إن الوقت هو الحياة، واﻹنسان الذي لا يملك وقته ولا يملك التصرف فيه هو إنسان مغبون، وهذا ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»
إن الوقت هو الحياة، واﻹنسان الذي لا يملك وقته ولا يملك التصرف فيه هو إنسان مغبون، وهذا ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»؛ (رواه البخاري).
فالصحة والفراغ نعمتان عظيمتان، من استغلهما في طاعة الله وفيما ينفعه في دينه ودنياه فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله وفيما يضره ولا ينفعه فهو المغبون.
أيها المسلمون، نقول هذا الكلام ونحن في بداية إجازة نهاية العام، والإجازة جزء ثمين من العمر، إذا فات لايعود، فاشغلوا أنفسكم ومن تحت أيديكم بالحق وفعل الخير؛ فإن النفوس إن لم تُشغَل بالحق اشتغلت بالباطل، والوقت إن لم يُملأ بالنافع امتلأ بالضارِّ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول يوم القيامة قَدَما عبدٍ حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن علمه ماذا عمل فيه، وعن ماله من أين أخذه وفيما أنفقه»؛ رواه ابن حبان والترمذي.
وقال الحسن البصري رحمه الله: “ما من يوم ينشق فجره إلا نادى مُنادٍ من السماء: يا بن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزوَّد مني بعمل صالح؛ فإني لا أعود إلى يوم القيامة“.
وقال الشاعر:
دقَّاتُ قلبِ المرء قائلة لـــــــــه ** إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها ** الذكر للإنسان عمر ثاني!
عباد الله، إن من يقرأ سِيَر العديد من العظماء الناجحين يرى أن هنالك عاملًا مشتركًا بينهم؛ ألا وهو: العناية بالوقت، فقد كانوا يدركون قيمة الوقت ويستثمرونه في إنجاز أفضل الأعمال ذات الأثر الكبير والنفع المتعدي، ويحسنون التنظيم والترتيب لأولوياتهم حسب أوقاتهم.
قال ابن هبيرة:
الوقت أنفس ما عنيت بحفظه ** وأراه أسهل ما عليك يضيع
أما بعد: فاتقوا الله رحمكم الله، وبادروا بالأعمال الصالحة واستثمروا أوقاتكم فيما يُقرِّبكم إلى ربكم، فزيادة الأوقات نعمة، واستثمارها في الخير بركة، وإضاعتها حسرة ونقمة {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281].
أيها المسلمون، لنحرص كل الحرص على العناية بأوقاتنا وساعات أعمارنا؛ فإن ما مضى لا يعود، وماسيأتي غيب جديد، ولا يدري أحدُنا لعلَّه لم يبق في أجله مايستطيع أن يقدم فيه خيرًا أو يتدارك فيه تقصيرًا.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناءك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك» صحيح على شرط الشيخينِ ولم يُخرِّجاه وصحَّحه اﻷلباني.
عباد الله، ومن الأفكار النافعة لاستثمار أوقاتنا وأوقات أولادنا في هذه الإجازة:
• المشاركة في البرامج والدورات النافعة في أمر الدين والدنيا؛ كالدورات القرآنية والعلمية، والأندية الصيفية، وبرنامج تطوير القدرات؛ كتعلُّم الحاسب أو اللغة أو غير ذلك من المجالات المفيدة.
• ومن الأفكار: الترويح عن النفس والأهل بالسفر والسياحة، مع البُعْد عن مواطن المنكرات، التي لا ينبغي ولا يجوز للمسلم شهودها.
• وخير ما يسافر المرء إليه، مكة والمدينة، لأداء العمرة وزيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
• ومما تستثمر به الإجازة: صلة الأرحام، وتكرار الاجتماع بهم.
• ومن الأفكار النافعة: التعاون مع الأقارب أو الجيران لتنفيذ مشروع خيري يبقى أثره ويدوم أجره؛ كإطعام الطعام، ومشاريع سقي الماء، وكفالة الأيتام، وبناء أو صيانة المساجد، ودعوة غير المسلمين إلى الإسلام، أو تعليم المسلمين، وغيرها من أبواب البر الكثيرة.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لاستثمار أوقاتنا فيما يرضيه، وأن يعيننا على العمل بطاعته، واجتناب معاصيه، ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.
__________________________________________________________
الكاتب: تركي بن إبراهيم الخنيزان
Source link