منذ حوالي ساعة
القصد القصد تبلغ المراد فكم من متعجل لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى وإنما يؤخذ العلم بالترقي فيه ويبنى بعضه على بعض كما يبنى البناء الحسي.
بعض طلاب العلم يقضون وقتاً طويلاً في المطالعة دون أن ينتفعوا انتفاعاً يوازي الجهد الذي بذلوه لأنهم عمدوا إلى مختصرات المطولات وشروح المختصرات دون الأصول فصاروا كمن يفرغ دلواً بأوعية صغيرة ثم يعيدها فيه
ولأن لكل علم أصوله فعليكم بها وابنوا عليها الفروع ولا تبدأوا بفروع العلم فتفرق بكم عن أصوله
ابدأ بما لايسعك جهله من تعلم أصول الدين ومن حفظ ماتيسر من الكتاب والسنة ومن أحكام العبادات والمعاملات وغيرها فإذا عرفت مايجب عليك وتعلمت العمل به وعملت به وفقك الله لطريق علم مالم تعلم وفتح لك من أبواب العلم مالم يخطر لك ببال ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تعلموا عشر آيات لم يتجاوزوهن حتى يتعلموا مافيهن من العلم والعمل
وإياك والتشعب والتوسع قبل أن تجمع أصول الفن الذي تتعلمه فتتشتت وتهيم في أودية لا قبل لك بالخروج منها فضلاً على أن تنتفع بها
والقصد القصد تبلغ المراد فكم من متعجل لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى وإنما يؤخذ العلم بالترقي فيه ويبنى بعضه على بعض كما يبنى البناء الحسي ومن الخطأ الجسيم أن تبي البناء المحكم على قواعد وأسس من طين فقد يسقط لأي هزة مهما صغرت ويذوب بحفنة ماء وإن قلت
وعليكم بالمنهج فلكل عالم منهجه كما أن لكل نبي شريعته وإن كانوا يتفقون في الهدف إلا أن وسائلهم تتنوع وكلهم يغترفون من معين واحد غير أن أوعيتهم تختلف ولا تبحث عن الذي يتوافق مع إراداتك وحجم قدراتك وتوجهك ولكن ابحث عن من تثق بعلمه وتدينه وخذ منه العلم فهو من يصلح لك إراداتك ويوسع حجم قدراتك ويصحح لك منهجك
وإياك والحرص على الشوارد والنوادر والفرائد قبل أن تحوز العلم فهي كالملح في الطعام ولا قيمة لملح بلا طعام
ولا تسرع المخالفة لشيخك ولا تعجل بالانفصال عنه من قبل أن يقضي إليك درسه واطلب العلم للعمل لا لتكاثر به أو تماري به وقد قيل : هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل
وجاهد نفسك على مشقة طلب العلم في بداياتك لتتلذذ به بعد ذلك
وقد سأل مالكٌ الشافعي عندما جاءه ليطلب العلم
كيف رغبتك في العلم ؟
قال إني عندما أسمع الفائدة أود لو أن كل جسدي آذان لتستمتع بسماعها كما استمتعت بها أذني !
وعاشر من الناس من إذا جهلت علّمك وإن نسيت ذكّرك وإن ذكرت أعانك وإن أنكرت عرّفك وإن زلت قدمك أخذ بيدك وعاشرهم لخلقهم واستقامة دينهم لتنتفع بهم وتتخلق بخلقهم ولا تعاشرهم لوجاهتهم أو أموالهم طمعاً بما عندهم فهذه هي معترك أهل الشهوات وغاية مناهم وفي الحديث ( ماذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه ) وهؤلاء إن تأخرت عنهم احتقروك وإن تقدمت عليهم أبغضوك وحسدوك فمالك ولهم ؟
واعلم أنه لا نجاح ولا فلاح إلا بتوفيق الله وتسديده فألح عليه بالسؤال أن يفهمك ويعلمك ويجعل علمك وعملك له خالصاً والله يهديك إلى سواء السبيل .
_____________________________________________________
الكاتب: بقلم : خالد بن سطمي الشمري
Source link