إذا انسحبت القوات الأمنية السورية وسلمت السويداء للدروز وعاد الوضع كالسابق فستكون هزيمة كبرى للحكومة السورية، يليها المزيد من الانكسارات في مناطق أخرى وقد تنتهي بفقدان أحمد الشرع للشعبية التي يتمتع بها وسقوط الحكومة.
وإن بقيت القوات الأمنية وسيطرت على الوضع في المحافظة وواصلت القضاء على التشكيلات المسلحة التابعة لحكمت الهجري، سيكون انتصارا كبيرا يمتد أثره على باقي جبهات الأقليات المتمردة، وتزيد شعبية الحكومة والتفاف الشعب حولها.
حتى الآن يبدو أن قرار حكومة الشرع هو الاستمرار في فرض السيطرة الأمنية، وسحب المعدات الثقيلة وقوات الجيش مع الإبقاء على قوات الأمن العام ووزارة الداخلية لاستكمال المهمة، مع توسيع الانشقاق داخل الكيان الدرزي والتعاون مع مشايخ الدروز الوطنيين المؤيدين للانضمام للدولة السورية وعزل الزعيم المتمرد الداعي للقتال.
التحدي الذي يواجه الحكم السوري الآن هو التدخل الإسرائيلي الذي يستغل الدروز لتحقيق المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية المعلنة، وهي منع الجيش السوري من الانتشار في جنوب سوريا، مع سيطرة سلاح الجو الإسرائيلي على السماء السورية وضرب أي هدف في أي وقت، حتى لو كان قصر الرئيس ومراكز الحكم والسلطة، والتوسع في احتلال الأراضي في الجنوب الغربي.
المعركة معقدة، وكل الخيارات صعبة ولها أبعاد كثيرة، وإن لم يستطع الشرع الرد على الاعتداءات الإسرائيلية سيكون هو الهدف القادم للاغتيال وإنهاء التجربة، ودخول سوريا في حروب طائفية تغذيها القوى الخارجية واقتتال داخلي ستكون الأقليات أكثر ضحاياه.
العنصر الأقوى في سوريا هو الشعب العربي السوري السني ( الأغلبية) الذي لن يتحمل تقديم التنازلات للأقليات، ولا يقبل استمرار العدوان الإسرائيلي المتكرر، وقد يدفع الشعب الثائر رئيسه أحمد الشرع لاتخاذ القرارات التي يحاول تأجيلها.
القادم في سوريا أشد ضراوة، فالشعب الذي انتصر على أكثر النظم إجراما واستبدادا وهزم جيوش دول كبرى لن يقبل أن يهان مرة أخرى، ولن يستسلم بسهولة لأي احتلال ولن يتسامح مع أي أدوات لقوى خارجية.
عامر عبد المنعم
Source link