من أقدم الكتب المصنفة في أمور الاعتقاد: كتاب الإمام أبي محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري المتوفى سنة (329ه) رحمه الله, الموسوم بـــــــــــ ” شرح السنة ” وقد أثنى على كتابه أهل العلم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين…أما بعد: فمن أقدم الكتب المصنفة في أمور الاعتقاد: كتاب الإمام أبي محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري المتوفى سنة (329ه) رحمه الله, الموسوم بـــــــــــ ” شرح السنة ” وقد أثنى على كتابه أهل العلم, قال العلامة صالح فوزان الفوزان : تأتي أهميته من قدمه فهو من كتب السلف…الذين عاصروا الأئمة الكبار وأخذوا عنهم وروا عقيدتهم الصافية. وقال الدكتور محمد سعيد القحطاني : هذا الكتاب النفيس…القيم…بيّن فيه معتقد أهل السنة والجماعة وعرضه بأسلوب سهل ممتع…فكان بحق رغم صغر حجمه دُرّة فريدة في عرض معتقد السلف الصالح لمن كان ينشد الحق ويبحث عن الصواب.
وقد يسّر الله فقرأتُ الكتاب واخترتُ بعضًا مما جاء فيه, أسأل الله أن ينفع بذلك
أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, ورحمهم أجمعين, هم أهل السنة والجماعة, فمن لم يأخذ عنهم فقد ضل وابتدع, وكلُّ بدعة ضلالة, والضلالة وأهلها في النار. قال عمر بن الخطاب رحمه الله: لا عُذر لأحدٍ في ضلالة ركبها حسبها هدى, ولا في هدى تركهُ حسبه ضلالة, فقد بينت الأمُور, وثبتت الحجّةُ, وانقطع العذر.
واعلم رحمك الله أنه لا يتم إسلام عبدٍ حتى يكون مطيعًا مصدقًا مسلمًا, فمن زعم أنه بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناهُ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد كذبهم, وكفى به فُرقةً وطعنًا عليهم, وهو مبتدع ضال مُضلّ, مُحدث في الإسلام ما ليس منه.
انظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن, ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر هل تكلم به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء؟ فإن وجدت فيه أثرًا عنهم فتمسك به, ولا تجاوره لشيءٍ, ولا تختر عليه شيئًا فتسقط في النار.
واحذر ثم احذر أهل ومانك خاصة, وانظر من تُجالس, وممن تسمع, ومن تصحب.
- ليس في السنة قياس وإنما التصديق بآثار الرسول علية الصلاة والسلام:
اعلم…أنه ليس في السنة قياس ولا يضرب لها الأمثال ولا تتبع فيها الأهواء وهو التصديق بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا كيف ولا شرح, لا يقال لِم, وكيف؟
- من يطعن في الآثار يتهم على الإسلام:
إذا سمعت الرجل يطعن على الآثار, ولا يقبلها أو ينكر شيئًا من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتهمه على الإسلام فإنه رجل رديءُ القول والمذهب وإنما طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه, لأنه إنما عرفنا الله, وعرفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وعرفنا القرآن, وعرفنا الخير والشرّ, والدنيا والآخرة بالآثار.
وإذا سمعت الرجل تأتيه بالأثر فلا يريده, ويُريدُ القرآن فلا تشك أنه رجل قد احتوى على الزندقة, فقم من عنده ودعه.
- العقل فضل من الله تبارك وتعالى:
العقل مولود, أُعطي كل إنسان من العقل ما أراد الله, يتفاوتون في العقول مثل الذرة في السماوات, ويطلب من كل إنسان من العمل على قدر ما أعطاه من العقل, وليس العقل باكتساب, وإنما هو فضل من الله تبارك وتعالى.
من تكلم في الصحابة رضي الله عنهم فهو صاحب قول سوء وهوى:
إذا رأيت الرجل يطعن على أحدٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فاعلم أنه صاحب قول سوء وهوى.
قال ابن عيينة: من نطق في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمةٍ فهو صاحب هوى.
ولا تُحدث بشيء من زللهم, ولا حربهم, ولا ما غاب عنك علمه, ولا تسمعه من أحدٍ يحدث به, فإنه لا يسلم لك قلبك إن سمعت.
واعلم أن من تناول أحدًا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه إنما أراد محمدًا صلى الله عليه وسلم, وقد آذاه في قبره.
- فضل الله عز وجل المؤمن على الكافر والطائع على العاصي:
اعلم أن الله فضل العباد بعضهم على بعض في الدين والدنيا, عدل منه, لا يُقالُ: جار ولا حابى, فمن قال: إن فضل الله على المؤمن والكافر سواء فهو صاحب بدعةٍ, بل فضل الله المؤمنين على الكافرين, والطائع على العاصي, والمعصوم على المخذول, عدل منه, هُو فضله يُعطي من يشاء ويمنعُ من يشاء.
- علم الباطن بدعة وضلالة:
كلُّ علم ادعاه العباد من علم الباطن لم يوجد في الكتاب والسنة فهو بدعة وضلالة, ولا ينبغي لأحدٍ أن يعمل به ولا يدعو إليه.
- تحذير من يجلس مع أهل الأهواء:
إذا رأيت الرجل جالس مع أهل الأهواء فحذره وعرفه, فإن جلس معه بعد علم فاتقه, فإنه صاحب هوى.
خطورة علم الكلام:
اعلم رحمك الله أنه ما كانت زندقة قط ولا كفر ولا شك ولا بدعة ولا ضلالة ولا حيرة في الدين إلا من الكلام وأصحاب الكلام والجدال والمراء والخصومة.
إياك والنظر والكلام والجلوس إلى أصحاب الكلام, وعليك بالآثار, وأهل الآثار, وإياهم فاسأل, ومعهم فاجلس, ومنهم فاقتبس.
وإذا أردت الاستقامة على الحق وطريق أهل السنة قبلك فاحذر الكلام وأصحاب الكلام…فإن استماعك منهم وإن لم تقبل منهم يقدح الشك في القلب, وكفى به قبولًا فتهلك.
إذا ظهر لك من إنسان شيء من البدع, فاحذره, فإن الذي أخفى عنك أكثر مما أظهر.
إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى, وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله, لقول فضيل: لو كانت لي دعوة ما جعلتها إلا في السلطان.
فأمرنا أن ندعو لهم بالصلاح, ولم نؤمر أن ندعو عليهم وإن ظلموا, وإن جاروا, لأن ظلمهم وجورهم على أنفسهم, وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين.
- القول في الدين بالرأي والقياس قول على الله بغير علم:
اعلم أن من قال في دين الله برأيه وقياسه وتأويله من غير حجةٍ من السنة والجماعة فقد قال على الله ما لا يعلم, ومن قال على الله ما لا يعلم فهو من المتكلفين.
- تجنب الخصومة والجدال والمراء:
الكلام والخصومة والجدال والمراءُ محدث يقدح الشكّ في القلب, وإن أصاب صاحبه الحق والسنة.
والعجب كيف يجترئ الرجل على المراء والخصومة والجدال, والله تعالى يقول: { ﴿ ما يجادلُ في آيات الله إلا الذين كفروا ﴾} [غافر:4] فعليك بالتسليم والرضى بالآثار, وأهل الآثار, والكف والسكوت.
- الحذر من صغار المحدثات:
الحذر من صغار المحدثات من الأمور, فإن صغير البدع يعود حتى يصير كبيرًا, وكذلك كل بدعة أُحدثت في هذه الأمة, كان أولها صغيراً يُشبه الحق, فاغترَّ بذلك من دخل فيها, ثم لم يستطع الخروج منها, فعظمت وصات ديناً يدان به.
- العلم ليس بكثرة الرواية والكتب:
اعلم رحمك الله أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب, إنما العالم من اتبع العلم والسنن, وإن كان قليل العلم والكتب, ومن خالف الكتاب والسنة فهو صاحب بدعة, وإن كان كثير العلم والكتب.
- الفرار من الفتن ولزوم البيوت:
إذا وقعت الفتنة فالزم جوف بيتك, وفرَّ من جوار الفتنة, وإياك والعصبية, وكُلُّ ما كان من قتال بين المسلمين على الدنيا فهو فتنة, فاتق الله وحده لا شريك له, ولا تخرج فيها, ولا تقاتل فيها, ولا تهو, ولا تُشايع, ولا تُمايل, ولا تُحبّ شيئاً من أمورهم, فإنه يقال: من أحبَّ فعال قوم _ خيرًا كان أو شرًا _ كان كمن عمله, وفقنا الله وإياكم لمرضاته, وجنينا وإياكم معصيته.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
Source link