُملى عليه، أو يسلب الناس أموالهم، ويشهد الشاهد بخلاف ما رأى أو سمع، أو يكتم الشهادة بالكلية عند الحاجة إليها.  {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [البقرة: 283].

 

ومن المضارة في المعاملات المضارة بالمدين المعسر الذي أمر الله بإنظاره إلى ميسرة أو إعفائه من الدين، قال تعالى:  {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 280]. فلا تجوز مطالبته ولا حبسه ما دام مُعسرا. كما لا يجوز أن يضار المدين الواجد بالدائن فيما طلبه من قضاء حقه مع القدرة على السداد. وفي الحديث:  «مطل الغني ظلم»  فلم المماطلة؟

 

عبـــــاد الله: ومن المضارة المنهي عنها في المعاملات بيع المضطر، وذلك بأن يضطر الفقير إلى شراء سلعة، فلا يجد من يبيع عليه إلا بغبنٍ فاحش، أو يضطر إلى بيع سلعة فلا يجد من يشتريها منه إلا برخصٍ كثير.

 

وقد سُئل الإمامأحمد عن بيع المضطر ما معناه؟ قال: يجيئك وهو محتاج، فتبيعه ما يساوي عشرة بعشرين.

 

عباد الله: إنه لا مانع من البيع المؤجل بثمن أكثر من الثمن الحاضر للمحتاج وغير المحتاج، ولكن لا ينبغي أن يكون الزيادة كثيرة مجحفة، لا سيما إذا كان المشتري مضطرا إلى الشراء، فلا ينبغي أن تستغل ضرورته، ويحمل الزيادات الباهظة، لأن هذا إضرار يتنافى مع الرحمة والفضل بين المسلمين.

 

ومن الإضرار عباد الله إضرار الجار بجاره، مثل أن يغرس في مُلكه شجراً تتمدد أغصانه وفروعه على أملاك جيرانه، أو يحفر بئرا تجذب الماء عنهم، أو ينشئ مصنعاً في ملكه يتضرر منه جيرانه بالدخان أو الغبار أو الأصوات أو الروائح، أو يفتح في جداره نوافذ تطل على جيرانه أو يعلي البناء عليهم فيمنع عنهم الهواء، والشمس إلى غير ذلك فإن هذا الضرر ممنوع تجب عليه إزالته.

 

وكذلك من أعظم المضارة بالجيران أن يؤجر بيته لأناس لا يُصلّون ولا يخافون الله، فإن هؤلاء يضرون المسلمين ويضايقونهم وقد يؤثرون على أولادهم ومن خالطهم، وكذلكم يحرم تأجير الدكاكين والمحلات لبيع المواد المحرمة أو نشرها أو تسويقها.

 

ومن الإضرار في المعاملات: التدليس والغش في المعاملات وكتم العيوب فيها، وبيع المسلم على بيع أخيه، والشراء على شرائه. والخطبة على خطبة أخيه، كل هذا من المضارة المنهي عنها.

 

وكل معاملة من هذا النوع، فإن الله لا يبارك فيها، لأنه من ضار مسلما ضاره الله، ومن ضاره الله، ترحل عنه الخير، وتوجه إليه الشر وذلك بما كسبت يداه.

 

وأشد من ذلك: الوقيعة في الناس عند الولاة والأمراء، رفع التقارير والشغل المخابراتي؛ ليعاقبوهم أو يأخذوا أموالهم أو يمنعونهم حقوقهم، فإن من عمل هذا العمل فإنه باغ، فليتوقع العقوبة العاجلة والآجلة.

 

هذا وغيره داخل في قوله تعالى:  {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب: 58]. ونهى عن ترويع المسلم، ولو على وجه المزح.

 

عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أنهم كانوا يسيرون مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فنام رجلٌ منهم، فانطلق بعضهم إلى حبل معه، فأخذه، ففزع، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً» (رواه أبو داد في ك الأدب ب من يأخذ الشيء على المزاح 7 /352 رقم 5004، وأحمد 38 /163 رقم 23064، والبيهقي في السنن الكبرى ك الشهادات ب المزاح لا ترد به الشهادة… 10 /420 رقم 21177]) .

 

حتى الإشارة بحديدة محرمة، عن أبي هريرة، قال: قال أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-: «من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه، حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه» (رواه مسلم في ك البر والصلة ب النهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم 4 /2020 رقم 2616).

 

ومن الضرر اصابة المسلم لأخيه المسلم بالعين بسبب الحسد، وعدم التبريك، وذكر الله عند رؤية ما عنده من نعم وهبه الله إياها، قال -صلى الله عليه وسلم-:  «علام يقتل أحدكم أخاه إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبرك، فإن العين حق»  (رواه احمد والحاكم وصححه الألباني).

 

ومن الإضرار الممنوع: مضارّة الناس في طرقاتهم بوضع الأذى فيها، أو وضع ما يمنع المرور أو يسبب الحوادث، أو مخالفة أنظمة السير بما يعرض الناس للخطر، كل هذا ضرر محرم.

 

ومِن أنواع الضّرر، أيّها المسلم، أن يكونَ الإنسان مُروِّجًا لسِلَع تضرّ بالناس في دينهم ودنياهم، فمروِّجو المخدّرات والمسكرات والساعون في بثّها في المجتمع المسلمِ هؤلاء قد ألحقوا ضررًا بالأمّة، وسعَوا في إفسادها وتدمير كيانِها والقضاء في قيَمها وأخلاقها، أعاذنا الله وإياكم من ذلك.

 

واعلم، أيّها المسلم، أنّ أولادك مِن بنينَ وبنات أمانة في عُنقِك، فإيّاك وإلحاقَ الضّرر بهم.

 

إنّ مِن إلحاق الضّرر بالفتاة أن تمنَعها من كفءٍ أراد الزواجَ بها وتعلم أهليّتَه لذلك، فتمنع زواجَ الفتاة لمصلحةٍ ترجوها منها، مرتّبٌ تقبِضه كلَّ شهر، أو خدمتها أو غير ذلك، ومِن الضّرر أيضًا أن لا تزوّجَها إلاّ أن تعاوَض عن زواجها بزواجٍ لك أو لأحدِ أبنائك، فترتكبُ نكاحَ الشّغار والبدل الذي نهى عنه محمد -صلى الله عليه وسلم-.

 

ومِن الضّرر بالأولادِ تفضيل بعضهم على بعض حتى تكون الشّحناء والعداوة بينهم.

 

ومِن أعظم الضّرر بالأولاد من بنينَ وبنات إهمالُ تربيتهم وإهمال توجيهِهم وعدمُ النظر في ذلك.

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم، كما تحبون أن يبروكم [رواه البخاري].

 

ومِن أنواع الضّرر التستُّر على المجرمين والآثمين وأربابِ الفساد والساعين في الأرض فسادًا، فمن تستّر عليهم أو آواهم أو أقامَ العُذرَ لهم فإنّه ملحِقٌ الضّررَ بنفسه وأمّته؛ لأنّ المؤمنَ يسعى في الخير جاهدًا وفي كفِّ الشرّ والأذى ما استطاعَ لذلك سبيلاً.

_____________________________________________
الكاتب: د. أمير بن محمد المدري


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

من درر العلامة ابن القيم عن الصدقة – فهد بن عبد العزيز الشويرخ

فالصدقة من المواضيع التي تكلم عليها العلامة ابن القيم, رحمه الله في عدد من كتبه, …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *