من أقوال السلف في البخل والشح – فهد بن عبد العزيز الشويرخ

للسلف رحمهم الله أقوال في الشحِّ والبخل, يسّر الله فجمعت بعضًا منها, أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين…أما بعد: فالبخل والشحّ من الأخلاق الرذيلة, التي ينبغي للمسلم أن يجتنبها, وإن كان واقعًا فيها فعليه أن يجاهد نفسه في التخلص منها

للسلف رحمهم الله أقوال في الشحِّ والبخل, يسّر الله فجمعت بعضًا منها, أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

الفرق بين الشحِّ والبخل:

& قال العلامة العثيمين رحمه الله: الشح هو الطمع فيما عند الغير, فهو محاولة أخذ ما ليس لك, أما البخل فهو منع ما يجب عليه بذله, من علم أو مال أو عمل.

والشحيح هو المانع مع الحرص, والبخيل هو المانع بدون حرص.

القلب السليم الذي سلم من الشحَّ:

& قال العلامة ابن القيم رحمه الله: القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرياسة

من أخذ المال بغير حقه فإنه يبتلى بالشحِّ:

& قال العلامة العثيمين رحمه الله: القاعدة: كلُّ من أخذ المال بغير حقه فإنه يُبتلى بالشُّحِّ , كالذي يأكل ولا يشبع, لا ينفعه أكله.

وقال رحمه الله: الكسب الحرام، وإن زاد المال كمِّية به، فإنه ينقص كيفية، تنزع منه البركة، ويلقى في قلب صاحبه الشُّح، حتى لا ينتفع بماله والعياذ بالله.

من سلم من الشح فقد أفلح:

& قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: من سلم من الشح فقد أفلح وأنجح.

الشحّ يأمر بالبخل:

& قال العلامة ابن القيم رحمه الله: والشحيح حريص على ما ليس بيده, فإذا حصل بيده شحَّ عليه وبَخِلَ بإخراجه, فالبخل ثمرة الشُّحِّ, والشُّحُّ يأمر بالبخل, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( إياكم والشُّحَّ, فإن الشُّح أهلك من كان قبلكم, أمرهم بالبخل فبخلوا, وأمرهم بالقطيعة فقطعوا ))  فالبخيل: من أجاب داعي الشُّحِّ

الشحّ مفتاح البخل:

& قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الله سبحانه وتعالى جعل لكل خير وشر مفتاحاً وباباً يُدخل منه إليه, ….وجعل الشح والحرص: مفتاح البخل.

البخل من سوء الظن بالله:

& قال ابن عباس رضي الله عنهما: الجبن, والبخل, والحرص, غرائز سوء يجمعها كلها سوء الظن بالله.

البخل من تزين الشيطان:

& قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: الشيطان لا يدعو إلا إلى كل خصلة ذميمة, فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك, فإذا عصاه دعاه إلى الإسراف والتبذير.

& قال العلامة العثيمين رحمه الله: إن للشيطان تأثيرًا على بني آدم إقدامًا, أو إحجامًا….وأما الإحجام: فيأمره بالبخل, ويعده الفقر لو أنفق.

ذم البخل:

& قالت أم البنين أخت عمر بن عبدالعزيز: أف للبخيل, لو كان البخل قميصاً ما لبسته, ولو كان طريقاً ما سلكته.

 

ذم البخلاء:

& قال محمد بن المنكدر رحمه الله: كان يقال: إذا أراد الله بقوم شراً, أمر الله عليهم شرارهم, وجعل أرزاقهم بأيدي بخلائهم.

البخل يخرب لديار:

& قال العلامة السعدي رحمه الله: البخل يقصف الأعمال, ويخرب الديار

البخل من المهانة والدناءة وصغر النفس:

& قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الكذبُ والخسةُ والخيانةُ والرياءُ والمكرُ والخديعةُ والطمع والفزعُ والجُبنُ والبخلُ والعجزُ والكسلُ والذُّلُّ لغير الله, ونحو ذلك, فكلها من المهانة والدناءة وصغر النفس.

البخل داء يقدح في المروءة:

& قال ابن عبدالبر في ترجمة أبي الأسود الدُّولي: كان ذا عقل ودين ولسان وبيان وفهم وذكاء وحزم, إلا أنه كان ينسب إلى البخل, وهو داء دوي يقدح في المروءة

البخل الشح بالمال, والجبن الشح بالبدن, فهما قرينان:

& قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الجبنُ والبخلُ قرينان, لأنهما عدم النفع بالمال والبدن, وهما من أسباب الألم, لأن الجبان تفوته محبوبات ومفرحات وملذوذات عظيمة لا تُنال إلا بالبذل والشجاعة, والبخل يحول بينه وبينها أيضاً, فهذا الخُلُقان من أعظم أسباب الآلام.

& قال العلامة العثيمين رحمه الله: البخل: الشح بالمال, فلا يبذل الإنسان المال حيث كان يُحمد بذله, والجبن: الشح بالنفس, فلا يبذل نفسه حيث يطلب له بذل النفس, وسواء كان ذلك في قتال أو نصيحة أو ما أشبه ذلك.

 

لقاء البخلاء:

& قال بشر رحمه الله: لقاء البخلاء كرب على قلوب المؤمنين.

البخل في ذوي المال من القبائح:

&قال الحكم بن هشام العقيلي رحمه الله يقال خمسة قبيحة الفتوة في الشيخ والحرص في الزهاد, وقلة الحياء في ذوي الحسب, والبخل في ذوي المال, والحدة في السلطان.

عدم تزويج البخيل أو التعامل معه:

& قال بشر بن الحارث الحافي رحمه الله: لا تُزوج البخيل, ولا تعامله, ما أقبح القارئ أن يكون بخيلاً.

البخل ضد السخاء:

& قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: السخاء من جملة محاسن الأخلاق, بل هو من معظمها, والبخل ضده.

الرجل الصالح لا يكون بخيلًا:

& قال حبيش بن مبشر الثقفي: قعدتُ مع أحمد بن حنبل ويحيى بن معين, والناس متوافرون, فأجمعوا أنهم لا يعرفون رجلاً صالحاً بخيلاً.

العاقل إذا لم يعرف بالسماحة فلا يعرف بالبخل:

& قال الإمام ابن حبان رحمه الله: الواجب على العاقل إذا لم يُعرف بالسماحة ألَّا يُعرف بالبخل

التصبر لعلاج البخل:

& قال طلحة بن عبيدالله رضي الله عنهما: إنا لنجد بأموالنا ما يجد البخلاء, لكننا نتصبر

 

أداء الزكاة طهارة من داء البخل:

& قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم أن على مريد طريق الآخرة بزكاته وظائف: الوظيفة الأولى: التطهير من صفة البخل, فإنه من المهلكات, قال تعالى: ﴿ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [الحشر:9]

& قال العلامة العثيمين رحمه الله: الزكاة لها فضل عظيم بينه الله تعالى في قوله ﴿ خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا  [التوبة:103] فهاتان فائدتان عظيمتان : الطهارة والزكاة, الطهارة من الذنوب, ومن الأخلاق الرذيلة, كالبخل

علاج البخل:

& قال الإمام الغزالي رحمه الله: يعالج…بالنظر في موت الأقران, وطول تعبهم في جمع المال, وضياعه بعدهم.

وتعالج التفات القلب إلى الولد بأن خالقه خلق معه رزقه, وكم من ولد لم يرث من أبيه مالاً, وحاله أحسن ممن ورث؟ وبأن يعلم أنه يجمع المال لولده, يريد أن يترك ولده بخير, وينقلب هو إلى شر, وأن ولده إن كان تقياً صالحاً فالله كافيه, وإن كان فاسقاً فسيستعين بماله على المعصية ويعالج قلبه أيضاً بكثرة التأمل في الأخبار الواردة في ذم البخل, ومدح السخاء, وما توعد الله به على البخل من العقاب العظيم. 

ومن الأدوية النافعة: كثرة التأمل في أحوال البخلاء, ونفرة الطبع عنهم, واستقباحهم له, فإنه ما من بخيل إلا ويستقبح البخل من غيره, ويستثقل كل بخيل من أصحابه.

ويعالج أيضاً قلبه بأن يتفكر في مقاصد المال ؟ فلا يحفظ من المال إلا بقدر حاجته, والباقي يدخره لنفسه في الآخرة, يحصل له ثواب بذله.

                       كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

التفاؤل .. حياة – فيصل بن علي البعداني

منذ حوالي ساعة لقد جاء الإسلام حاثّاً على الرجاء والأمل، وداعياً إلى التفاؤل الإيجابي الدافع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *