الأضحيةُ منْ شعائرِ اللهِ – طريق الإسلام

في هذه الأيام، وقبل هذه الأيام، يستعد المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ليوم العيد، يوم الأضحى، سواء كان هؤلاء المسلمين حجاجاً إلى بيت الله الحرام، فهم يستعدون لذبح الهدي والفداء يوم العيد، أو غيرَهم في مشارق الأرض ومغاربها؛ يذبحون عندهم الأضاحي.

عِبَادَ اللهِ: في هذه الأيام، وقبل هذه الأيام، يستعد المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها ليوم العيد، يوم الأضحى، سواء كان هؤلاء المسلمين حجاجاً إلى بيت الله الحرام، فهم يستعدون لذبح الهدي والفداء يوم العيد، أو غيرَهم في مشارق الأرض ومغاربها؛ يذبحون عندهم الأضاحي.

والأُضحِية: واحدة الأضاحي؛ وهي: ما يُذبَح من بهيمة الأنعام (الإبل، والبقر، والغنم)، أيَّام عيد الأضحى في الأمصار؛ تقرُّبًا إلى الله تعالى.

والذبائح التي تُذبَح عِبادة لله تعالى؛ وتقرُّبًا إليه هي: الهدي – الأضاحي – العقيقة.

 

والقُربان للخالق يَقوم مَقام الفِدية عن النفس المستحقَّة للتلف، فكأنَّ العبد يفتَدِي نفسَه بما يتقرَّب به إلى الله تعالى من هذه الذبائح عند مُناسَباتها.

ولم يزل ذبح المناسك وإراقة الدِّماء على اسم الله مَشرُوعًا في جميع الملل.

قال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 34].

فلا خِلافَ في مشروعيَّة الأُضحِيَّة؛ فإنها من شَرائِع الدِّين، قال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2].

 

قال أهل التفسير: المراد بالنَّحر: ذبْح الأُضحِيَّة بعد صَلاة عيد الأضحى.

 

ولا شكَّ أنَّ صلاة الأضحى داخِلة في عُموم قوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ}، وأنَّ الأُضحِيَّة داخِلة في عموم قوله: وَانْحَرْ)

وروى الإمام أحمد والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يُضحِّي”.

 

وفي الصحيحين عنه رضي الله عنه أيضًا، قال: “ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشَيْن أملحَيْن أقرنَيْن، ذبحهما وسَمَّى وكبَّر، ووضَع رِجلَه على صِفاحهما”. والأحاديث في مشروعيَّة الأُضحِيَّة كثيرةٌ،

وقد واظَب خُلَفاء النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الأُضحِيَّة في حَياته صلى الله عليه وسلم وبعدَ وَفاته، وكذلك المسلمون من بعدهم في سائر الأعصار والأمصار؛ فدَلَّ على مشروعيَّتها الكتابُ والسنَّة والإجماع.

 

والجمهور على أنها سنَّة مؤكَّدة (غير واجبة) في حَقِّ كلِّ مَن قدر عليها من المسلمين المقيمين والمسافرين، إلاَّ الحجَّاج بمنى، فاختار أكثرُ أهل العلم أنهم لا أُضحِيَّة عليهم؛ فإنَّ الأُضحِيَّة لغير الحجاج، وأمَّا الحجاج فالمشروع في حقِّهم الهدي.

قال أحمد: يُكرَه تركُها مع القدرة.

وذهَب جماعةٌ من أهل العلم إلى وجوبها، فأوجَبَها الإمام أبو حنيفة رحمه الله على كُلِّ مسلم حرٍّ، مُقِيم بين المسلمين، مالِكٍ للنِّصاب.

فالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، يُكْرَهُ للمُسْلِمِ أن يتركها إذا كان يَقْدِرُ عَلَى شِرَائِهَا؛ (المجموع للنووي ـ جـ8 ـ صـ385).
 

رَوَى مسلمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» (مسلم ـ حديث 1977).

 

فائدة مهمة: في هذا الحديث الشريف عَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأُضْحِيَّةَ بالإرادة، والتعليقُ بالإرادة يُنَافي الوجُوب.

رَوَى عَبْدُالرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ: إِنِّي لَأَدَعُ الْأَضْحَى، وَإِنِّي لَمُوسِرٌ مَخَافَةَ أَنْ يَرَى جِيرَانِي أَنَّهُ حَتْمٌ عَلَيَّ؛ (إسناده صحيح) (مصنف عبدالرزاق ـ جـ4 ـ صـ383).

رَوَى عَبْدُالرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَوَاجِبَةٌ الضَّحِيَّةُ عَلَى النَّاسِ؟ قَالَ: لَا، وَقَدْ ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ (إسناده صحيح). (مصنف عبدالرزاق ـ جـ 4ـ صـ 380).

قَالَ الإمَامُ مَالِكُ بْنُ أنَسٍ (رَحِمَهُ اللهُ): الضَّحِيَّةُ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ مِمَّنْ قَوِيَ عَلَى ثَمَنِهَا أَنْ يَتْرُكَهَا؛ (موطأ مالك ـ جـ 1 ـ صـ 388).

والسنة في الأصل أن يذبح أهل البلد في بلدهم؛ لأن الشرع يريد أن تكون الأضحية عبادة علنية، وليست سرية؛ ولذلك لو قال: أريد أن أتصدق بثمنها ولا أذبح، نقول: لا يقوم مقامها، فإن قال: أتصدق بعشرة أضعاف ثمن الأضحية، فنقول: لا يقوم مقامها التصدق بالنقود، وإذا قال: أشتريها مذبوحة من المسلخ، نقول: ليست بأضحية حتى تنوي ذبحها على أنها أضحية، فإنهار الدم لله عبادة عظيمة.

كان المشركون يذبحون لأصنامهم فجاء الإسلام بالذبح لله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2]لربك، {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي} [الأنعام:162].

يعني: ذبحي لله؛ ولذلك انهار الدم على اسم الله بحد ذاته عبادة عظيمة.

قال تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الحج:36].

وقال تعالى: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج:37].

فيها إحياء لسنة الخليل إبراهيم عليه السلام لما فدى الله عز وجل ولده إسماعيل بكبش عظيم، وفيها توسعة على النفس وأهل البيت، وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء، والتصدق على الفقراء، وفيها شكر لله على نعمة الحياة، فلما أحياك الله إلى هذه السنة شكرته بذبح أضحية، فلما أحياك إلى السنة التي بعدها شكرته بذبح أضحية، وهكذا.

ومما يؤسف عليه أن بعض الناس لا يستحضرون النية عند شراء الأضحية، فتختلف نياتهم وقد تفسد أو تبطل، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل امريء مانوى» (رواه البخاري ومسلم).

فالأعمال صالحة أو فاسدة أو مقبولة أو مردودة بالنيات، والنية لابد أن تصحح في جميع العبادات ومنها عبادة الذبح والنحر.

فأنت تذبح ابتغاء وجه الله والدار الاخرة، هذه هي نيتك، لاتتذمر من ثمنها إن كنت موسراً، فأنت لم تذبح عادةً ولا افتخاراً على الناس ولا مجاراةً للأصدقاء و لا الجيران ولا موافقةً للأقران، ولا تفريحاً للأطفال ولا لأجل اللحم، ولا ولا، إنما أردتَ بهذه الأضحية وجه الله والدار الاخرة.

قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163].

تنبيه: بمناسبة قرب وقت الأضاحي، إياك أخي المسلم وأختي المسلمة من نقل أو كتابة أي نكت أو صور أو تعليقات ساخرة عن الأضاحي، فهي شعيرة من شعائر الله.

قال الله تعالي في محكم تنزيله: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنه من تقوي القلوب} } [الحج32].

وصلى الله على نبينا محمد.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

من فضائل الصلاة علي النبي ﷺ

منذ حوالي ساعة «مَن صَلَّى عَلَيَّ واحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عليه عَشْرًا» . [صحيح مسلم وصحيح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *