إذا فإفحام أي داعية ضلال سهل وميسور بحمد الله وفضله وهو مصداق لقوله تعالى {(إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)} ، وهو أن نرجعه إلى أصل عقيدته وهل فيها معيار عليه دليل للصواب والخطأ.
نحن في زمن قل أن تجد شخصا غير متأثر بوسائل التواصل الاجتماعي، فإن لم يكن متابعا لها أصابه غبارها على أقل تقدير، ومن أهم مميزات هذه الوسائل وجود الغث والسمين والحق والباطل والظلمات والنور وكل المتناقضات تقريبًا، بل إن اليد الطولى فيها للباطل وأهله، نظرًا للقوة السياسية والمالية الضخمة التي تسخر لإدارة ترسانة إعلامية ضخمة، تصب عليها للملايين صبًا {(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)} .
فمن السهولة بمكان أن تنشر مواد في هذا الفضاء المفتوح، وما أكثر المواد التي تهاجم الإسلام والمسلمين وتشككهم في دينهم، وأحيانًا يجد المسلم تعليقات مستفزة تنشر الشبهات حول الإسلام ومصادر التشريع فيه.
والشبهات في هذا الفضاء لا تنتظر من يبحث عنها، أو يذهب إليها، بل هي تطارده في كل مكان، حتى في الألعاب ومحتوى الترفيه، فأمواج الشبهات تتلاطم أمام المسلم وإن ولى هاربا منها لحقته وأحاطت به.
وكثير من عامة المسلمين يضيق صدره لكثرة الشبهات التي تطرح، والسخرية التي يمارسها كهنة العلمانية وأذنابهم بالإسلام والمسلمين، ولكن لا يعلم أن الدين العلماني أوْهى من بيت العنكبوت، وأفضل مواجهة لتلك الفتن طلب العلم الشرعي، والتسلح بنصوص الكتاب والسنة، ولكن هنا ثلاثة أسئلة يمكن للمسلم العادي أن يطرحها على كهنة العلمانية وأذنابهم وهي كفيلة بإفحامهم مهما كانت شبهاتهم:
أولا: قال تعالى: {(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ)} هذا هو السؤال الأول، اطلب منهم تعريفا للعلمانية مع ذكر المرجع، لأن كثير من كهنة العلمانية وأذنابهم لما تسأله عن العلمانية يقول لك هي الصناعة هي الاختراع هي التقدم والبحث العلمي وهلم جر من الترهات والأكاذيب، فإذا عرَّف باطله يكون قد كشف هشاشته وضلاله بنفسه {(وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ)}
ثانيا: قال تعالى: {(فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)} هذا هو الحديث عن المرجعية، ومعيار الصواب والخطأ والأخلاقي واللاأخلاقي والعدل والظلم، وهذا المعيار واضح المعالم في الإسلام، أما في العلمانية فهو معضلة كبيرة، ومشكلة عويصة، لذا فالسؤال الثاني: ما هو معيار الصواب والخطأ والأخلاقي واللاأخلاقي والعدل والظلم في العلمانية؟ وطالبه أيضا بالمرجع الذي استند إليه في معياره هذا.
والسؤالان الأول والثاني قد يجيب عليه كهنة العلمانية، فإن أجابوا فألقمهم الحجر الثالث.
والسؤال الثالث مرتبط بما قبله لكن أهل الباطل عجزوا وسيعجزون عن الإجابة عنه ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، وهو مأخوذ من قوله تعالى: {(هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)} وهذا السؤال يقول: ما الدليل على صحة المعيار المسؤول عنه في السؤال الثاني؟
فالمعيار الصحيح من أعظم ما يقصم ظهور الباطل وأهله، بمن فيهم كهنة العلمانية والليبرالية والنسوية وغيرهم من أهل الشر والفساد، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجد أهل الباطل معيار موضوعيا عليه دليل ينطلق من باطلهم، وعلى هذا فأي جريمة مهما عظمت يمكن تبريرها في حالة لم تكن مرجعيتنا وحي رباني معصوم، وإلى هذا المعنى يشير شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله (الناس لا يفصل بينهم النزاع إلا كتاب مُنزَّل من السماء، وإذا رُدُّوا إلى عقولهم فلكل واحد منهم عقل)
إذا فإفحام أي داعية ضلال سهل وميسور بحمد الله وفضله وهو مصداق لقوله تعالى {(إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)} ، وهو أن نرجعه إلى أصل عقيدته وهل فيها معيار عليه دليل للصواب والخطأ.
ولنضرب لذلك مثلا من الأمثلة الشائعة، فلو جاء أحد كهنة العلمانية أو مخدوع بهم وقال: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ظلم أو مجانبة للعدل، فإننا نطلب نقول له: ما هو المعيار الموضوعي المقرون بالدليل الذي من خلاله حكمت على أنه هذا ظلم، وبهذا نقول له كيف تحكم على شيء ما أنه ظلم وأنت مفلس من المعيار المبني على دليل للصواب والخطأ.
وبالمناسبة هذه الأسئلة تصلح لنسف كل مناهج الباطل سواء كانت ليبرالية أو نسوية أو ديمقراطية أو غيرها من المذاهب والأديان الباطلة، وأهل البدع والضلال، ونقول لهم: إذا كانت بيوتكم أوهي من خيوط العنكبوت فلا ترموا الآخرين بالحجارة.
والخلاصة أن أي اتجاه باطل يمكن نسفه بهذه الأسئلة الثلاثة حول: التعريف، المرجعية، والبرهان على صحة المرجعية.
Source link