منذ حوالي ساعة
اعلموا أن الصلاة خير أعمالكم البدنية، وأنها رفعة لكم، وسعادة في الدنيا والآخرة، فمن حافظ عليها، فما أسرع أن يحافظ على غيرها من دينه! ومن ضيَّعها فهو لما سواها أضيع.
عباد الله، اعلموا أن الصلاة خير أعمالكم البدنية، وأنها رفعة لكم، وسعادة في الدنيا والآخرة، فمن حافظ عليها، فما أسرع أن يحافظ على غيرها من دينه! ومن ضيَّعها فهو لما سواها أضيع.
وإن أول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله تبارك وتعالى الصلاة، فإن صلحت أفلح ونجح، وإلَّا خاب وخسر، ففي (سنن الترمذي) و(النسائي) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئًا، قال الرب تبارك وتعالى: انظروا هل لعبدي من تطوُّع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك».
وأورث المحافظين عليها الفردوس الأعلى، ووعد النبي -صلى الله عليه وسلم- من حافظ عليها بالجنة عهدًا من رب العالمين، فعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة»؛ (رواه أحمد والنسائي وصحَّحه ابن حبان والألباني).
ومن هذه الفرائض العظيمة التي تهاون بها كثير من الناس: صلاة الفجر.
أيها المسلم، إن من أعظم الأسباب التي تحملك على صلاة الفجر معرفة فضائلها، فقد أقسم الله بها في السورة التي سميت باسمها، فقال: {وَالْفَجْرِ} [الفجر: 1].
وجعل الله الملائكة تشهدها، قال الله تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78].
والمراد بقرآن الفجر: صلاة الفجر، تشهدها الملائكة.
إن صلاة الفجر تعدل مع صلاة العشاء قيام ليلة، فعن عثمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ صلَّى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومَنْ صَلَّى الصبح في جماعة فكأنما صَلَّى الليل كله»؛ (رواه مسلم).
إن المحافظة على صلاة الفجر سبب للنور لك يوم القيامة، فعن بريدة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بشِّر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»؛ (رواه أبو داود وصححه الألباني).
ومَنْ صَلَّى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله وحفظه، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من صَلَّى الصبح فهو في ذمَّة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه فيكبّه في نار جهنم»؛ (رواه مسلم).
من صلى الفجر في جماعة شهدت له الملائكة عند الله بأنه صلى الفجر مع الجماعة؛ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم -وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون»؛ (متفق عليه).
أيها المسلم، إن المحافظة على صلاة الفجر من أسباب النظر إلى وجه الرب -تبارك وتعالى- في الجنة، فإياك أن تحرم ذلك، فعن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه-قال: كنا جلوسًا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألَّا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا» ثم قرأ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130]؛ (متفق عليه).
والنور يوم القيامة على قدر السير في الظلمة، فمن كثر سيره في ظلام الليل إلى الصلاة عظم نوره وعمَّ ضياؤه يوم القيامة، فيعطون نورهم على قدر أعمالهم، قال صلى الله عليه وسلم: «فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه، حتى يكون آخر ذلك من يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرةً ويطفئ مرةً، فإذا أضاء قدمه، وإذا طفئ قام»؛ (صححه الحاكم والألباني).
قال تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الحديد: 12].
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: المشي إلى المساجد، والرجوع منها، في الليالي المظلمة، ثوابه النور من الله عز وجل… فإنه أفضل ما مشى إليه المسلمون في الدنيا.
ومن صلى الفجر في جماعة ضمن له النبي -صلى الله عليه وسلم- الجنة والنجاة من النار؛ فعن أبي موسى -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دخل الجنة»؛ (متفق عليه). والبَرْدان هما الفجر والعصر.
وعن عمارة بن رؤيبة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لن يلج النار أحد صَلَّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها»، يعنى الفجر والعصر؛ (رواه مسلم).
عباد الله، إنَّ ركعتَي الفجر- وهما سُنَّتُها التي تكون قبلها- خيرٌ من الدنيا وما فيها، فكيف بفرضها؟! عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها»، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: «لهما أحَبُّ إليَّ من الدنيا جميعًا»، وعن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهدًا منه على ركعتي الفجر.
وركعتا الفجر من النوافل التي تُقضى، فمن لم يتمكن من صلاتها قبل الصلاة، فليصلها بعد الصلاة، وحتى بعد ارتفاع الشمس في الضحى، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم.
إخوة الإيمان، إن التخلُّف عن صلاة الفجر أو غيرها من الصلوات من صفات النفاق؛ كما قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء: 142]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حَبْوًا»؛ (متفق على صحته).
فيجب علينا الحذر من التخلُّف عن الصلوات وخاصة صلاة الفجر، قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخَلَّف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه، أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه.
وصلوا رحمكم الله.
________________________________________________
الكاتب: رافع العنزي
Source link