يا أبناء أمة الإسلام احرصوا على وحدة صفكم واعتصموا بحبل الله جميعًا، ولا تجعلوا الخلافات الفقهية، أو التصورات في الفهم بينكم مجالًا للفرقة بين المسلمين..
إلى كل مسلمٍ محب لربه خاشعٍ له ومنيبٍ إليه: لتكن دعوتك لله وبالله، لا للبشر ولا بالبشر، فتذكر قول أفضل صحابة رسول الله، أبي بكر رضوان الله عليه حين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مات وأبو بكر بالسنح – قال: إسماعيل يعني: بالعالية – فقام عمر يقول: والله ما مات رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قالت: وقال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك، وليبعثنه الله، فليقطعن أيدي رجالٍ وأرجلهم، فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله، قال: بأبي أنت وأمي، طبتَ حيًّا وميتًا، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا، ثم خرج فقال: أيها الحالف على رسلِك، فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه، وقال: ألا من كان يعبد محمدًا صلى الله عليه وسلم فإنَّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإنَّ الله حيٌّ لا يموت، وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]، وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144]، قال: فنشج الناس يبكون.
وهنا لا بد أن نفكر معا في هذا الموقف جليًّا.
أيها الشاب المؤمن بالله المتحمس لدعوته، لقد كان موقفُ عمر رضي الله عنه متحمسًا، وسبق فعله تفكيرَه فاندفع قائلا: ” والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم – قالت عائشة: وقال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك – وليبعثنَّه الله، فليقطعنَّ أيدي رجال وأرجلهم”.
إن كثيرًا من شباب الدعوة الإسلامية ليفعلون فعل عمر رضي الله عنه، فيقولون ويفعلون مندفعين بحماستهم.
وهذا يلاحظه المتعقل والدارس لفعل كثير من الشباب المسلم على قنوات التواصل على النت، اندفاع بلا تروي، وفعل بلا تفكير، وهنا تكون مصيدة شياطين الإنس والجن، والنفخ في أوداج الشباب، ليزدادوا حماسة واندفاعًا، ويتم غلق العقول، ويسهل قيادة الشياطين لهؤلاء الشباب الذين أغلقوا عقولهم ولا يعطون لأنفسهم ذرة من وقتٍ للتفكير.
ووالله الذي لا إله إلا هو إني تعلمت من دراستي كأستاذ جامعي لعلوم النفس والاجتماع، التي برع فيها اليهود ليقودوا بها العالم، ومن تحليلي العلمي لما جاء في القرآن والسنة من تدريب الله لآدم عليه السلام قبل توليه الخلافة في الأرض وقوله له: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [الأعراف: 22]، تعلمت كيف يقود الشيطانُ للإنسانَ بهذا الاندفاع النفسي وغلق التفكير.
أيها الشاب: اعلم أن وراء قنوات التواصل هذه علماء الشيطان الذين يحللون كل صغيرة وكبيرة، ويقودون العالم للتمزق والحروب بأشكاله المختلفة.
ولنعود إلى مقف أبي بكر رضي الله عنه موقفِ التعقل والتروي والتفكير قبل الفعل:
فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبَّله، قال: بأبي أنت وأمي، طبت حيًّا وميتًا، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا، ثم خرج فقال: أيُّها الحالفُ على رسلِك، فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فحمد اللهَ أبو بكر وأثنى عليه، وقال: ” ألا من كان يعبدُ محمدًا صلى الله عليه وسلم فإنَّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبدُ الله فإنَّ الله حيٌّ لا يموت، وقال: وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]، وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144].
ماذا فعل أبو بكر رضي الله عنه؟
ذهب ليتأكد من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولًا، ثم خاطب عمرَ رضي الله عنه بلطفٍ – أكرر بلطف -: ” أيُّها الحالفُ على رِسلِك “، وثالثًا: حمد الله وأثنى عليه.
رابعًا: قال قولته الشهيرة: ألا من كان يعبدُ محمدًا صلى الله عليه وسلم فإنَّ محمدًا قد مات، ومن كان يعبدُ الله فإنَّ الله حيٌّ لا يموت، وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]، وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144].
لاحظ أيها الشاب: لقد استعان أبو بكر بالله، ثم أكد صحة كلامه بقول الله في القرآن الكريم، ولم يقل إلا ما قال الله – أكرر – ولم يقل إلا ما قال الله، ومن أصدق من الله قيلًا، ومن أصدق من الله حديثًا.
ولم يهاجم ما قام به عمر رضي الله عنه، ولم ينشغل بذلك كما يفعل الكثير من الشباب المندفع بدون تفكير.
انظر ماذا كانت النتيجة الرائعة في تحقيق الهدف وعدم الانجرار وراء الشيطان في معارك جانية: ” فنشَجَ الناسُ يبكون “.
لقد بصَّر أبو بكر الناسَ الهدى، وعرَّفهم الحقَ الذي عليهم وخرجوا به، يتلون: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144].
يا شباب الدعوة الإسلامية هل لكم في أفضل السلف الصالح ثاني اثنين إذ هما في الغار، قدوةً نقتدي بها في دعوتنا، تفكير وتدبر واقتداء واستعانة بالله، وتوحيد خالص، ولا نزيد ولا نتأول ولا نبتدع كلمات ومصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان.. لا اندفاع بدون علم، ولا نقول إلا ما قال الله ورسوله.
يا أبناء أمة الإسلام احرصوا على وحدة صفكم واعتصموا بحبل الله جميعًا، ولا تجعلوا الخلافات الفقهية، أو التصورات في الفهم بينكم مجالًا للفرقة بين المسلمين، ما دمتم موحدين بالله، واتركوا هذه الأمور للبحث بين الفقهاء والعلماء واجتهاداتهم، وأي داعية يستخدم هذه الأمور للشهرة والظهور بين الناس فاجتنبوه. ولا تجعلوا وسائل النشر والتواصل الاجتماعي ساحة لهذه المعارك، فتتفرق أمتكم وتكونوا أنتم السبب في ذلك، فيستغل أعداء الله فرقتكم ويستخدمكم أنتم في تحقيق مآربه.
احرصوا أن تكون النصيحةُ بينكم بالاتصال الشخصي وليس في المجموعات، على أن تكون النصيحة بالحسنى وبالدليل من القرآن والسنة.
واحرصوا على ترقيقِ القلوب بينكم، ولا تنشروا إلا ما يوحد صف المسلمين، ويحببهم بعضهم في بعضهم، واعلموا أن وسائل النشر والتواصل كلها ملك لليهود وبقياداتهم، وهي وسيلتهم في قيادة العالم وتجميع المعلومات وتحليلها لاتخاذ قراراتهم وتوجيه عقول الناس نحو تحقيق أهدافهم، وهذا دأب اليهود على مر العصور كما أخبرنا الله بذلك في القرآن الكريم.
_________________________________________________________
الكاتب: أ. د. فؤاد محمد موسى
Source link