الإنفاق مع الرياء أشدَّ قبحًا، وأعظم خطرًا على صاحبه من البخلِّ والشُّحِّ، ولِمَ لا والرياء شرك أصغر؟
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} [النساء: 38].
تأمل قولَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ}، وكيف عطف الله تعالى الإنفاق مع الرياء، مع البخل والشُّحِّ في قوله: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} [النساء: 37]؛ لتعلم أن الإنفاق مع الرياء أشدَّ قبحًا، وأعظم خطرًا على صاحبه من البخلِّ والشُّحِّ، ولِمَ لا والرياء شرك أصغر؟ فَعَن مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ»، قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ»[1].
ومما يدل على خطر الرياء وقُبحه أن الكلام في هذه الآية وسابقتها فيه ترقٍّ من الأدنى للأعلى، فبدأ بالأدنى الأقل خطرًا حتى انتهى إلى أعظمها خطرًا، فبدأ بالبخل: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ}، ثم الشح وهو أشد قبحًا من البخل: {وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}، ثم كتمان فضل الله تعالى: {وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، ثم إنفاق المال رياءً وسُمعةً: {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ}.
أرأيت إلى خطر الصدقة الممزوجة بالرياء؟
ربَّ قولِ معروفٍ خيرٍ من صدقةٍ وإن بلغت ما بلغتِ، ألم تسمع قول الله تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة: 263]، بل لا قبول لها عند الله تعالى؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} [البقرة: 264].
[1] -رواه أحمد- حديث رقم: 23630، بسند حسن.
________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب
Source link