هَمَسات .. في كلمات … (36) – سالم محمد

منذ حوالي ساعة

ولا زلنا -بحمده الله وفضله- مع قطار (هَمَسات .. في كلمات) في نسختها  الـ (36):………………..

 

 

دخلت أيام العشر من ذي الحجة وفضها معروف  فقد قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم: «ما مِن أيَّامٍ أَعظَمَ عِندَ اللهِ، ولا أَحَبَّ إلَيهِ مِنَ العملِ فيهِنَّ مِن هذِه الأَيَّامِ العَشرِ؛ فأَكثِرُوا فيهِنَّ مِنَ التَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحميدِ» [1] وبينما أنا أبحث عن فديو حول تكبير العيد لأنشره في حالة الواسآب وكذلك الاستمتاع بسماع تكبير الله وحمده إذا بين نتائج البحث عن تكبير العيد فيديوهات عن تكبير الثدي والله المستعان، وهذه الظاهرة -للأسف-تشمل الكثير من كلمات البحث فأنت تبحث عن فائدة تأتيك شبهة قاتلة، تبحث عن معلومة تأتيك الشهوات في أقذر صورها، تبحث عن دورة في  مجال من المجالات تأتيك إعلانات لدورات تشككك في سنة نبيك وتسرق آخرتك، وهذا ربما يكون سبب لانحراف الكثير من البنات والشباب وانزلاقهم في مستنقعات الشهوات ودهاليز الشبهات، مع ما هم عليه من ضعف إيماني وعلمي، فهل لهذه المشكلة من حل!؟ لو كانت الغلبة لأهل الاسلام لما سمحوا لهذه السموم بالتسلل إلى القلوب الضعيفة، لكن لا نيأس ونحاول أن تبتكر حلولا ولو جزئية لمكافحة هذا الشر، والمحاولة قدر الإمكان توجيه الصغار والشباب والبنات والإشراف على ما يتابعونه، أما أهم حصن للتصدي لهذا السيل الهادر هو تحصينهم علميًا بعلم الكتاب والسنة، وإيمانيًا بزرع مراقبة الله في نفوسهم وقلوبهم.

.********

الأخلاق الفاضلة تجعل المسلم محبوبًا عند الله وكذلك بين عبادِ الله، ومنزلتها في الإسلام عظيمة حتى قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: «(إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ)» ولا يخفى على شريف علمكم أن أحسن الناس خَلْقًا وخُلُقًا هو صفوة البشر صلى الله عليه وسلم كيف لا وقد وصفه الله بقوله:(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ولتأمل قليلًا وننظر ما هو أهم أمر بُعث النبي صلى الله عليه وسلم لأجله؟ الجواب: الدعوة إلى إفراد الله تعالى بالعبادة ومحاربة الشرك صغيره وكبيره، وهذا هو حق الله تعالى على العباد، فأعظم وأهم وأعلى الأخلاق هو أداء حق الرب جلا وعلا، وهذا المعنى يغيب عن أذهان الكثير، فيحجِّرون معنى الأخلاق في التعامل الحسن مع الخلق، وينسون أو يتناسون أن من لم يؤد حق الخالق فإن احسانه للخلق يذهب هباءً منثورًا، ولذلك فالكفار أسوأ الناس خُلُقًا وقد وصفهم الله بقوله:  {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} وبقوله: {(أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ)} فتبًا لمن يصف الكفار بأن أخلاقهم عالية وأسوأ منه من يفضلهم على مسلم يشهد أن لا إله إلا الله.

********

أغلبنا أو كلنا سمع عن عظمة القرآن وأصافه الكثيرة المبثوثة بين دفتي المصحف مثلًا أنه (يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) وأنه (شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ) وكذلك قال الله عنه: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ) وغيرها من الأوصاف العظيمة، ولكن كثيرًا ما نسمع أو نتلوا كتاب ربنا ولا يؤثر في قلوبنا ولا يظهر كما ينبغي على جوارحنا، فكيف نتأثر بالقرآن ظاهرًا وباطنًا؟ لذلك أسباب كثيرة منها: أخلص نيتك، ولتكن غايتك من التلاوة: رضا الله عز وجل، أيضًا طهّر قلبك من الأمراض لا سيما الشهوات واتباع الهوى، كذلك استحضر أن الله يُكلّمك فاستمع وأنصت وقُلْ بقلبك وجوارحك قبل لسانك: (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا)، ولا تنس الربط بين الآيات وحياتك الواقعية فكتاب الله ( تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) وقبل ذلك عليك معرفة معاني ما تقرأ ويمكنك الاستعانة بكتاب: المختصر في تفسير القرآن الكريم، وهو تفسير شهير ومنتشر، كما عليك أن تتبرأ من حولك وقوتك وتلجأ إلى ربك متضرعًا أن يفتح الله قلبك لكلامه ويدخلك جنة التدبر التي هي المقصود من إنزال القرآن:  { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (ص: 29 )

********

إذا ذُكِرت الصدقة تتجه أذهان الكثير إلى الجيوب والأرصدة وما فيها من مال، أي أنهم يضيِّقون مفهوم الصدقة بالنوع المالي، والجُود بالمال من أفضل أنواع الصدقة إلا أن للصدقة أنواعًا كثيرة غير بذل الدراهم والدنانير، والإشارة هنا ستكون لنوع قلَّ أن يحسبه الناس من الصدقة، حيث لا مال يُنفَق، ولا جهد يُبذَل، ولا حتى لسانًا يتحرك، فقط «(تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ)»   نعم هكذا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم أردف بقوله: (فإنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بهَا علَى نَفْسِكَ)  فسبحان الله! ما أعظم الإسلام! إنك عندما (تَدَعُ النَّاسَ مِنَ الشَّرِّ فإنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بهَا علَى نَفْسِكَ) ما نَقَصَ مالك، وما أتعبتَ نفسك وما تفوهت بكلمة، فما أيسر هذه الصدقة على من يسرها الله عليه فهي مما لا يَعجِزُ عنه أحَدٌ، حتى لو كان لا يجد قوت يومه، كما أن انتشار هذه الصدقة بين الأسر وفي المجتمعات يجعلها تعيش في بحبوحة من الأمان والتراحم، والثواب من الكريم سبحانه.

.********

الجهاد في سبيل الله مفهومه واسع ولا يقتصر على القتال المسلح، بل إن هناك جهادًا لا قتال فيه وإن كان له أسلحة، وسلاحه الحجة والبرهان وجبهاته رد الشبهات وبيان الحق وإبطال الباطل وإفحام المبطلين المشككين في شريعة رب العالمين، وكما أن الجهاد الميداني له جبهات مختلفة وأسلحة متنوعة ويواجه أعداء متباينون وكذلك المقاتلين تخصصاتهم شتى: فهناك الطيارون والمشاة وجنود البحرية وبعضهم دعم وإسناد وهناك أطباء وجيش إعلامي بل وجيش إلكتروني، كذلك الجهاد بالبيان يحتاج إلى تخصصات، فالناس بحاجة إلى من يبين لهم الحق ويدعوهم إليه، ومن يرد عنهم الشبهات وإلباس الحص بالباطل، وباب الشبهات أيضًا واسع: فمن شبهات في وجود الله إلى الطعن في الأنبياء والقرآن والصحابة وفهم السلف واخطر هذه الأنواع هو تشكيك المسلم في سنة نبيه وإسقاط فهم السلف الصالح للقرآن والسنة وكذللك المنازعة في الإجماع، وذلك أن الهجوم المباشر على الإسلام يستنكره عوام المسلمين فضلًا عن متعلميهم، أما من يشكك في فهم السلف فيظهر نفسه بمظهر الحريص على الإسلام بل وعلى التجديد فيه ويدس السم في العسل ويخلط الحق بالباطل وربما خدع الكثير من المسلمين ضعاف العلم والإيمان، فلذا علينا أن نجهز جيش من طلبه العلم المفرَّغ ونوقف لهم الأوقاف ونمدهم بكل ما يلزم للجهاد بالبرهان وذلك ليخوضوا ميادين الجهاد بكلمة العدل والحق فـ(أفضلُ الجهادِ كلمةُ عدلٍ عند سُلطانٍ جائرٍ) والله تعالى قال:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).

. وصلى الله على البشير النذير والسراج المنير وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان.

[email protected]

 


[1] أخرجه أحمد (5446) وصححه شعيب الأرناؤوط


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

خطبة عيد الأضحى المبارك (لزوم الإيمان في الشدائد) – إبراهيم بن محمد الحقيل

البشرية -في زمننا هذا- قد بلغت الغاية في الظلم والبغي والتعدي؛ وذلك بالتعدي على مقام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *