منذ حوالي ساعة
استنميت وانا حائض يا شيخ لكن والله ندمت على ذلك وانا اجلد نفسي كلما تذكرت ذلك ماهو حكم ذلك ارجو الرد من حضرتكم بكل دقة وتفصيل
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فالاستمناء محرم بالكتاب والسنة والمعقول وهو قوا أكثر أهل العلم؛ قال – تعالى -: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5، 7]،.
فالواجب على من وقع في تلك المعصية أن يسرع بالتوبة النصوح والاستغفار والعزم على عدم العود، مع الابتعاد عن جميع أسبابها من المهيجات، وحفظ الخطرات، وغض البصر عن المحرمات، والفرار إلى الله، والجد في الهرب إليه، منطرحة على بابه متضرعة متذللة، خاشعة باكية آسفة، متذكرة عطف الله وبره ولطفه ورحمته، ورأفته وإحسانه وجوده وكرمه، مع غناه وقدرته من غير أنه من رحمة الله تعالى أنه جعل باب التوبة مفتوحًا على مصرعيه أمام المذنبين، وسبيل التوبة مفتوح دائمًا لكل من قصده، وسعة رحمته وسعت كل شيء؛ وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي”، فذُنُوبُ العبد وإنْ عظُمَت وتكررت فإنَّ عفوَ الله ومغفرته أعظمُ. والتوبة من أجل وأحب الطاعات إلى الله تعالى، وهو سبحانه يفرح بتوبة عبده أعظم من فرح هذا الواجد لراحلته في الأرض المهلكة، بعد اليأس منها، كما في الصحيح عن أبي هريرة.
ومن حكمة الله تعالى أن خلى بين العبد وبين الذنب، وأقدره عليه وهيئ له أسبابه، وأنه لو شاء لعصمه وحال بينه وبينه، ولكنه خلى بينه وبينه لحكم عظيمة، منها أنهم يطلبوا عفوه ومغفرته فيغفر لهم؛ كما روى مسلم “لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم”.
قال الإمام ابن القيم في “شفاء العليل”(ص: 223): “فلو لم يقدر الذنوب والمعاصي فلمن يغفر، وعلى من يتوب، وعمن يعفو، ويسقط حقه، ويظهر فضله وجوده وحلمه وكرمه؛ وهو واسع المغفرة، فكيف يعطل هذه الصفة! أم كيف يتحقق بدون ما يغفر! ومن يغفر له! ومن يتوب! وما يتاب عنه”. اهـ.
والله سبحانه بشر عباده أنه يغفر جميع الذنوب لكل من تاب، بل يغفر الشرك والكفر والكبائر لمن تاب إليه؛ قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
وقال – تعالى -: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}[النساء: 17]، وقال: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[التوبة: 104]، وقال: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ* وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}[الشورى: 25، 26].
والعبدَ إذا أذنبَ ثُمَّ تاب مِن ذُنُوبِه وصدق في توبته، فإنَّ الله يقبَلُ توبَتَه؛ قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} [طـه: 82]، والآيات بهذا المعنى كثيرة جدًا،هي ظاهرة الدلالة أن كل من تابَ واستغفَر وأصلحَ عفا الله عن كلِّ ذنوبه، حتى أعظمَ الذُّنوب وأكبر الكبائر، والكُفْرِ والشِّرك؛ لأنَّ وعْدَ الله لا يُخلَف، وحقُّ الله تعالى في جانب العفو والصفح أرجح، روى الترمذي عن أنسِ بْنِ مالكٍ قال: سمعتُ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: “قال اللهُ تبارك وتعالى: يا ابْنَ آدَمَ إنَّك ما دَعَوْتَني ورَجَوْتَنِي غفرتُ لك على ما كان فيكَ ولا أُبالي، يا ابنَ آدَمَ لو بلغتْ ذُنُوبُك عَنانَ السَّماء ثمَّ اسْتَغْفرتَنِي غفرتُ لك ولا أبالي، يا ابْنَ آدَمَ إنَّك لو أتيتَنِي بقراب الأرْضِ خطايا ثُمَّ لقيتَنِي لا تُشْرِكُ بي شيئًا لأتيتُك بقرابِها مغفرة”.
ولكثري من فعل الصالحات، فإنَّ الحسناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئات، مع تقوية خشية الله – تعالى – والرغبة في ما عنده، واستشعار مراقبته؛ فالخوف من الله هو الحاجز الصلب أمام دفعات الهوى العنيفة، وقل أن يثبت غير هذا الحاجز أمام دفعات الهوى؛ كما قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات: 40 – 41]،، والله أعلم.
Source link