تنويع العبادة – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة

“المؤمن العاقل يُدرك أن ساعات هذا الشهر ولحظاته لا يُمكن أن تُعوَّض، وكلما نظَّم المؤمن وقته وعبادته أنتَج أكثرَ، ورمضان من أغلى الأوقات ثمنًا”

إضاءة قنديل: “الزمن يتسارع، والأذهان شاردة، والمادة طاغية، والروحانية للعبادة تتلاشى إلا ما شاء الله، كثيرٌ منا ملأ الأسواق ضجيجًا استعدادًا لأيام وليالي الشهر، وللعيد السعيد، حسنًا! وهل ملأتَ النفسَ اشتياقًا للساعات الرمضانية كما يخطِّط المحبُّ للقاء حبيبه..”.

 

في البرنامج اليومي لشهر رمضان (1) تنويع العبادة.

الحمد لله الكريم الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ومَن تبِعه بإحسان إلى يوم نلقاه.

 

أيها الإخوة، المؤمن العاقل يُدرك أن ساعات هذا الشهر ولحظاته لا يُمكن أن تُعوَّض، وكلما نظَّم المؤمن وقته وعبادته أنتَج أكثرَ، ورمضان من أغلى الأوقات ثمنًا، نوِّع بين العبادات فلا يدري المؤمن بأيِّهما يَرفَع الله درجاته ويُعلي منزلته، ذات مرة لَما صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح التفتَ على أصحابه، فقال: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا؟»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ»؛ (أخرجه مسلم) [1].

 

وعند الطبراني في الكبير: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى اسْتَعْلَى بِهِ الضَّحِكُ، ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا جَمَعَهُنَّ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ إِلا مُؤْمِنٌ، وَإِلا دَخَلَ بِهِنَّ الْجَنَّةَ»[2].

 

فلننظر أيها الأخوة كيف وفَّق الله أبا بكر رضي الله عنه للجمع بين عدَّة عباداتٍ في زمن قصير جدًّا، فهكذا يكون المؤمن في ساعات ليله ونهاره خاصةً في هذا الشهر المبارك، فإن الحسنة تَعظُم في مثل هذه الأوقات وتتضاعف، قال السيوطي الحنبلي رحمه الله: “وتضاعُف الحسنة والسيئة بمكان فاضل كمكة والمدينة وبيت المقدس وفي المساجد، وبزمان فاضلٍ كيوم الجمعة، والأشهر الحُرم ورمضان، أما مضاعفة الحسنة، فهذا مما لا خلاف فيه، وأما مضاعفة السيئة، فقال بها جماعة تبعًا لابن عباس وابن مسعود … وقال بعضُ المحققين: قول ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم في تضعيف السيئات، إنما أرادوا مضاعفتها في الكيفية دون الكمية”[3]؛ ا هـ.

 

فلنَحرِص على مضاعفة الحسنات وترك السيئات، خاصةً في مثل هذه الأوقات الفاضلات، فرُبَّما لا تعود إلينا مرة أخرى.

 

اللهم استعمِلنا في طاعتك، واجعَلنا من خاصة أوليائك، واغفِر لنا ولوالدينا والمسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

 


[1] أخرجه مسلم (1028).

[2] المعجم الكبير للطبراني (7826)، قال الهيثمي: “وفيه عبيدالله بن زحر وفيه كلام وقد وثِّق”؛ مجمع الزوائد (ص136).

[3] مطالب أولي النهى (2 /385).

______________________________________________________
الكاتب: د. صغير بن محمد الصغير


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

سماع القرآن – منال محمد أبو العزائم

استمِع للقرآن أثناء أعمالك اليومية، فإن ذلك يُرقِّق قلبك، ويُلبِسُك ثوبَ الأدب الربَّاني، ويَزيدُك خشوعًا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *